بغداد- العراق اليوم: بعد أن قضى عامين تحت حكم تنظيم داعش المرعب قرر أحمد أن يلوذ بالفرار من قريته الواقعة في شمال العراق ونجح في الإفلات من بعض القناصة التابعين للتنظيم هناك.
وتنفس أحمد الصعداء بعد أن أخطأته الأعيرة النارية التي أطلقوها عليه وعلى أي شخص يحاول الفرار. لكن الحياة بالنسبة لأحمد لا تزال متخمة بالمخاطر والصعوبات.
واضطر أحمد إلى ترك والديه المسنين عندما سعى للجوء في قاعدة صغيرة مؤقتة لمقاتلي البشمركة الكردية الذين تستهدفهم هجمات انتحارية بسيارات ملغومة.
وقال أحمد "بعد أن سيطرت داعش على قريتنا لم تعد هناك فرص عمل. نفدت الأموال من والدي. ظل هو ووالدتي لحراسة السيارة.. فنحن لا نقدر على شراء سيارة جديدة."
وقامت القوات العراقية بتطهير عشرات القرى خلال تقدمهم صوب مدينة الموصل في إطار هجوم على المعقل الرئيسي والأخير للتنظيم في البلاد.
وشجع ذلك عراقيين مثل أحمد على القيام بالمخاطرة رغم تحذيرات التنظيم بأن أي شخص يحاول الفرار من منطقة الخلافة التي أعلنوها سيقتل بالرصاص.
ويخرج هؤلاء العراقيون رويدا رويدا من قرى ومدن ليقصوا روايات عن وحشية التنظيم في فرض تفسيره المتشدد للإسلام.
وجلس أحمد بجانب طبق من البلاستيك يلتقط منه بعض الطعام حيث كان يتحدث ببطء وقد بدا منهكا وتساءل عما يمكن أن يحدث لأقاربه الذين اضطروا للبقاء.
وقال أحمد الذي طلب نشر اسمه الأول فقط للحيلولة دون تعرض ذويه لعمليات انتقامية "عندما وصلت داعش قبل عامين اعتقدنا جميعا إن الجيش العراقي سيقضي عليهم ولن يمكثوا أكثر من أسبوعين."
واستولى التنظيم على الموصل -ثاني كبرى المدن العراقية- ثم اجتاح قرى مثل أبو جربوع التي ما زال والدا أحمد يعيشان فيها يتملكهم الخوف من المتشددين الذين يتحكمون في كل أشكال الحياة من طول اللحى إلى حظر السجائر والخمور.
وتعيش العائلة بأكملها كرهينة داخل منزلها منذ عامين ويخشون من أن حتى مجرد السير في الشارع قد يجلب عليهم غضب المتشددين.
وقال أحمد الذي ترك دراسته بعد أن سمع بما يفعله التنظيم في المدارس "كنا نغادر المنزل مرة واحدة في الشهر للذهاب إلى الموصل لشراء بعض الطعام والإمدادات الأخرى."
وأضاف "سمعت أنهم يعلمون الشبان كيفية ذبح الناس وقتلهم بالرصاص."
وبعد لحظات من كلامه شُنت ضربة جوية على أهداف لداعش في قرية يسيطر عليها التنظيم على بعد نحو 1.5 كيلومتر. وتصاعدت سحابة كثيفة من الدخان إلى السماء.
وقال مقاتلون أكراد إن مقاتلي التنظيم المتشدد قتلوا بالرصاص طفلين حاولا الهرب من المنطقة والتوجه إلى القاعدة.
وحاول المتشددون أيضا تنفيذ تفجيرات انتحارية ضد القاعدة. وغالبا ما تندلع اشتباكات خلال الليل. ويقول المقاتلون إن قناصة داعش يتمركزون في مبان عبر حقول على مسافة بعيدة.
ويتحصن المقاتلون في مواقع أسفل سواتر ترابية بالقاعدة الواقعة بين قريتين خاضعتين لسيطرة داعش.
وحذرت الأمم المتحدة من أن داعش قد تحاول أخذ آلاف الأشخاص رهائن واستخدامهم دروعا بشرية خلال حملة الموصل.
ولدى وصول شاحنة عسكرية لنقل النازحين إلى أحد المخيمات صعد أحمد وبعض أقاربه وعدد من الأطفال الصغار على ظهر الشاحنة ببطء.
وقال أحمد الذي كان يحمل كيسا من البلاستيك وبعض أمتعته "لم أعتقد أبدا أننا سنتمكن من الهرب من داعش ..ربنا رحمنا."