بغداد- العراق اليوم: مع إعلان البنك المركزي العراقي، بقيادة محافظه الدكتور علي العلاق، انتهاء المفاوضات مع البنك الفيدرالي الأمريكي، المنعقدة في تركيا، واقترابها من تحقيق هدفها النهائي، المتمثل بتفكيك الأزمة الحالية، وإعادة الاستقرار للأسواق، و الحفاظ على سعر معقول للصرف، وأيضاً تطمين الشريك الأمريكي عبر إجراءات عاجلة، وفعالة، لمنع عمليات تهريب الدولار من العراق الى الدول الخاضعة للعقوبات الدولية، و منع عمليات الاستيلاء غير القانونية على مبالغ هائلة من إيرادات العراق من الدولار، كما حدث في صفقة سرقة القرن الأخيرة، يكون القرار الذي اتخذه رئيس الوزراء محمد شياع السوداني، بتغيير إدارة البنك المركزي العراقي، و تعيين العلاق، محافظاً لهذه المؤسسة النقدية المهمة جداً، قد اتى ثماره، و نجح في وضع السياسة النقدية في العراق بيد أمينة ومجربة، وقادرة على إتخاذ القرارات اللازمة، وانفاذ القوانين والتشريعات بشكل أمثل، و التنسيق مع الجهات المعنية و الدولية، بشكل يخدم الاقتصاد الوطني، ويوشج علاقات البلاد مع الشركاء الدوليين. و بهذا نستطيع القول بضرسٍ قاطع، أن هذا الإختيار، سيكون مكسباً للبلاد على الأقل في هذا الظرف الحساس والخطير، بلحاظ أمرين مهمين، أولهما يتمثل بالحاجة الفعلية لشخصية وازنة تمتلك خلفية نقدية، و دراية في عمل مؤسسات النقد، وهذا ما تحقق مع العلاق الذي يعد بحق خليفة لكبار رجال السياسة النقدية في العراق . الأمر الثاني، هو الحاجة الى شخصية نقدية قيادية تمتلك امتداداً دولياً، قادرة على الحوار مع المجتمع المالي العالمي، و قادرة على إقناعه بحقيقة وصدق التدابير والإجراءات لوقف إستخدام المكاسب المالية، في دعم جهات معينة لا يرغب المجتمع الدولي في وصول الأموال إليها، خصوصاً ان تلك الجهات تستغل فوضى سابقة في مزاد بيع الدولار للاستيلاء بشكل احتيالي في الغالب على ملايين الدولارات يومياً. الأزمة الحالية، رغم أنها شكلت ضغطاً رهيباً على الحكومة العراقية، و أيضا إدارة البنك المركزي العراقي، الا انها لا تخلو من فوائد أيضاً، ولعل في طليعتها، هو التحاق العراق متأخراً بنظام سويفت العالمي للتحويلات المالية، و بدء عهد جديد في إدارة التجارة الخارجية، و إيقاف عمليات الهدر و النزف المالي التي كانت تهدد مستقبل البلاد. إن تمكين إدارة البنك المركزي العراقي بقيادة المحافظ علي العلاق، من تطبيق القانون و الأنظمة و اللوائح بشكل حيادي و مستقل، سيمكن هذه الإدارة من إعادة الأمور الى نصابها الصحيح، و قد لمسنا منذ أول يوم لتولي العلاق المنصب تغييرا في إيقاع الأزمة، و تراجعاً في لغة اليأس و الإحباط التي سادت قبل وصول العلاق الى موقعه، لكننا اليوم على موعد مع انخفاض دراماتيكي لسعر الصرف الذي فقد اكثر من 13 نمرة خلال الساعات القليلة الماضية، و الأيام المقبلة ستشهد المزيد من إرتفاع قيمة الدينار العراقي امام الدولار، و المزيد الحزم الإصلاحية التي ستعيد النظام المالي و النقدي الى مساره بعد طول انحراف.
*
اضافة التعليق