بغداد- العراق اليوم:
أثار خطر حدوث اقتتال كردي كردي في إقليم كردستان بعد "داعش" قلقا لدى مواطني كردستان من ظهور مشكلة جديدة تضاف الى الازمة السياسية والمالية التي لم يخرجوا منها بعد.
ويبعد مسلحو وحدات مقاومة شنكال (YBŞ)عن قوات (روز) التابعة لقوات زيرفاني التابعة لحكومة اقليم كردستان في منطقة (خانه سور) في قضاء سنجار (300) متر فقط وأصابعهم على زناد أسلحتهم استعدادا لتجدد المواجهات المحتملة بينهما كالتي حدثت في الثالث من الشهر الحالي وخلفت ضحايا بين القوتين الكرديتين.
ويدور الخلاف بين مسلحي وحدات مقاومة شنكال (YBŞ) القريبة من حزب العمال الكردستاني (PKK) وقوات (روز) المكونة من اكراد سوريا والتابعة لحكومة اقليم كردستان والقريبة تحديدا من الحزب الديمقراطي الكردستاني حول تواجد القوتين في قضاء سنجار الذي تعرض عام 2014 لهجوم "داعش" والذي ادى الى نزوح آلاف المواطنين الايزيديين ومقتل واسر المئات منهم من قبل التنظيم.
وتوقع قادر الشيخ ممي قائد قوات روز تجدد المعارك مع وحدات مقاومة شنكال اذا استمر الوضع دون حل، وقال ": لسنا مع اقتتال الإخوة ولكنك ستضطر حتى الى ضرب ابنك اذا شاكسك" كإشارة الى الهجوم على وحدات مقاومة شنكال.
واتهم الشيخ ممي وحدات مقاومة شنكال بأنها تخضع لسيطرة حزب العمال وأضاف: "إنهم سكان كردستان تركيا فليذهبوا ويحرروا جبالا هناك".
وتلقي القوتان بالمسؤولية عن نشوب المواجهات على قوة الاخرى، حيث افاد مسؤولون في قوات روز تحدثت "نقاش" معهم انهم كانوا ينوون دخول المنطقة من اجل حماية الخط الحدودي بين العراق وسوريا من مسلحي "داعش" عبر سنجار فيما تشير وحدات مقاومة شنكال الى ان مجيئهم كان لانقاذ "داعش".
وقال سرحد شنكالي مسؤول العلاقات في وحدات مقاومة شنكال ان قوات "روز" اتخذت الاستعدادات للهجوم عليهم من جديد وقد استقدمت قوات عسكرية الى المنطقة بدعم من حكومة اقليم كردستان.
وقال شنكالي وهو ايزيدي من المنطقة "كانت حجتهم في الهجوم على المناطق الخاضعة لسيطرتنا هي وجود مسلحي حزب العمال في حين لا يزيد عدد هؤلاء عن (100) شخص ويعملون في الاستشارة العسكرية ويدربون قواتنا".
ويبدو ان اسباب اندلاع الاشتباكات ليس ما يتحدثون عنها وان أحداث خانه سور ما هي الا نتائج، فالخلافات بين حزب العمال الكردستاني والحزب الديمقراطي الكردستاني الذي يدعم قوات "روز" لها إبعاد إقليمية ولاسيما وان الخلافات بين القوتين وصلت الى كردستان سوريا حيث اتهم الحزب الديمقراطي الكردستاني أكثر من مرة حزب الاتحاد الديمقراطي "PYD" بالتفرد في ذلك الجزء من كردستان ومنع الأطراف السياسية المقربة من الحزب الديمقراطي الكردستاني من العمل هناك.
وتعتبر الهدنة بين القويتين العسكريتين الكرديتين في سنجار مؤقتة وان احتمالات تجدد الاشتباكات كبيرة على الرغم من توسط وزارة البيشمركة لإيقافها.
وقال جمال ايمنيكي رئيس اركان وزارة البيشمركة والذي شارك في مفاوضات وقف الاشتباكات بين القوتين الكرديتين إن "سنجار جزء من اقليم كردستان وقد استغل حزب العمال فرصة مجيء داعش للسيطرة على تلك المناطق، واذا كانوا يعتبرون انفسهم المتنفذين في المنطقة فلن يقبل منهم ذلك لانهم ليسوا حزبا تابعا لاقليم كردستان حتى يبقوا في المنطقة".
واضاف ايمينكي وهو مرشح الحزب الديمقراطي الكردستاني في ذلك المنصب الرسمي: "لم يتم توقيع اي اتفاق حتى الآن لإنهاء الخلاف واذا استمر حزب العمال على عقليته هذه فان هناك احتمالا كبيرا في تجدد الاشتباكات كل يوم، فهم لا يسمحون لقوات "روز" التابعة لروج آوا ان تتواجد في ذلك الجزء من كردستان كما يعترضون طريقها في سنجار ايضا فهل يذهبون الى السماء".
انها ليست المرة الاولى التي تصل فيها الخلافات بين الحزب الديمقراطي وحزب العمال الى حد الاشتباك فقد خلفت الاشتباكات بين الوحدات العسكرية التابعة للجانبين في عام 1992 ضحايا فيما وصلت الاشتباكات بينهما في عام 1994 الى حد دعوة الجيش التركي الى داخل اراضي الاقليم وهي لا تزال تحتفظ بمقرات عسكرية ضمن حدود دهوك حتى الان.
ويربط حزب العمال الكردستاني الخلافات بالتقارب بين الحزب الديمقراطي والحكومة التركية التي يخوض ضدها صراعا عسكريا منذ اكثر من ثلاثين عاما.
وقال سرحد فاتو المتحدث باسم العلاقات الخارجية لحزب العمال ان "القوات التي هاجمت وحدات مقاومة شنكال يتم تدريبها من قبل الحزب الديمقراطي وتركيا وقد هاجمت الايزيديين بالاسلحة الالمانية التي تم تزويد حكومة الاقليم بها لحماية ذلك المكون في سنجار".
ويقف وراء الخلافات بين حزب العمال والحزب الديمقراطي دافع اكبر يتعلق بالمعادلات الاقليمية.
فتركيا تعتبر تواجد حزب العمال في كردستان سوريا خطا احمر وقد أشارت اكثر من مرة الى انها لن تسمح بإنشاء دولة كردية على الحدود مع سوريا فيما تهاجم من حين الى آخر وحدات حماية الشعب (YPG) هناك، كما تحتفظ تركيا بوحدات عسكرية في منطقة بعشيقة ضمن حدود الموصل وقد شددت اكثر من مرة على انها لن تسمح بإنشاء "قنديل آخر" في المنطقة كإشارة لتواجد مسلحي حزب العمال في سنجار على غرار تواجدهم في جبل قنديل المتاخم للحدود التركية العراقية الايرانية.
وفي المقابل يعد حزب العمال بشكل غير مباشر ضمن الجبهة الايرانية لاسيما وان الجبهتين في خلاف حول مشكلات العراق واقليم كردستان وسوريا.
ورأى واثق الهاشمي رئيس المجموعة العراقية للدراسات الإستراتيجية ان الهجوم ضد وحدات مقاومة شنكال من قبل القوات المقربة من الحزب الديمقراطي له علاقة بمعادلة اكبر وهي تأثير تركيا في المنطقة خصوصا وان الحادث وقع بعد اربعة ايام من زيارة مسعود بارزاني رئيس اقليم كردستان الى تركيا.
وقال الهاشمي ان "هناك مشكلات كبيرة داخل البيت الكردي ولاسيما بسبب وجود إدارتين في السليمانية واربيل وان اهتمام بارزاني بتركيا والاقتتال بين حزب العمال والحزب الديمقراطي سيقسم الأطراف الكردية".
ويرى الهاشمي ان هناك خلافات ومشكلات اكبر في الطريق خلال مرحلة ما بعد داعش وان السيطرة على شركة نفط الشمال في كركوك هو امتداد لأحداث سنجار وقد تكون لها تداعيات في مناطق اخرى وسيكون للاعبين الخارجيين الدور الأكبر فيها خصوصا إيران وتركيا وأميركا.
ولم يخرج مواطنو اقليم كردستان بعد من الأزمة المالية والخلاف السياسي بين الاطراف التي سببها منصب رئيس الاقليم وتعطيل البرلمان وقد دق ناقوس ظهور ازمة جديدة اخطر من سابقاتها وهي الاقتتال الكردي الكردي.
وقال الباحث السياسي محمد بازياني ان "اقليم كردستان سيواجه بعد داعش ازمات كثيرة وقد اقلق خطر اندلاع الاقتتال الكردي الكردي مواطني الإقليم لاسيما وان حزب العمال والحزب الديمقراطي يملكان اسلحة قوية للمواجهة فيما لا يزال المواطنون يعانون من مشكلة الميزانية وتأخر الرواتب".