الناصرية- العراق اليوم: من هنا بدأت الحكاية التي قُدر لها ان تمتد الى يومنا هذا، وستمتد بعده طويلاً، في هذه المدينة التي يتشابه ابناؤها مع لون أديمها الممزوج بعبق التاريخ. كانت ولادة أول خلية شيوعية في العراق، ومن هنا انطلق يوسف سلمان يوسف " فهد "، مبشراً بأفكاره التي تدعو لإيقاف الظلم واستعباد الفقراء، وتجهيل الشعب، فكان ان ولد حزب الفقراء والكادحين من ازقة الناصرية وشوارعها التي تكتظ بأبنائها الباحثين عن غد ينصفهم . لن نخوض في تاريخ التأسيس طويلاً، فهذا التاريخ اشهر من ان يعاد تفصيله، لكن مراسل " العراق اليوم " في الناصرية، تجول بين شوارع تلك المدينة التي شهدت التأسيس الأول لحزب فهد، حيث رصد مظاهر الابتهاج في ذكرى التأسيس الـ 83 في مدينة ظلت وفية لذكرى هذا المؤسس، بل ويتفاخر أبناؤها من كل جيل بأن مدينتهم كانت الحاضنة الأولى لهذه الحركة الإنسانية ولمؤسسها النبيل الذي ارتقى اعواد المشانق كي ترتقي البلاد بعده سلم المجد . حكاية ظهور المنشور الأول للشيوعية ! في مساء 13 كانون الأول عام 1932 اصدر فهد اول بيان يحمل شعار المطرقة والمنجل , ويا عمال العالم اتحدوا, ويعيش اتحاد جمهوريات عمال وفلاحي البلاد العربية , ووقعها بأسم " عامل شيوعي " وتم تعليق البيان في 18 مكانا في الناصرية . عندها انزعجت الدوائر الحكومية من نشاطه فاشتكته السلطات الأمنية قبل ان تعتقله الى زعيم الحزب الوطني " ابو التمن " بأن مساعد رئيس فرع الحزب في الناصرية (هدام ) [ تعني به فهد الذي كان يشغل هذا المنصب ] فأجابهم ابو التمن : ( بل انه بناء يحاول ان يبني مع الفلاحين والضعفاء حياة سعيدة للناس وانني اعضده بما املك من طاقة .
ا
الرفيق فهد
يرصد الكاتب الراحل إبراهيم عبد الحسن علوان، قصة ظهور المنشور الاول للشيوعية في العراق، عبر هذه السطور، حيث يقول " الناصرية هذه المدينة المشهورة بروح الحرية التي لاتقهر والتي لها تاريخ حافل بصفحات مجيدة من تاريخ العراق السياسي المعاصر. وليست مصادفة ان تشهد الناصرية اول بيان ظهر في العراق يحمل شارة المطرقة والمنجل ليلة الثالث عشر من كانون عام 1932م وبورق احمر في ثمانية عشر مكانا مختلفا من المدينة ". ويضيف " هكذا استيقظت الناصرية في ذلك الصباح البارد لتشهد ولاول مرة في تاريخ العراق مناشيرا حمراء وفي أعلاها شعار (ياعمال العالم اتحدوا ) والذي جاء فيه (( ...ايها العمال ان الشوارع تغص بالعاطلين عن العمل وليس لدى نسائكم واطفالكم ما يسد الرمق فهل فكرت الحكومة في مساعدتهم في مثل هذا البرد القارص لاشيء من هذا حدث...)) ويختتم البيان قوله (( الى الامام ايها العمال .. الى الامام في سبيل العمل المثمر والحرية والرفاه )) التوقيع ( عامل شيوعي) " .جدير بالذكر ان الحزب الشيوعي العراقي، تأسس في العاصمة بغداد، لكن مؤسسه فهد كان قد نشأ في الناصرية، حيث كان يعمل في احد معامل صناعة الثلج . قيادية شيوعية : نحتفل بالسر والعلن القيادية في الحزب الشيوعي العراقي،هيفاء الأمين، قالت لـ " العراق اليوم " عن احتفال ابناء الناصرية، بذكرى تأسيس الحزب، " يحتفل الشيوعيون العراقيون في الذكرى الثالثة والثمانين لتأسيس حزبهم ويشاركهم به أصدقائهم ومناصريهم والمقتنعين بمبادئ الحزب وقيمه التي تمسك الشيوعيين بها طيلة سنوات نضالهم وبأشكاله المختلفة في السر والعلن" .
تحية حب ووفاء لـ قواتنا المسلحة والحشد الشعبي والبيشمرگه واشارت " ونحن نحتفل اليوم في هذه الذكرى الغالية نحيي جيشنا وقواتنا المسلحة والحشد الشعبي والبيشمرگه وهم يحققون الانتصارات لإعادة الحياة إلى محافظاتنا التي دمرها الإرهاب والفساد" . وعن حراك الحزب الشيوعي العراقي، قالت الأمين " للشيوعيين دورا مهما في الاحتجاج المطلبي والحراك المدني ليجسدوا شعار مؤتمر حزبنا العاشر في التغيير لبناء دولة مدنية ديمقراطية . تحقق العدالة الاجتماعية للشعب العراقي من خلال بناء مؤسسات الدولة على أساس المواطنة وإقرار قوانين عادلة تحقق نظاما سياسيا ديمقراطيا متطورا بعيدا عن المحاصصة الطائفية وأدعو السلطة التشريعية إلى إقرار قانون انتخابي عادل ومفوضية مستقلة وفي خلاف ذلك ستتحمل المسؤولية عن إعادة إنتاج ذات الطبقة السياسية التي ضحت بالشعب والوطن من أجل مصالحها الشخصية . وتابعت " يبقى الشيوعيون يستلهمون العبر والدروس من سنوات نضالهم الطويلة لتحقيق طموحات شعبنا في الحرية والعدالة والعيش الكريم. وفي هذه المناسبة أحيي نضال الشيوعيين في مدينة الخالد فهد مؤسس الحزب ، والمجد والخلود لشهيدات وشهداء الحزب الذين ضحوا بحياتهم من أجل مستقبل أفضل للشعب والوطن". عودة الحياة في عروق الناصرية الشيوعية ! ويستذكر صديق الحزب الشيوعي، ابو نضال في حديثه لـ " العراق اليوم "، حكاية اعادة افتتاح محلية الحزب في الناصرية بعد سنوات المنع والمصادرة، يقول " بعد هذه العقود الطوال، وبعد سنوات طوال على حظر النشاط الشيوعي في هذه المدينة، كانت محلية الشيوعي العراقي، اولى الحركات التي عادت وفتحت ابوابها عقب نيسان 2003، وكان الشيوعيون وأصدقائهم اوفياء كعادتهم في التوافد على مقر هذه المحلية، حيث استذكرنا قوافل شهدائنا الشيوعيين، واصدقائهم بل واستذكرنا كل شهداء العراق الذين سقطوا على مذبح حرية العراق واستقلاله". ويضيف " كانت المحلية تضج بالأمل المتحفظ بعض الشيء، لأننا كانا نمني النفس بعد انتهاء حقبة البعث السوداء، بغد افضل، وحياة كريمة تنصف الطبقات التي ناضل من اجلها الشيوعيين وكل الوطنين، لكننا صدمنا بواقع مرير، وقفت خلفه جهات مشبوهة واجندة تدميرية، كادت ان تودي بالعراق الى الحرب الاهلية، لو لا فضل وشجاعة الرجال الوطنيين الشجعان ". ويتابع " واظبت في كل عام بذكرى تـأسيس الحزب الشيوعي على الاحتفال بطريقتي الخاصة، وكذلك المشاركة في الاحتفالية المركزية التي يقيمها الرفاق هنا في الناصرية ". ويشير الى ان " الاحتفال بولادة الحزب ليس حكراً على الرفاق او المنتمين لصفوفه، ابداً، هو احتفال لكل وطني يبحث عن انصاف الكادحين، ويحلم بوطن حر وشعب سعيد ". عمال الناصرية : الاحتفال تجديد للمطالب ! من جانبه، رأى الناشط العمالي قاسم السعيدي، ان تجدد الاحتفالات السنوية في ذكرى تأسيس الشيوعي العراقي، ليس الا اصراراً من كل الطبقات التي تهتم لشؤون هذا التنظيم الوطني على تجديد مطالبها الحقة والمشروعة للطبقة العاملة في العراق، بانصافها وحمايتها من تغول الرأسمالية المتوحشة التي باتت تجلد اضلاع الفقراء كل يوم وبلا رحمة. وقال السعيدي لـ " العراق اليوم "، ان كل احتفالية ليست وقوفاً على اطلال الماضي بقدر ما هي محطة للتذكير، ولرفع صوت الاحتجاج السلمي لغرض انصاف شرائح المجتمع الاكثر تضرراً بفعل سياسات التقشف والفساد التي طالت جميع مرافق الدولة ".