عندما تكون الحكمة بديلا عن الجعجعة ..

بغداد- العراق اليوم:

أياد السماوي 

عندما انطلقت أعمال اللجنة العسكرية العليا المشتركة بين العراق والتحالف الدولي بقيادة الولايات المتحدّة الأمريكية في ٢٧ / ١ / ٢٠٢٤ ، كان الهدف من تشكيل هذه اللجنة المشتركة هو لمراجعة مهمّة التحالف الدولي في العراق بعد الأنتصار الكبير الذي حقّقه العراق على الإرهاب ، والاتفاق على جدول زمني محدد و واضح يحدد مهمّة وجود قوات التحالف الدولي في العراق ومباشرة الخفض التدريجي المدروس لهذه القوات ، والأنتقال إلى علاقات ثنائية شاملة بين العراق والولايات المتحدّة وباقي دول التحالف الدولي كلّ على انفراد ، مع الالتزام باتفاقية الأطار الاستراتيحي الموّقعة بين العراق والولايات المتحدّة عام ٢٠٠٨ .. 

في حينها عندما أعلن رئيس الوزراء محمد شياع السواني عن رغبة العراق بالانتقال إلى علاقات شاملة على أسس التعاون والصداقة الدولية مع الدول الأعضاء في التحالف وفي مقدمتها الولايات المتحدّة الأمريكية ، كانت هذه الأهداف العظيمة محطّ تهّكم وسخرية من بعض القوى السياسية التي كانت ترى أنّ قوات التحالف الدولي وخصوصا القوات الأمريكية لن تغادر العراق تحت أي ظرف ، وأنّ رغبة رئيس الوزراء السواني في إخراج القوات الأجنبية من العراق ، ما هي إلا مضيعة للوقت وتقاعسا عن منهج المقاومة وإخراج هذه القوات بالقوّة .. وحتى كاتب هذا المقال كان في نفسه شيء من الشّك بتحقيق هذا الهدف .. 

في ٢٧ / ٩ / ٢٠٢٥ صدر البيان المشترك للجنة العسكرية العليا المشتركة بشأن الانتقال في العلاقة بين العراق والولايات المتحدّة إلى العلاقات الثنائية ، وانسجاما مع هذا البيان المشترك صرّح المتحدّث بأسم البنتاغون ( شون بارنيل ) بما يلي ( ستقوم الولايات المتحدّة وشركاؤها في التحالف الدولي بتقليص مهمتهما العسكرية في العراق ، ويعكس هذا التقليص نجاحنا المشترك في محاربة تنظيم داعش ، ويمّثل خطوة نحو الانتقال إلى شراكة أمنيّة مستدامة بين الولايات المتحدّة والعراق ، بما يتماشى مع المصالح الوطنية الأمريكية والدستور العراقي واتفاقية الأطار الاستراتيجي بين الولايات المتحدّة والعراق ، وستدعم هذه الشراكة الأمن الأمريكي والعراقي ، وتعزز قدرة العراق على تحقيق التنمية الاقتصادية وجذب الاستثمارات الأجنبية ، والاضطلاع بدور قيادي إقليمي ، وستواصل الحكومة الأمريكية التنسيق الوثيق مع حكومة العراق وأعضاء التحالف الدولي لضمان انتقال مسؤول ومنظم ) .. وكلمة التقليص هنا التي وردت في تصريح المتحدث بأسم البنتاغون تعني الجدول الزمني الذي تمّ الاتفاق عليه أن يكون خلال عامين وعلى مرحلتين ، المرحلة الأولى تنتهي في أيلول ٢٠٢٥، والمرحلة الثانية تنتهي في أيلول ٢٠٢٦ .. وهذا يعني أنّ مهمة انهاء وجود هذه القوات سينجز في الموعد المتفق عليه أيلول ٢٠٢٦ ..

فما تحقق اليوم على يد السوداني بانتقال العلاقة بين العراق والتحالف الدولي بقيادة الولايات المتحدّة إلى العلاقة الثنائية المستدامة والشاملة ، ليس نصرا سياسيا للعراق فحسب ، بل هو نصر لمنطق العقل والحكمة وإدارة الأزمات ، وها هو السوداني بحكمته ورويته ينتقل بالعراق إلى علاقة شراكة استراتيجية شاملة مع الولايات المتحدّة ، قاعدتها تحقيق التنمية الاقتصاديّة وجذب الاستثمارات الأجنبية والاضطلاع بدور إقليمي .. بوركت جهودك الخلاقة يا باني نهضة العراق الجديد ..