بغداد- العراق اليوم:
كشفت مصادر حكومية عراقية عن تنسيق أمني جديد بين بغداد وواشنطن يتضمن تدريب المئات من عناصر الأمن العراقي في الأردن على يد مستشارين أميركيين، لتشكيل قوة استخبارية تكون بمثابة جهاز مستقل لملاحقة خلايا وجيوب تنظيم "الدولة الإسلامية" (داعش) التي تمكّنت من الفرار أو التخفي بين السكان في المدن التي جرى تحريرها من قبضة التنظيم في العامين الماضيين.
" وقال مسؤول حكومي عراقي إن نحو 200 عنصر من القوات العراقية جرى اختيارهم بمعايير خاصة بعيداً عن النسب الطائفية والقومية المعتمدة في صفوف القوات الأمنية والعسكرية العراقية، يخضعون للتدريب منذ أسابيع في الأردن، وسيكونون بمثابة نواة جهاز استخباري عالي الكفاءة لملاحقة خلايا التنظيم ورصدها وتنفيذ عمليات استباقية لإحباط الهجمات والمخططات التي يقوم بها التنظيم. وأوضح أن القوات الجديدة تتدرب على يد القوات الأميركية في موقع خاص قرب العاصمة الأردنية عمّان على عمليات أمنية واستخبارية مختلفة، من بينها القتال في الأماكن الضيقة والمفتوحة والمداهمة السريعة وتحرير الرهائن والرصد والمراقبة والتنصت وتحليل المعلومات، لافتاً إلى أن مهمة تلك القوات ستكون ما بعد المواجهة الفعلية العسكرية مع تنظيم "داعش" على الأرض في مدن شمال وغرب العراق، ويمكن اعتبارها خطوات حقيقية لبناء جهاز استخبارات قوي محترف سيكون مكلفاً بمهمة ملاحقة خلايا التنظيم والعمل بحرفية بعيداً عن العمل العشوائي والتأثيرات الطائفية.
تجربة تدريب قوات عراقية على يد الأميركيين في بلد ثالث كالأردن ليست الأولى من نوعها، إذ باشرت قوات أميركية في يونيو/ حزيران 2015 بتدريب المئات من أفراد جهاز مكافحة الإرهاب العراقي في الأردن، والذي أثبت أخيراً كفاءة عالية في القتال بالمناطق التي يحتلها تنظيم "داعش" كالفلوجة والموصل. ويُقدَّر عدد من تم تدريبهم في العامين الماضيين بنحو ألفي عنصر أمن عراقي في الأردن.
وقال عقيد ركن في وزارة الدفاع العراقية، شغل سابقاً منصب مسؤول عن عمليات الدعم اللوجيستي للجيش العراقي في غرب العراق، إن عمليات التدريب للقوات العراقية سابقاً أو حالياً في الأردن تُعتبر تحضيراً للمرحلة المقبلة. وأوضح المسؤول الذي طلب عدم الكشف عن اسمه، أن هناك دورات تدريب وتطوير بالتوازي تتم في العراق ومن قبل الأميركيين أنفسهم، كاشفاً عن دورات مماثلة في مجالات عسكرية وأمنية أخرى لقوات حلف شمال الأطلسي المشاركة في دعم العراق بحربه ضد تنظيم "داعش" منذ عام 2014 ستتم خلال الربع الأخير من هذا العام.
في غضون ذلك، قال مسؤولون عراقيون عسكريون إن سيطرة "داعش" على الموصل انحسرت خلال اليومين الماضيين بعد تحرير العديد من الأحياء السكنية في الساحل الأيمن للمدينة، لتبلغ منتصف نهار أمس، الإثنين، نحو 10 في المائة فقط. وأفاد قائد الشرطة الاتحادية العراقية الفريق رائد شاكر جودت ، بأن مساحة سيطرة "داعش" انحسرت لنحو 10 في المائة فقط بعد تحرير أحياء مشيرفة الأولى والثانية والثالثة وشقق الهرمات وحليلة وأجزاء من حي الكنيسة ونحو نصف حي وادي عكاب، مضيفاً أن سبعة أحياء سكنية بقيت لإعلان تحرير كامل مدينة الموصل من قبضة التنظيم، متوقعاً أن تُحسم المعارك قبل نهاية الشهر الحالي.
" من جهته، أوضح قائد المحور الشمالي في الجيش العراقي اللواء الركن نجم الجبوري، أن مقاتلي التنظيم بدأوا بالإفراط في تنفيذ العمليات الانتحارية أخيراً بشكل يؤكد أن كل خطوط الصد الأخرى لهم قد سُحقت، إذ من المعروف أن الانتحاريين هم آخر أوراق التنظيم التي يستخدمها في معاركه داخل المدن، لافتاً إلى أن "ما يُشبه مفارز إعاقة تقدّم لقواتنا تقاتل هنا وهناك في الأحياء الضيقة، ونحاول تجنّب التوقف بسببها، فهو ما يريده داعش أصلاً".
على الصعيد نفسه، كشفت مصادر محلية في الموصل أن أكثر من 300 قتيل وجريح مدني سقطوا جراء معارك اليومين الماضيين التي تُعد الأعنف من نوعها منذ أسابيع. وقال الطبيب في مستشفى ميداني ألماني على تخوم الموصل الغربية، فريد أورفلي، إن المعلومات التي ترد تؤكد حصول مجازر حقيقية بحق السكان المحاصرين في الموصل. وأوضح أورفلي أن "أكثر من 300 مدني سقطوا بين قتيل وجريح، ولا نعلم ما إذا كان العدد سيرتفع أم أنه ارتفع فعلاً، إذ لم يُسمح بدخول مناطق القتال مع تواصل القصف الجوي والصاروخي في الأحياء الشمالية الغربية من ساحل الموصل الأيمن".