بغداد- العراق اليوم:
حيدر قاسم
ثقة واسعة وحقيقية يلمسها المراقب لمسيرة وسيرة رئيس مجلس الوزراء محمد شياع السوداني، ثقة لم تتشكل نتيجة حملات اعلامية او مجاملات سياسية عابرة، بل جاءت نتيجة مسار واضح وخطوات عملية تركت اثرها في الداخل والخارج، وخلقت انطباعا راسخاً لدى الكثير من العواصم الاقليمية والدولية بانه رجل دولة يمتلك رؤية متزنة وقدرة على الادارة والتوازن في مرحلة بالغة الحساسية من تاريخ العراق.
في الواقع الاقليمي والدولي، يحظى السوداني بقبول متنامي نابع من عدة عوامل اساسية، في مقدمتها خطابه الوطني غير الطائفي، وهو خطاب نادر في منطقة لا تزال تعاني تداعيات الانقسام والصراعات والهويات المتصارعة.
لقد قدم نفسه منذ اليوم الاول كرجل دولة لكل العراقيين، دون تمييز او تصنيف، واضعاً الهوية الوطنية فوق كل الاعتبارات الثانوية، الأمر الذي أسهم في إعادة ترميم الثقة بالدولة ومؤسساتها داخلياً، وترك صدى إيجابياً خارج الحدود.
كما ان الإجماع الوطني على نزاهة ووطنية السوداني لم يأت من فراغ، بل من سجل واضح في العمل الإداري والسياسي، حيث عرف عنه الابتعاد عن شبهات الفساد والحرص على تقديم نموذج مختلف في الإدارة، قائم على الانضباط والمسؤولية والالتزام بالقانون. هذا الجانب عزز من صورته لدى الشركاء الدوليين الذين يبحثون دائماً عن قيادات يمكن الوثوق بها كشركاء موثوقين في الملفات السياسية والاقتصادية والامنية.
وضوح الرؤية السياسية كان عاملاً آخر في بناء هذه الثقة. فالسوداني لم يطرح شعارات عامة وفضفاضة، بل قدم برامج واضحة وخطط عمل محددة، ترتكز على مفهوم الدولة القوية والمؤسسات الفاعلة والعلاقات المتوازنة. ترجم هذا الوضوح الى مواقف عملية، أهمها العمل على تفكيك عقد الصراع وابعاد العراق عن التحول الى بؤرة صراع اقليمي او ساحة لتصفية الحسابات بين القوى المتنافسة. واعتمد السوداني سياسة النأي بالعراق عن المحاور المتقابلة، وهو خيار استراتيجي أعاد للعراق جزءًا مهماً من استقلالية قراره السياسي. ففي الوقت الذي انخرطت فيه بعض الدول في محاور حادة، أختار السوداني طريق التوازن والانفتاح والحوار مع الجميع، من دون ان يكون جزءاً من أي محور ضد اخر. هذه السياسة لاقت ارتياحاً كبيراً في العواصم الكبرى التي رأت في العراق شريكاً ينشد الاستقرار لا التصعيد. ولم يقتصر هذا النهج على الجانب السياسي فقط، بل امتد الى المجال الدبلوماسي حيث شهدت البلاد انفتاحاً غربيا وعربياً ودولياً واضحاً. فقد استقبل العراق في عهده وفوداً رفيعة المستوى، وشارك في قمم ولقاءات مفصلية، وعاد ليؤدي دوراً محورياً في محيطه العربي والاقليمي. وكان ترؤس القمة العربية في بغداد تعبيراً صريحاً عن مستوى القبول العربي الذي بات يحظى به السوداني، ليس كشخص فقط، بل كمنهج، وكرمز لعودة العراق الى موقعه الطبيعي في محيطه.
وفي الجانب الاقتصادي، عمل السوداني على تنشيط العلاقات المتوازنة مع مختلف الدول، واضعاً المصلحة الوطنية في مقدمة الاولويات. ففتح الباب أمام الشراكات والاستثمارات، وسعى الى استعادة ثقة الشركات والمؤسسات الدولية في الاقتصاد العراقي، وطرح رؤى تقوم على التنويع والانفتاح المدروس بدلاً من الارتهان لمصدر واحد او جهة واحدة. هذا التوجه لاقى ترحيباً في اوساط المؤسسات المالية والاقتصادية التي وجدت في حكومته شريكاً عقلانياً يمكن البناء معه على المدى الطويل.
ويحسب للسوداني ايضاً خطابه المعتدل ودوره البارز في التقريب بين وجهات النظر والمساهمة في خفض منسوب التوتر في المنطقة. فقد برز كصوت يدعو الى الحوار والتفاهم بدلاً من التصعيد والمواجهة، وهو ما منح دوره بعداً يتجاوز حدود العراق ليمتد الى قضايا المنطقة ككل، الامر الذي عزز مكانته كاحد القادة القلائل الذين يمكن التعويل عليهم في ملفات الوساطة وبناء الجسور.
اما على مستوى القوة التفاوضية والحضور الاعلامي، فقد قدم الرجل صورة مختلفة عن القائد الهادئ الواثق، الذي يعرف ماذا يقول ومتى يقول، ويوازن بين الصراحة والحكمة في الطرح. لم يكن خطابه موجهاً للتداول الداخلي فقط، بل كان مدروساً ليستوعبه الخارج ويقرأ من خلاله طبيعة المرحلة الجديدة التي يمر بها العراق.
كل هذه الأسباب مجتمعة وضعت السوداني في مصاف القادة الذين يرى فيهم الغرب والمجتمع الدولي أهلية كاملة لان يكونوا شركاء اكفاء وممثلين حقيقيين عن بلدانهم، ليس فقط من حيث الموقع الرسمي، بل من حيث القدرة على صناعة التوازن وحماية المصالح الوطنية وبناء علاقات قائمة على الاحترام المتبادل والمصالح المشتركة. ولهذا لم تعد الثقة به مجرد حالة محلية، بل تحولت الى قناعة دولية بأن العراق اليوم يمتلك قيادة تفكر بعقل الدولة وتتحدث بلغة المستقبل.
*
اضافة التعليق
مفوضية الانتخابات تحدد موعد ارسال النتائج للمحكمة الاتحادية
هيئة الحشد تصدر توضيحًا بشأن اطلاق استمارة تعيينات الكترونية
نائب وزير الخارجية الأمريكي يصل العراق
السوداني يعزز موقع العراق دوليا بلقاء مهم مع مبعوث ترامب إلى سوريا توم باراك وسط ثقة اميركية متزايدة بحكومته
ترجيحات بإسناد رئاسة البرلمان لمثنى السامرائي
العراق يعلن عودة تجهيز الغاز الإيراني