رسالة إلى الحكومة العراقية: آن أوان الالتحاق بمحور القوة والاقتصاد

بغداد- العراق اليوم:

محمد رسن

وصول الرئيس الأميركي، دونالد ترامب، إلى السعودية صباح يوم الثلاثاء في مستهل جولة في منطقة الخليج تستغرق أربعة أيام، يرافقه وفدا كبيرا من شخصيات بارزة من إدارته، بالإضافة إلى ضيوف من عالم الأعمال، وكبار المسؤولين في إدارته للمشاركة في القمة الخليجية الامريكية، لم تكن حدثا عابرا، بل لها عدة دلالات سياسية واستراتيجية، في مرحلة وظروف بالغة التعقيد، وبتوقيت حساس تشهده المنطقة، حيث أرست هذه الزيارة ملامح محور جديد في المنطقة، يقوم على أسس القوة، ومحور الاقتصاد، ورفاهية الشعوب وقوة السيادة، لقد بات واضحا أن هذا المسار يمثل تحولا استراتيجيا عميقا، لا يمكن تجاوزه أو الالتفاف عليه،

وكل مخرجات هذه الزيارة، تقول بضرورة ان يلتحق العراق فعليا مع هذا المحور، المحور الذي يشكل اليوم ركيزة أساسية لمستقبل المنطقة، ومحور الفعل والتأثير لا الترقب والانتظار.

أما القمة العربية المزمع اقامتها في بغداد، فهي تحصيل حاصل، وستكون مخرجاتها فارغة إذا لم تكون بحجم مخرجات قمة الرياض، مخرجات واقعية وصادقة، تبتعد عن الشعارات والخطب الرنانة والدوران في الهامش، وما أحوجنا اليوم الى افعال تختصر الزمن، وخاصة من العراق، الذي يُفترض أن يلعب دورا متقدما في هذا التحول بدلا من البقاء في موقع رد الفعل،

إن على الحكومة أن تعي أن الاستقلال والسيادة، والقوة الاقتصادية، ورفاهية الشعوب، هي من تصنع المجد، وتعيد الاعتبار للأوطان، فالعراق أمام مفترق طرق، وعليه أن يختار بوضوح: إما أن يكون ضمن محور الفعل والمستقبل، أو أن يظل عالقا في ماض لا ينتج إلا الفرص الضائعة،

الدولة لا تُبنى بالاستعراضات، والانبطاحات، وهدر الأموال واعتبارها ورقة ضغط دبلوماسية.

ترتفع قيمة الأوطان عندما تُصان كرامة الفرد فيها، وفي أمنها وأمانها، وفي إعمارها وبُناها التحتية، في أن تكون دولة ذات سيادة بلا فصائل مسلحة ولا دولة داخل دولة، وأن يُعاد الاعتبار لكرامة الأرض التي وللأسف لم تعد تجد من يخجل من وجعها.

إن ترميم العلاقة الواقعية مع الدول المؤثرة لم يعد خيارا دبلوماسيا مرنا، بل ضرورة استراتيجية يفرضها ميزان المصالح والمواقف.

لا يمكن للعراق أن يعيد تموضعه من دون حوارات مباشرة ومسؤولة مع القوى الفاعلة إقليميا ودوليا، والاستقرار الحقيقي يبدأ عندما تتوازن السياسات، وتُبنى العلاقات على قاعدة احترام السيادة والتكامل لا التصادم.

وعلى الحكومة أن تتبنى خطوات صادقة تُثبت حسن النية، وتفتح آفاق التعاون لا التوتر، فالوقت مناسب لعودة العراق إلى طاولة الشراكة لا الحذر، والقرار السياسي يجب أن يكون شجاعا ومدروسا.

المواقف الرمادية لم تعد صالحة في زمن التحولات العميقة، فقط من خلال علاقات ناضجة ومفتوحة، وخطوات صادقة يمكن للعراق أن يضمن أمنه ورفاهية شعبه، ويستعيد دوره، ويستثمر موقعه بما يليق بتاريخه ومصالح شعبه.

علق هنا