مصادر مقربة منه: السيستاني يدعو أنصاره إلى تجنب التظاهرة الصدرية

بغداد- العراق اليوم:

دعا المرجع الديني علي السيستاني، إلى تجنب المشاركة في التظاهرة التي دعا اليها زعيم التيار الصدري مقتدى الصدر، أخيرا، والمزمع انطلاقها بعد يوم غد الجمعة، فضلا عن عدم الترويج لها.

ونقلت صحيفة "إندبندنت" البريطانية، عن مصادر مقربة من المرجع السيستاني، أن الأخير وجه "الأتباع والمقلدين له بتجنب المشاركة في التظاهرة التي دعا إليها زعيم التيار الصدري مقتدى الصدر في بغداد يوم الجمعة، (24 كانون الثاني 2020) الحالي.

ودعا الصدر، في وقت سابق، إلى تظاهرة "مليونية" في بغداد، ضد الوجود العسكري الأميركي في العراق، في أعقاب مقتل قائد فيلق القدس في "الحرس الثوري الإيراني" قاسم سليماني ومساعده نائب رئيس هيئة الحشد الشعبي أبو مهدي المهندس في غارة أميركية قرب مطار بغداد في 3 كانون الثاني الجاري.

وجاءت دعوة الصدر، بعد اتجاه الغالبية الشيعية في مجلس النواب إلى استصدار قرار يلزم الحكومة بالعمل على إخراج القوات الأجنبية، وتحديدا الأميركية، من البلاد، فيما أعلنت الحكومة المستقيلة برئاسة عادل عبدالمهدي استجابتها الفورية، وباشرت بالتواصل مع واشنطن لتنظيم عملية الانسحاب.

لم يكن تحرك البرلمان إلا نتيجة ضغوط هائلة، مارستها "ميليشيات شيعية"، تملك تمثيلا مؤثرا في مجلس النواب، ما عكس حجم التأثير الإيراني في القرار السياسي العراقي.

ويعتقد مراقبون، أن تظاهرة الـ24 من الحالي التي دعا إليها الصدر من مقر إقامته في مدينة قم الإيرانية، هي محاولة لإضفاء طابع التأييد الشعبي على الحراك الموجه إيرانيا ضد الوجود العسكري الأميركي في العراق.

سيارات حكومية تنقل متظاهرين حزبيين

أحاطت شكوك كبيرة بطريقة تنظيم هذه التظاهرة، نظرا إلى أنها تأتي خارج سياق حركة الاحتجاج العفوية المستمرة في البلاد منذ أربعة أشهر.

وأظهرت وثائق رسمية أن مسؤولين حكوميين استخدموا صلاحيات حصرية، لاستعمال عجلات حكومية في نقل المحتجين من مدينة البصرة إلى بغداد، الموقع المركزي للتظاهر، ما دفع نشطاء حقوقيين إلى رفع دعاوى تتعلق بسوء استخدام المال العام.

وقال نشطاء إن استخدام العجلات الحكومية في نقل متظاهرين يشتبه في أنهم حزبيون، هو دليل على الطابع السياسي الموجه الذي يهمين على تظاهرة الصدر.

في المقابل، ذكرت مصادر سياسية أن السيستاني يتابع التصعيد الإيراني الجديد ضد الولايات المتحدة بقلق، ويخشى أن يؤدي إلى الإخلال بالتوازن الذي يسهم في المحافظة على استقرار البلاد الهش.

 وما أثار المخاوف أكثر من أن تكون التظاهرة مقدمة لاستيلاء إيراني علني على القرار العراقي، هو دخول "الميليشيات" الرئيسة على خط تأييدها، بل والإسهام في تنظيمها. وعلى سبيل المثال، تولت حركة "النجباء" المصنفة مع زعيمها أكرم الكعبي على اللائحة الأميركية للمنظمات الإرهابية، عملية تنسيق التغطية الإعلامية، فيما تتولى حركة "عصائب أهل الحق" المصنفة وزعيمها قيس الخزعلي أيضاً على قوائم الإرهاب، الإشراف على نقل المشاركين في التظاهرات من مدن الوسط والجنوب إلى العاصمة العراقية، على أن تتولى "كتائب الإمام علي" بزعامة شبل الزيدي جانب تأمين موقع التظاهرات في بغداد.

أنصار السيستاني لن يشاركوا

المصادر أضافت، أن مكتب السيستاني طلب من المكاتب الفرعية في بغداد والمحافظات، تجنب الترويج للتظاهرة التي دعا إليها الصدر، في ظل اقتراب الأخير من دائرة حلفاء إيران، على الرغم من تأكيده المستمر على استقلالية قراره السياسي.

ولم يقف السيستاني عند هذا الحد، بل وجه أحد مكاتبه الرئيسة في مدينة كربلاء، بدعم التصعيد الذي اختاره المحتجون العراقيون منذ مطلع الأسبوع، بعدما انتهت مهلتهم التي حددوها للأحزاب السياسية لتشكيل الحكومة الجديدة.

واعتبر دعم السيستاني لتصعيد المحتجين ضد السلطات الحاكمة، مؤشرا واضحا على موقفه الرافض لتصفية الحسابات بين الولايات المتحدة وإيران على أرض العراق، بمشاركة أطراف محلية.

لا مواقف وسطية

ويرفض قادة "الميليشيات" الموالية لإيران أي مواقف وسطية من أطراف عراقية في الأزمة بين واشنطن وطهران، ويريدون انحيازا تاما للأخيرة، وكل من لا يستجيب لهذا التوجه يُصنَّف ضمن "خانة العملاء والأعداء والخونة".

المرجع السيستاني سبق له أن أغضب الزعيم الإيراني الأعلى علي خامنئي بشدة، عندما ساوى بين الغارة الأميركية التي أدت إلى قتل سليماني والمهندس والرد الإيراني الثأري عليها بالهجوم على قاعدة عين الأسد غرب بغداد، واعتبر كلي الأمرين اعتداء على السيادة العراقية، ما تسبب في إطلاق حملة مناوئة ضده في أوساط حوزتي النجف وقم الدينيتين، وفقا لما نشرته الصحيفة.

 

علق هنا