بغداد- العراق اليوم: يروي التاريخ السياسي والاجتماعي في العراق، إن أعضاءً في مجلس النواب (الأعيان والشيوخ) طلبوا من وزير الداخلية آنذاك، إن يصدر أمرا بإغلاق ملاهي بيع الخمر وبيوت البغاء في الميدان.
ونقل وزير الداخلية طلبهم إلى رئيس الوزراء يومذاك، الباشا نوري السعيد، الذي عارض الطلب، موضحا لهم: إنّ ملاهي بيع الخمر وبيوت البغاء في الميدان، تعد أماكن مخصصة ومحصورة في هذه المناطق المعروفة لدى الدولة وتحت إشراف الشرطة والصحة، وفي حالة منعها وإغلاقها فسوف تفتح بشكل سري وغير مشروع وبعيدة عن انظار الحكومة، وفي أماكن ومناطق سكنية نظيفة، وستخلق مشاكل وآثارا سلبية على المجتمع.
ولم يقتنع أعضاء مجلس النواب بإيضاحات الباشا واصروا على طلبهم بغلق ملاهي بيع الخمر وبيوت البغاء في الميدان، ما ادى إلى خلق أزمة بين رئيس الوزراء ومجلس النواب،
شغلت بال وفكر الباشا، وبدأ يبحث لها عن حل مقنع ومرض ٍ للجميع.
وبعد مضي مدة قصيرة وذات يوم، والباشا السعيد كان عائداً من عمله، وموضوع الأزمة يسيطر على عقله، وبعد تناوله طعامه، فتح جهاز المذياع وراح يستمع لمطربه المفضل محمد القبانجي وهو يصدح بمقاماته الجميلة، وفجأة خطر على باله، حل للمشكلة تمثل بمقلب يحرج فيه النواب ماجعله يتصل بوزير الداخلية ويطلب منه توجيه دعوة عشاء إلى النواب، في مبنى رئاسة الوزراء دون ان يخبره بما خطر في باله.
وفعلا ، لبى النواب دعوة الباشا واقبلوا على الطعام بشهية، ليأمر بعدها الخدم العاملين في صالة الطعام وبسرية بغلق الحمامات والمرافق وجلب مفاتيحها إليه دون إن يعلم احد بذلك.
أكل النواب وشربوا وتبادلوا أطراف حديث الساعة فيما بينهم والباشا في وسطهم يجاملهم ويتبادل معهم الحديث، وبعد إن امتلأت كروشهم، اراد البعض الذهاب إلى الحمامات والمرافق فوجدها مغلقة.
وحين لم يعرفوا سبب غلقها، بدأ الضيق والتذمر على الوجوه، ولم يتجرأ أحد على إخبار الباشا السعيد بذلك، ما اضطرّ بعضهم الى الخروج من صالة الطعام ليقضي حاجته في حديقة بناية رئاسة الوزراء، والباشا يراقب الوضع عن بُعد.
على إثر ذلك، امر نوري السعيد بفتح الحمامات والمرافق، حيث توجّه الأغلبية منهم لقضاء حاجاتهم، ثم دعاهم الباشا جميعاً، وأوضح لهم الاسباب التي جعلته يأمر بإغلاق الحمامات والمرافق في قصد لتذكيرهم بموضوع إغلاق ملاهي بيع الخمر وبيوت البغاء في الميدان:
حينها خاطبهم الباشا: عندما أغلقنا الحمامات والمرافق عنكم، اضطررتم الى قضاء حاجتكم في أماكن عامة نظيفة غير مخصصة للأمر، كذلك الحال مع رواد ملاهي الخمر، و بيوت البغاء في الميدان، فلسوف يفعلون مثلكم، ويضطرون الى البحث عن أماكن عامة نظيفة وقد تكون سكنية، لتنفيذ رغباتهم الخاصة، وهذا سيخلق مشاكل اجتماعية خطيرة.
اقتنع النواب بجدوى سياسة الباشا فيما يخص الأزمة، وتم حل الإشكال، وخرج الجميع راضياً !!