هل يستعد مقتدى الصدر لتفويض صلاحياته السياسية لابن اخيه احمد الصدر؟

عمر ستار

في لقاءه مع وزيري الدفاع والداخلية في مكتبه في النجف في الثالث من مايو الحالي، ظهر زعيم التيار الصدري مقتدى الصدر برفقة ابن اخيه الشاب احمد الصدر واقفا خلفة مباشرة في علامة على تقديمه كشخص ثاني للتيار بعد مقتدى نفسه.

مع بروز شخصيّة أحمد الصدر في الأسابيع القليلة الماضية، بصفته رئيس لجنة الإصلاح الخاصّة بالتيّار الصدريّ، بدأت مشاريع التيّار السياسيّة التي تتعلّق بترتيب أوضاع البلاد بعد انتهاء الحرب مع تنظيم "داعش"، تأخذ طريقها نحو التطبيق، حيث تمّ عرضها من قبله خلال الأيّام الأخيرة من نيسان/أبريل على رؤساء الوزراء حيدر العبادي والجمهوريّة فؤاد معصوم والبرلمان سليم الجبّوري، إضافة إلى رئيس إقليم كردستان مسعود بارزاني ورئيس الجمهوريّة السابق جلال طالباني.

وأحمد هو ابن مصطفى الصدر، شقيق زعيم التيّار الصدريّ مقتدى الصدر، من مواليد محافظة النجف في عام 1986، ولكنّه لم يدرس العلوم الدينيّة في المدارس التقليديّة الشيعيّة، بل حظي برعاية خاصّة من عمّه الذي أرسله إلى لبنان لدراسة العلوم السياسيّة في جامعة بيروت، وحصل على درجة الماجستير فيها.

عاد أحمد الصدر إلى البلاد، وبرز بعد أيّام من إعلان مقتدى الصدر أنّه تلقّى تهديدات بالقتل في 24 آذار/مارس الماضي من جهّات وصفها بـ “الثالوث"، ويعني بها "الاحتلال والإرهاب والفساد"، ممّا دفعه إلى تفويض صلاحيّاته إلى عدد من مساعديه.

وكانت حصّة أحمد الصدر من التعديلات التي أحدثها مقتدى الصدر في تيّاره السياسيّ رئاسة ما يعرف بلجنة مشروعي الإصلاح وما بعد تحرير الموصل، اللذين أطلقهما قبل مدّة، حيث أنّه فوّضه لإجراء لقاءات عدّة مع قيادات الدولة العراقيّة.

وتشير التكهّنات إلى رغبة مقتدى الصدر في إيجاد قيادات "مخلصة" وقريبة منه لقيادة التيّار الصدريّ، في ظلّ الظروف الصعبة التي يمرّ بها التيّار لجهّة علاقته المتوتّرة مع التحالف الوطنيّ (الشيعيّ)، وخصوصاً مع ائتلاف دولة القانون بزعامة رئيس الوزراء السابق نوري المالكي، بعد مطالباته (الصدر) بإصلاح العمليّة السياسيّة، وقيادته التظاهرات الشعبيّة المطالبة بالتغيير ومحاربة الفساد. هذا إضافة إلى تورّط قيادات في التيّار بقضايا فساد كبيرة وقرب موعد الانتخابات المحلّيّة المقرّرة في أيلول/سبتمبر المقبل، لذا كان لازماً على مقتدى الصدر الاعتماد على المقرّبين في مساعدته على عبور هذه المرحلة بنجاح، ولم يجد أفضل من أحمد الصدر الذي أعدّه منذ وقت مبكر لهذه المهمّة.

تعني رئاسة أحمد الصدر الشابّ للجان سياسيّة أنّ مهمّته ستكون سياسيّة بامتياز وبعيدة عن الجانب الدينيّ، الأمر الذي سيتيح للهيئة السياسيّة للتيّار التحوّل إلى حزب سياسيّ لاحقاً، وفق قانون الأحزاب العراقيّ الذي يحظّر تشكيل الأحزاب على أساس دينيّ أو طائفيّ. وهذا سيؤدّي إلى توسيع النفوذ لبيت الصدر حيث سيكون بيت الصدر على رأس الجناحين السياسيّ والدينيّ الذي سيتولّاه بطبيعية الحال مقتدى الصدر.

وذكر أحمد الصدر بعد لقاء رئيس الجهوريّة معصوم في 18 نيسان/أبريل الماضي أنّ "مبادرات السيّد الصدر تهدف إلى تقوية الدولة وسيادة القانون وتطبيقه، بما يساعد على تحسين حياة المواطنين وحريّتهم وأمنهم وسلامتهم".

فيما أعلن أنّه تباحث في 21 نيسان/أبريل الماضي مع رئيس الوزراء العبادي في شأن "بنود المشروعين (الإصلاح وما بعد تحرير الموصل)، وأهميّة الوصول إلى تحقيق انتخابات عادلة نزيهة من خلال مفوّضيّة انتخابات جديدة غير متّهمة في مهنيّتها واستقلاليّتها وليست محلّ شكّ، وقانون انتخابات عادل يلبّي طموحات المواطنين بالتمثيل الحقيقيّ للشعب العراقيّ".

وذكر القياديّ في التيّار الصدريّ ابراهيم الجابري أنّ "السيّد مقتدى الصدر طرح مشاريع سياسيّة عدّة، منها مشروع الحلول الأوّليّة لتدبير أوضاع البلاد بعد "داعش"، إضافة إلى مشروع الإصلاح المتمثّل في تغيير قانون الانتخابات والمفوّضيّة المستقلّة العليا للانتخابات". وأضاف أنّ "عرض تفاصيل هذه المبادرات على الأطراف السياسيّة هو من أجل تنضيجها وتحقيقها على أرض الواقع، لخدمة البلاد وتصحيح مسار العمليّة السياسيّة".

ونفى رئيس الهيئة السياسيّة للتيّار الصدريّ جعفر الموسوي الأنباء التي تناقلتها وسائل الإعلام عن تشكيل كتلة انتخابيّة عابرة للطائفيّة بين الأكراد والتيّار الصدريّ، من خلال زيارة وفد التيّار الصدريّ إلى إقليم كردستان.

وقال الموسوي في تصريح إلى وكالة "الغد برس"، في 23 نيسان/أبريل الماضي إنّ "الوفد الذي يمثّل السيّد مقتدى الصدر برئاسة السيّد أحمد الصدر، لديه مهمّة محدّدة وهي مناقشة مشروع السيّد الصدر، ما بعد تحرير الموصل، وكذلك إصلاح الانتخابات والمفوّضيّة". وأضاف الموسوي: "وصلنا من اللجنة أنّ هنالك تطابق وتقارب تامّ من قبل الأحزاب الكرديّة على مشروع السيّد الصدر، فيما يتعلّق بإصلاح الانتخابات ومباعد تحرير الموصل".

وتتلخّص مبادرة الصدر التي أطلقها في 21 شباط/فبراير 2017 باسم "الحلول الأوّليّة" في مساعدة المناطق المحرّرة من سيطرة تنظيم "داعش"، وإعمارها وإعادة النازحين، إضافة إلى "إخراج القوّات الأجنبيّة من البلاد ودمج الحشد الشعبيّ بالقوّات الأمنيّة".

أمّا مشروع الصدر الخاصّ بإصلاح الانتخابات فكان في 10 كانون الثاني/يناير 2017، وتطرّق فيه إلى آليّات اختيار أعضاء المفوّضيّة المستقلّة العليا للانتخابات وتغيير قانون الانتخابات العامّة والمحلّيّة.

ويبدو أنّ مقتدى الصدر وتيّاره أمام فرصة تاريخيّة تتجسّد في التحوّل نحو المدنيّة، والخروج من تهمة فشل الإسلام السياسيّ في حكم البلاد منذ عام 2003 وحتّى الآن، والتخلّص من النقمة الشعبيّة على الأحزاب الإسلاميّة، لا سيّما وأنّ تيّار الصدر هو الأقرب إلى التيّار المدنيّ، ومتحالف معه منذ انطلاق التظاهرات المطالبة بالإصلاح في عام 2015، لذا فإنّ مقتدى الصدر قد يرى أنّ ابن أخيه الشابّ أحمد الصدر بميوله المدنيّة، هو الشخص المناسب لقيادة المشروع السياسيّ للتيّار الصدريّ وتحوّل القائد الحاليّ مقتدى الصدر إلى مرشد أو موجّه أعلى يؤمن بفصل الدين عن السياسة.

 

- المصدر: المونيتور

علق هنا