تحذيرات نيابية من تفاقم أزمة المياه وتدمير القطاع الزراعي في العراق

بغداد- العراق اليوم:

تتصاعد التحذيرات النيابية والخبرات الفنية من تداعيات اتفاقية المياه الموقعة بين العراق وتركيا، والتي يرى مختصون أنها منحت أنقرة مساحة واسعة للتأثير في القرار المائي العراقي، في وقتٍ تعاني فيه محافظات الجنوب والفرات الأوسط من جفاف غير مسبوق يهدد القطاع الزراعي والأمن الغذائي في البلاد.

وأكد النائب ثائر الجبوري، أن الاتفاقية الموقعة بين بغداد وأنقرة "أعطت تركيا حيزاً كبيراً في التحكم بالقرار المائي داخل العراق"، مشيراً إلى أن "الاتفاق أشبه بقانون تركي يُفرض على بغداد، دون أن يحقق مكاسب ملموسة للعراق من حيث الحصص المائية أو الضمانات الفنية".

وأوضح الجبوري أن "حق العراق في مياه نهري دجلة والفرات مكفول بموجب القوانين الدولية التي تُعطي دول المصبّ حقاً ثابتاً في حصص المياه"، مبيناً أن "هناك ثلاث آليات متعارف عليها دولياً لتقاسم المياه: تتعلق بالمساحات المروية، وكميات المياه الواصلة من المنبع إلى المصب، وطول مجرى النهر داخل أراضي كل دولة".

وطالب الجبوري بـ"إعلان بنود الاتفاقية أمام الرأي العام العراقي"، مؤكداً أن "منح الشركات التركية صلاحيات لإدارة الإطلاقات المائية يمثل سابقة خطيرة، لأنها تتيح لأنقرة التدخل في توزيع المياه داخل الأراضي العراقية، وهو ما قد يؤثر على الخطط الزراعية الشتوية والصيفية، ويهدد الأمن المائي والزراعي على حد سواء".

وفي سياق متصل، دعا النائب علي اللامي إلى "إنشاء صندوق الجنوب لمواجهة التداعيات المتفاقمة للجفاف، محذراً من أن الأزمة “توشك على شلّ النشاط الزراعي في محافظات الجنوب بنسبة تصل إلى 80%".

وقال اللامي ، إن "ارتدادات ما يُعرف بـ(تسونامي الجفاف) تضرب بقوة المحافظات الجنوبية، مسببة انهياراً في الزراعة وتوقفاً شبه تام في تربية المواشي والأسماك، ما أدى إلى فقدان آلاف الأسر لمصادر رزقها".

وأوضح أن "المرحلة الحالية تتطلب تخصيص تعويضات عاجلة للمناطق التي لم تُدرج ضمن الخطة الزراعية، إضافة إلى تشكيل لجنة عليا لدراسة التحول نحو أنماط زراعية جديدة تعتمد على محاصيل ذات استهلاك مائي منخفض وجدوى اقتصادية عالية".

وأشار اللامي إلى أن "اعتماد تقنيات الري الحديثة يمكن أن يقلل استهلاك المياه بنسبة تصل إلى 80–85%، وهو خيار استراتيجي يجب أن تتبناه الحكومة بشكل عاجل لتفادي كارثة إنسانية وزراعية في الجنوب".

تُظهر المؤشرات الميدانية أن العراق يواجه أخطر أزمة مائية في تاريخه الحديث نتيجة التغير المناخي وتراجع الإطلاقات المائية من دول المنبع، في ظل ضعف التنسيق الإقليمي وغياب الاستثمارات الكافية في مشاريع حصاد المياه والري الحديث.

ويرى خبراء أن الاتفاقية مع أنقرة كان يمكن أن تشكل فرصة لتثبيت حصة مائية عادلة، لو تضمنت آليات واضحة للرقابة والتوزيع المشترك، محذرين من أن تركيا باتت اليوم تملك تأثيراً مباشراً في القرارات المائية العراقية، وهو ما قد ينعكس على الأمن الغذائي والسيادة المائية مستقبلاً.