بغداد- العراق اليوم:
افتتاحية جريدة الحقيقة
فالح حسون الدراجي
كلما أنظر إلى وجه الحزب الشيوعي العراقي، المضاء بالجمال والزهو والنقاء والطيبة والثقة، وأنظر إلى القبح الزمكاني الذي يحيط به من الجهات الأربع، لن أراه إلا قمراً وحيداً بين كم هائل من الغيوم السوداء الكالحة، فيزداد هذا القمر سطوعاً والتماعاً كلما اشتد الظلام حوله.. وباختصار شديد أقول، ان في معنى هذا الحزب لغزاً سريالياً محيراً لا يمكن ادراكه وحله دون معرفة مبادئه وقيمه، ونظريته، وتاريخه، وجذوره الطبقية والفكرية، والاطلاع على قدر من تضحياته ونضالاته الوطنية، سواء السياسية أو الإجتماعية، حين ذاك فقط يمكن لنا اكتشاف الطاقة الكبيرة التي يختزنها هذا الحزب، الطاقة التي جعلته مخضرماً، وقوياً، وعصياً على الكسر وعلى الاستسلام رغم كل النكبات.. فحين أعدم مؤسسه فهد ومساعداه حازم وصارم العام ١٩٤٩، خرج السفير البريطاني بعدها بتصريح علني نقلته وكالات الأنباء قال فيه بفخر: الشيوعية انتهت في العراق، ويمكن القول خلفها : باي باي !! لكن الشيوعين عادوا بعد سنتين ونصف بانتفاضة آل إزيرج التي قادها المناضل الشيوعي الفذ فعل ضمد، ومعه الثائر الشيوعي عبد الواحد كرم ( أبو سلام) وحشد من الفلاحين الشيوعيين من أبناء عشيرة آل ازيرج ومن غيرها .. فتزلزلت الأرض تحت أقدام الطغاة الواهمين . وبعد انقلاب ٨ شباط ١٩٦٣ وما جرت فيه من مجازر بحق الشيوعيين، جعلت المذيع المصري أحمد سعيد يخرج متباهياً عبر إذاعة صوت العرب المصرية الناصرية، ليقول : ( خلاص .. الشيوعية أبرت في العراء .. )، ويقصد ان الشيوعية قبرت في العراق! ولكن الشيوعيين خرجوا له بعد خمسة أشهر لا أكثر ليقوموا بحركة ثورية عظيمة قادها العريف الشيوعي البطل حسن سريع، حيث تمكنت هذه الحركة الجسورة من اعتقال قيادة حزب البعث وقائد الحرس القومي وعدد من وزراء حكومة الانقلاب، فكانت هذه الحركة صفعة توجّه للإمبريالية وعملائها ! وبعد مجازر شباط، تعرض الحزب الشيوعي العراقي إلى إصابات عنيفة، وأزمات بنيوية خطيرة، خصوصاً الحملات الدموية التي تعرض لها الحزب في عهد المجرم صدام حسين، وقبله عهد الخبيث احمد حسن البكر. ورغم كل هذه المنعطفات الخطيرة والنكسات الفادحة، بقي الحزب عالياً باسمه، ومجده، وحضوره، وباحترام الشعب العراقي وشعوب العالم جميعاً.. إذ لا يمكن أن تسمع من أي عراقي حر غير كلمات الثناء والمديح والتقدير لهذا الحزب، ولتاريخه ونزاهته وطهر يديه .. ولعل الشيء الأروع ان الحزب الشيوعي ظل زاهراً رغم سنوات عمره التي تجاوزت التسعين، وظل شاباً رغم ان جميع الأحزاب التي ولدت معه أو بعده شاخت وتقاعدت منذ فترة غير قصيرة.. كما ظل الحزب الشيوعي محترماً ومهاباً وكبيراً في عيون العراقيين، بما في ذلك خصومه السياسيون ..! ورغم أن بعض المناضلين الشيوعيين يتعرضون بين فترة وأخرى إلى الاعتقال، والمحاربة، والى العزل والتهميش والمضايقة، كما يتعرض الحزب بكل كيانه، ومقراته، ونضاله وقيمه وشهدائه لاعتداءات حمقاء وحملات إعلامية ظالمة، والى هجمات تنمر وقحة، لاسيما بعد خروجه من الانتخابات الأخيرة دون حصاد وافر، حيث يشارك في هذه الحملات بعض الحاقدين، وبعض الجهلة والأغبياء الذين لا يفرقون بين نائب الفاعل ونائب العريف، وبعض المعممين المحكومين تاريخياً بعقدة العداء للشيوعية، خصوصاً الذين يعتلون المنابر المقدسة ويقولون كلاماً غير مقدس، كلاماً باطلاً بحق الشيوعيين النزهاء و أصحاب الأيادي البيضاء، بينما يمسكون ألسنتهم من قول كلمة نقد واحدة تجاه الصهاينة الذين فعلوا مافعلوه بشعب غزة البطل ولكن، هل تأثر الحزب الشيوعي بهذه الحملات الظالمة ؟ الجواب: قطعاً لا، إذ كيف يتأثر الحزب الشيوعي بهذه الأصوات الهزيلة البائسة، وهو الذي سقطت تحت فردتي حذائه من قبل حملات جند لها وفيها رموز إعلامية واستخبارية عراقية وعربية وأجنبية ضليعة ومتمرسة في فن التسقيط. طيب، هل تأثرت سمعة الحزب او نقص رصيده اللامع والمحترم في عيون الجماهير الشعبية ؟ الجواب: كلا أيضاً.. ويمكن لأي قارئ أن يسأل اليوم أي مواطن عراقي - وأكرر أي مواطن عراقي-بهذا السؤال : ما هو رأيك بالحزب الشيوعي، وبالشيوعيين العراقيين ؟ وقطعاً لن يجد غير جواب واحد: إنه حزب محترم .. وهنا قد يسألني ذات السائل ويقول : إذا كان الناس يحترمون الحزب الشيوعي ويقدرون أعضاءه ومنتسبيه فعلاً، لماذا لم ينتخبوا مرشحيه في الانتخابات النيابية الأخيرة؟ وأعتقد أن الجواب يعرفه الجميع، فالحزب الشيوعي يفتقد للمال ( الحرام ) لكي يبذله في الدعاية او شراء الذمم والأصوات الانتخابية وإن ثمة مشكلة غريبة لا أعرفها، ترتبط ارتباطاً نفسياً بين الكثير من الناخبين مع صندوق الانتخابات.. وإلا أسالكم بمقدساتكم: أي معيار او مقياس تقاس عليه الأمور، حين لا يعطي الناخب صوته لمناضل كبير، ووزير نزيه محترم، وشخصية سياسية فذة، وعقلية اقتصادية وعلميّة لامعة، مثل الدكتور رائد فهمي، بينما يمنح صوته العزيز إلى واحد محتال، خدع 1500 شاب عراقي، وأوهمهم بتعيينهم وانتسابهم لأحد ألوية الحشد الشعبي، ثم تظهر الحقيقة الصادمة التي تقول ان القضية برمتها كذبة، غرضها الحصول على أصوات هؤلاء الشبان المخدوعين.! لذلك، وبناء على ما يحظى به الحزب الشيوعي من مهابة، واحترام شعبي، وسياسي، فقد كتبت نصاً غنائياً، قدم بصوت ولحن الفنان المبدع عمر هادي.. أضع رابطه باسفل المقال.. يقول مطلع الأغنية : " هاي الناس تهابك ليش .. وبيك تثق وتأمن ليش .. لا عندك سلطة وترشيهم لاعندك ثروة وتشريهم .. لا عندك شرطة ولا جيش هاي الناس تهابك ليش" ؟!
*
اضافة التعليق
لماذا يثقون بالسوداني؟
المالكي بريء من (جريمة) قتل منصب رئيس الوزراء !
عشرون مرشحاً لرئاسة الوزراء .. اللهم زد وبارك !!
ليلة اغتيال ابن شقيقتي النقيب طيف شعبان ..!
الشيوعيون لم يخسروا .. إنما العراق خسر ..!
رسالة أُمٍّ ( عمارية ) .. !