بغداد- العراق اليوم:
في البدء لا نزال نحسن الظن بل ونتمسك بكون المؤسسة القضائية من انزه المؤسسات في الدولة، وهي الحصن الحصين والمنيع الذي بقي من دولة نخر الفساد أركانها، فبتنا نعتصم بحبل القضاء، ونلوذ بعرينه، فهو اليد الصلبة، والذراع التي تطول بالقانون، ولا احد يجرؤ على التشكيك بها، او الإعتداء على حرمتها، بل ورأينا كيف انتفض الكل حينما حصل بعض التعدي على حرمة السلطة القضائية، فكان الشعب كله خلف قضائه الوطني الذي لا تأخذه في الحق لومة لائم.
وهكذا اعتقادنا الراسخ ان السلطة القضائية، ستكون أيضاً المدافع الصلب والشرس عن اموال الشعب العراقي، ولن تتهاون طرفة عين في متابعة كل الأيادي الآثمة التي امتدت لتسرق لقمة الفقراء، بل ان موعدهم الصبح اليس الصبح بقريب!.
لكننا نبدي بعض الدهشة عن قبول اخراج بعض المتهمين الكبار، بل والرؤوس المخططة والمسهلة لعملية سرقة القرن، بكفالات هي اقرب للرمزية منها للواقعية، فمثلاً تناهى الى الأسماع الإفراج عن المتهم هيثم الجبوري بكفالة مالية قدرها 25 مليون دينار عراقي، اي اقل من 13 الف دولار تقريباً، فيما الكل يعرف ان الجبوري هو الداينمو الذي يقف وراء نهب قرابة 3 مليار دولار من اموال الضرائب ، بكتاب مشبوه وبفعل واضح المقاصد، وان نسبته التي تحصل عليها لا تقل عن ربع المبلغ على الأقل ، فهل يعجز عن دفع مثل هذه الكفالة الرمزية، ومن يضمن انه لن يهرب او يُهرب، ولنا تجارب سابقة مع هروب مثل هولاء ، أفلم يهرب وزير الكهرباء الأسبق ايهم السامرائي من قبل ووو..الخ، فما الضامن ان لا يهرب الجبوري وبعض كبار المتورطين في هذا الملف الخطير، لاسيما ان حدود كردستان مفتوحة، وان الثروة التي يملكونها باستطاعتها ان توصلهم الى مكان يشاؤون، فلماذا لم تجد السلطات المختصة مادة من قانون العقوبات العراقي رقم 111 لسنة 1969 المعدل، تمنع الإفراج عن هولاء حتى استكمال إجراءات التحقيق والكشف عن الفاعلين الأساسيين الذين يقفون وراء هذه السرقة التي سُميت بسرقة القرن ؟.
واذا افترضنا ان هذه الجريمة المنظمة حدثت في زمن المقبور صدام حسين ونظامه، فهل سيسمح لهولاء بالخروج بمثل هذه الكفالات ومع ان القانون هو نفسه، فلماذا يسمح لهم الآن بالخروج، والشعب ناقم وغاضب على الجميع، ومن ثم فإن اعلان هيئة النزاهة عن وجود قرار منع من السفر بحق هؤلاء، لا يغني ولا يسمن، بدليل ان نور زهير جاسم بطل الصفقة وعرابها الأساسي كاد ان يهرب مع وجود منع السفر عليه كما تدعي هيئة النزاهة، لولا تدخل وزير الداخلية عثمان الغانمي، الذي تحمل مسؤولية إيقافه ومنعه من الهروب الى خارج العراق في موقف تاريخي سيظل محفوظاً له في تاريخ العراق.
أننا نعرف وبشهادة الوقائع والشهود أن المتهم هيثم الجبوري هو المفتاح السحري الذي فتح به اللصوص خزانة الأمانات في الهيئة العامة للضرائب، ولولا هيثم لما استطاعوا قطعاً نهب المليارات الثلاثة، بدليل ان حصته كانت بحدود 500 مليون دولار، فكيف يطلق سراحه بكفالة 13 الف ؟!
نتمنى مراجعة قرارات الافراج عن هذه الشبكة، وان تستخدم اشد القوانين النافذة بحقهم، وان تستعاد اموال الشعب العراقي منهم باسرع وقت، وان لا نسمع عن هروب اي شخص منهم ولأي ذريعة او تحت اي مبرر، وإلاً فإن الشعب سيعتبر كل من يساهم في اطلاق سراحهم بهذه الكفالة الهزيلة مشاركاً في الجريمة، وقد يأتي يوم سيندم فيه الجميع إن فعلوا !
اضافة التعليق