بغداد- العراق اليوم:
من المرتقب أن يفتح مجلس النواب، بعد عطلة عيد الفطر التي تستمر حتى 10 يونيو/ حزيران المقبل، ملف ما يعرف بـ”أقرباء المسؤولين”، أو “المكاتب العائلية”، في إشارة إلى تعيين مسؤولين في الدولة أقرباء لهم بالوزارات والمؤسسات المختلفة. ويرفض برلمانيون تعيين مسؤولين لزوجاتهم وأبنائهم وأقرباء لهم بمراكز: سكرتير ومدير مكتب ومساعد مدير ومرافق وطاقم حماية وسائق، ويعتبرون أنّ قرارات كهذه تؤسس لنواة فساد تبدأ من وساطات التوظيف، وتنتهي عند عقود المشاريع والمناقصات، كما تفرض نوعاً من أنواع “المقاطعات العائلية” في مؤسسات الدولة. ووفقاً لتقرير مرفوع إلى المجلس الأعلى لمكافحة الفساد الذي يرأسه رئيس الوزراء عادل عبد المهدي، فإنّ غالبية المسؤولين والوزراء يتورطون بهكذا نوع من التعيينات، ما يعيق جهود مكافحة الفساد في العراق. وقال مسؤول عراقي رفيع المستوى في بغداد، في تصريح صحفي، اليوم الجمعة، إنّ “التقرير يؤكد تورط غالبية الوزراء الجدد والمسؤولين الذين جرى اختيارهم من الحكومة أو البرلمان بهذه الصفة، وهو طرد الكادر القديم وجلب آخر جديد، هو عبارة عن الأخ والابن والابنة وابن الأخ والزوجة وباقي الأقرباء، لتولّي وظائف مدير مكتب وسكرتير وسائق وحماية ومرافق وكاتب وحلقات أخرى موجودة في مكتب المسؤول”. وتابع أنّ “هذا الكادر سرعان ما يتحول إلى كتلة مغلقة تمرر من خلالها عمليات فساد ومعاملات غير قانونية، كون المعينين يسعون للاستفادة قدر الإمكان قبل خروج قريبهم الوزير أو المدير العام من المنصب بعد أربع سنوات”. وأضاف المسؤول العراقي الذي فضّل عدم الكشف عن هويته، أنّ “الموضوع يتعدى ذلك إلى تعيين وتوظيف حتى المحسوبين على طائفة أو عشيرة المسؤول في اختصاصات فنية بالمؤسسات العامة تحتاج لموظفين على دراية ويملكون شهادة”، مستشهداً بمثال عن تعيين محاسب في وزارة المالية لم يكمل الثانوية، ودبلوماسي في سفارة العراق في دولة عربية لديه شهادة إعدادية-صناعة. وترى كتلة “سائرون” بزعامة مقتدى الصدر، أنّ معالجة هذا الملف تعتبر وسيلة لتفكيك معادلة الفساد في العراق. وفي هذا الإطار، قال عضو تحالف “الإصلاح” فاضل الربيعي، اليوم الجمعة، إنّه “على الحكومة العراقية أن تلتفت لهذه الظاهرة التي عرفناها منذ حكومة نوري المالكي الأولى عام 2006 وما زالت مستمرة”، مضيفاً أنّ “أعضاء البرلمان سيتولون ذلك بالجلسات المقبلة بعد العيد”. ومن جهته، قال عضو التيار المدني محمد العيساوي، إنّ “رئيس الوزراء عادل عبد المهدي نفسه استقدم أقرباء له ليكونوا أفراد حمايته ومساعديه في ملفات عديدة”. وأسف لأنّ “هذه الظاهرة، وهي مخالفة إدارية وقانونية، حولت الدولة العراقية إلى مقاطعات عائلية وكل وزارة تعرف باسم حزب أو عشيرة أو أسرة مسؤول”. وأوضح أنّ “هذه الظاهرة لا تقتصر على وزارات العاصمة بغداد، بل تشمل مجالس ومؤسسات المحافظات”، مشيراً إلى أنّ “تعيين أقرباء المسؤولين تمدد ليشمل المؤسسات التعليمية كالكليات والمدارس”. وأقرّ وزير الكهرباء لؤي الخطيب، بوجود وزراء يقومون بتعيين أقرباء لهم في وزاراتهم، إلا أنّه نفى أن يكون ذلك قد حدث في وزارته. وقال الخطيب، في مقابلة متلفزة، إنّ “كثيراً من الوزراء والسياسيين يأتون بأقاربهم إلى وزاراتهم على مستوى مدراء المكاتب والحمايات الخاصة بهم”، نافياً الأنباء التي تحدثت عن قيامه بتعيين أقرباء في وزارة الكهرباء، بعد توليه المنصب في أكتوبر/ تشرين الأول 2018. وأضاف أنّ “بعض السياسيين روّجوا لتلك الأنباء بهدف الإبقاء على التصنيفات الطائفية والحمايات والجيوش التي تحيط بالمسؤول”، مشدداً على أنّ قيامه باستبدال وكلاء الوزير في وزارة الكهرباء “كان يهدف لمواكبة التغيير الذي تتطلبه المرحلة”. وقال الخطيب إنّ التغيير الذي حدث في وزارته “لم يكن على أساس طائفي، بل على أساس مهني”، مشيراً إلى أنّ “التوازن داخل وزارة الكهرباء ما زال محفوظاً”. والعرف المعمول به سياسياً في العراق، منذ الغزو الأميركي عام 2003، يقوم على مبدأ التوازن الذي يقضي بتوزيع المناصب المهمة في الوزارات على “الشيعة والسنة والكرد” بشكل يتوافق مع حصصهم في البرلمان والحكومة، إلا أنّ قوى “سنية” غالباً ما تدعي أنّها تتعرض للتهميش.
*
اضافة التعليق