بغداد- العراق اليوم:
افتتاحية جريدة الحقيقة
فالح حسون الدراجي
مساء يوم الأربعاء الماضي، كنت والعائلة نتابع بشغف عبر شاشة التلفاز ممثلي مفوضية الإنتخابات وهم يعلنون النتائج الأولية للانتخابات النيابية العراقية. وقبل أن يكتمل إعلان النتائج بلحظات، اتصل بي شقيقي قاسم، وهو ينقل لي خبراً مفجعاً وصادماً - ولكن بالتقسيط المريح - فهو يعرف أن خبراً مثل اغتيال ابن شقيقتي سيجهز حتماً على ما تبقى من قلبي المتعب والممزق.. لذلك بدأ بالقول : ( خويه أكو خبر .. بس مو مؤكد ) ..! قلت له: خير إن شاء الله، يا خير ؟ قال: يگولون .. يگولون .. على أساس طيف تعرض لحادث بمنطقة الدورة أو اللطيفية ما اعرف بالضبط. قلت: يا طيف، ويا لطيفية؟ قال: طيف ابن أختك !! قلت: وضح لي يا قاسم، مو دمرتني شنو الموضوع؟ قال: اتصل بنا شخص وقال وجدنا جثة النقيب طيف شعبان الفريجي مرمية بالمحمودية… ووو .. !! وضاع صوت قاسم مني .. فقد سقط التلفون من يدي وقبله سقط قلبي وجعاً .. لقد أدركت منذ أن قال لي قاسم: سلام عليكم .. !! أن ثمة أمراً جللاً وخطيراً حصل، وأن كل محاولات شقيقي اللاحقة بتخفيف الوطأة وتقسيط الصدمة أو تقسيمها فشلت في تهيئتي وإعدادي لاستقبال مثل هذا الخبر الفاجع المؤلم ! لقد كان صوت أخي قاسم مكسوراً، ونبرته مهشمة، ومرعوبة أيضاً، وهو ينقل لي الخبر .. ولم يكن صعباً عليّ اكتشاف ما سيأتي به من نبأ فاجع، فقد كان صوته عارياً ومكشوفاً وكافياً لمعرفة ما حصل وما سيحصل، حتى أني خفت على أخي وقلقت جداً، وشعرت أنه قد يحتاج إلى الطمأنينة والسكينة والهدوء أكثر مني، لذلك تظاهرت بالقوة، وتجلدت، وقلت له : بسيطة بسيطة هسه أتابعها ان شاء الله ! قلتها، وأنا أعرف أن قاسم لن يصدق هدوئي الكاذب، ولن يصدق تمثيلي مهما كان التمثيل جيداً، مثلما أعرف تماماً أن تظاهره بالهدوء كاذب، ومفتعل ..! وللحق، فإن ثمة أمراً وحيداً وضعه قاسم مثل شمعة أمل بعيدة في نهاية هذا النفق الأسود.. وإن كان هذا الأمل واهناً وضعيفاً، لكني حاولت تصديقه والتعلق به.. وهذا الأمل يتلخص في كلمتين قالهما شقيقي: " الشرطة لم يتأكدوا تماماً منه بعد، فهم لم يجدوا معه أية وثيقة أو هوية شخصية تدل على اسمه، وإن الأمور لديهم حتى الآن مختصرة على صورة جثته فقط.. ثم أكمل قائلاً: ، وها نحن ذاهبون الآن إلى مركز شرطة المحمودية لرؤية الجثة ومعرفة الحقيقة، حيث طلب المركز حضور أخوته وأمه وزوجته لمساعدتهم في التعرف على الضحية..! بهذه الكلمات المريحة بعض الشيء ، أشعل قاسم شمعة الأمل وسط عاصفة من الريح والظلمة والمطر الأسود.. فبقيت أنتظر حتى الساعة الرابعة فجراً دون أن يردني أي اتصال من الجماعة الذين ذهبوا إلى مركز شرطة المحمودية، سواء بنفي أو بتأكيد اغتيال ابن شقيقتي النقيب طيف.. بعد الساعة الرابعة فجراً، اتصل بي شقيقي قاسم يطلب مني التواصل مع أي مسؤول من معارفي في قيادة الشرطة او وزارة الداخلية أو رئاسة الوزراء لمساعدتنا في استلام الجثة ..! ومن هذا أدركت بل و فهمت أن الحادث صحيح، وأن خبر اغتيال ابن أختنا صحيح.. وأن خيط الأمل قد قطع حالما شاهدوا الجثة وتعرفوا عليها في مركز شرطة المحمودية .. وطبعاً فقد بات عليّ أن أوقظ زوجتي ساعتها، وابلغها بالفاجعة.. ولا أريد أن أحكي لكم حالنا في تلك الساعات الرهيبة.. ولا أصف لكم ما كنا عليه أنا وزوجتي.. فلا نحن نعرف شيئاً عن الحادث وتفاصيله وأسبابه ونوعه، وهوية القتلة، فربما تستريح نفوسنا بعض الشيء، ولا نحن مع الذين ذهبوا إلى المحمودية كي نقف على صورة الحدث بأنفسنا.. وما يؤلمنا أننا لم نفلح بمكالمة أي مسؤول كي يساعدنا على تسهيل المهمة.. رغم أن الأخوة في مركز شرطة المحمودية - وهذه كلمة حق- قد قاموا بالواجب في أحسن صورة وأفضل قيام.. في الصباح ( طش ) خبر الحادث على صفحات ومواقع التواصل الاجتماعي، وكلٌ ينشر على هواه.. ومما ساعد على اخضرار مخيلة البعض من العاملين على البيجات أن الحادث وقع في ليلة الانتخابات، وأن المغدور ضابط في الشرطة، فضلاً عن كونه (شيعياً) إضافة إلى أنهم عثروا على جثته بين ( اللطيفية والمحمودية)، وهذه كلها عوامل مساعدة على إطلاق المخيلة حتى نهايتها.. !! ولعل ما خفف مصابنا، اتصال دولة الرئيس محمد شياع السوداني في ساعات الصباح - بعد أن علم أن المغدور ابن أختي - وهو يواسيني بكلمات دافئة وصادقة، ويوعدني بقوله الحاسم: " هذا ضابط في الشرطة العراقية، ومواطن عراقي، وابن أختك يا فالح، ونحن من سيأتي بحق دمه البريء المهدور " ..! وحين شكرته على ذلك، قال لي: " إطمئن، ولن يضيع دمه أبداً ".. ولم يستغرق وعد الرئيس السوداني إلا ٢٤ ساعة فقط، حتى تلقيت اتصالاً من سكرتيره الأمين، الفريق عبد الكريم السوداني يبلغني فيه نبأ اعتقال قتلة طيف .. يا الهي .. لقد كدت أطير من الفرح رغم فجيعتي .. ولن أحدّثكم عن شعور أمّه وأخواته وأخوانه وأخواله وأعمامه عند سماعهم نبأ اعتقال القتلة في كردستان وهم يحاولون الهروب .. ومما يفرحنا أن التحقيق الان في أياد أمينة وكريمة، وعهداً ووعداً صادقاً منا، بأننا لن نتدخل ولن نؤثر بل ولن نسأل مجرد السؤال عن القضية.. فنحن نثق ثقة تامة بأجهزتنا الامنية والتحقيقية، مثلما نثق بعدالة القضاء العراقي، ولن نقبل بغير العدل.. فنحن الذين ظلمنا، بل و قضينا أعمارنا مظلومين، لا نرضى بظلم يقع على إنسان حتى لو كان قاتلاً لابننا ..!
النقيب المغدور طيف شعبان الفريجي
*
اضافة التعليق
الشيوعيون لم يخسروا .. إنما العراق خسر ..!
رسالة أُمٍّ ( عمارية ) .. !
لا تنتخب المرشح الطائفي حتى لو كان أخاك ..!
من عاصمة الرأسمالية .. ( الشيوعي) زهران ممداني يقود قطار الثورة والتغيير
قبل الصمت الإنتخابي بدقيقتين: إعطِ صوتك لمن يستحقه حتى لو كنت الوحيد الذي يصوّت له !
ويگلك الحزب الشيوعي العراقي ليش ما يفوز ؟!