بغداد- العراق اليوم: بغية منع تعرضهم لضربات جوية، اشعل الارهابيون المتحصنون داخل الموصل حرائق يؤدي دخانها الكثيف الى مسحة من الظلام فوق المدينة التي تسعى القوات العراقية لاستعادتها.
ومصدر الحرائق ابار النفط والكثير من اطارات السيارات او الخنادق المليئة بمواد قابلة للاشتعال اضرم الارهابيون النار فيها.
ودخان الحرائق من اقدم وسائل الحرب، لكن القوات الامنية تملك معدات وقاية لتفاديها في حين يفتقد المدنيون لذلك وبالتالي فانهم الاكثر تضررا.
وعند قرية التينة، جنوب الموصل، اختلطت سحب دخان ابيض ناجمة عن قيام ارهابيين بحرق مصنع الكبريت قبل ايام مع دخان اسود من ابار نفط.
وتم اخماد النيران في مصنع الكبريت لكن ابار النفط ما تزال مشتعلة.
وبدأ داعش يتذمر من السكان الذي ابدوا عدم الدعم له فيما القوات الأمنية العراقية تتقدم.
وخاطب ارهابيون أهالي الموصل: سوف تدفعون ثمن عدم تعاونكم معنا وسنجعلكم فريسة لقوات الجيش والحشد الشعبي.
لكن على ما يبدو لم يعد ينفع الخطاب الطائفي لداعش في تأليب السكان على القوات العراقية.
ولطالما استخدم داعش وسياسيون يسعون الى تقسيم نينوى مثل آل النجيفي، الخطاب الطائفي لتحريض سكان الموصل على أبناء بلدهم من المكون الأكبر الذين يسعون الى انقاذهم من داعش.
واسفرت سحب الدخان عن انخفاض الرؤية الى مئات الامتار فقط، فيما يلعب اطفال على جانب الطريق وسط انتشار الغبار والدخان.
وقالت طيبة (11 عاما) التي ترتدي ثوبا ازرق اللون وتضع غطاء احمر على رأسها، "لا نستطيع التنفس بسهولة" بسبب الدخان.
فيما قال انس، طفل في السابعة من العمر، ان الدخان "يؤلم حنجرته".
ووفقا لبيان للامم المتحدة، فان 600 الى 800 شخص خضعوا لمعاينة طبية اثر تعرضهم للغاز المنبعث من احتراق مصنع الكبريت.
وتم فحص غالبيتهم في مركز طبي قرب القيارة حيث استقبل الاطباء حالات تطلبت ارسالها الى مستشفى تتوفر فيه معدات طبية اكثر تطورا.
-ادوية "اسعارها مرتفعة"-
وقضى اثنان من المدنيين جراء استنشاق غاز الكبريت.
وكان التنظيم المتطرف فجر الاربعاء مصنع كبريت المشراق، الواقع على بعد حوالى 50 كلم جنوب الموصل، حيث ينتشر الاف من القوات الامنية العراقية.
ويتعرض سكان مناطق غير خاضعة لسيطرة القوات الامنية حول الموصل لتاثيرات الدخان وغاز الكبريت ولا يتوفر لديهم سوى علاجات محدودة.
وقال طبيب في مستشفى "الجمهوري" داخل الموصل، في اتصال هاتفي وفق وكالة فرانس برس ان اعدادا كبيرة تعاني من مشاكل في الجهاز التنفسي.
واوضح ان "غالبية هؤلاء يعانون من الربو، خصوصا الاطفال وكبار السن (...) نبذل اقصى ما في وسعنا لكن نقص الادوية في المستشفى يزداد سوءا".
وذكر اطباء في مستشفيات الموصل، ان الارهابيين يحتفظون بالجزء الاكبر من المواد الطبية لانفسهم بسبب تعرضهم لخسائر جسيمة جراء المواجهات مع القوات الامنية.
وقال ابو ثائر الذي يسكن الاطراف الشرقية في الموصل انه قصد مستشفى "الجمهوري" لمعالجة احد اولاده (خمسة اعوام) "ابني مصاب بالربو ويعاني كثيرا بسبب الدخان".
واضاف ان "الادوية المتوفرة مرتفعة الثمن وجئت الى هنا ليتعالج في غرفة الاوكسجين".
واشار ابو ثائر الى بعض سكان الموصل يحاولون الابتعاد الى مناطق اقل تأثرا بالدخان.
بدورهم، قال خبراء في الصحة والاسلحة الكيميائية من اللجنة الدولية للصليب الاحمر ان سحب الدخان حول الموصل ليست من النوع الشديد السمية.
واعلنت اللجنة لفرانس برس ان "المواد الكيميائية السامة الفتاكة والخطيرة هي التي تلك التي لا تشعر بها الحواس الطبيعية بسهولة".
ومع انعدام اقنعة الوقاية، على المدنيين استخدام مناديل مبللة بالماء لتغطية الفم والانف، وفقا للصليب الاحمر.
وتظهر صور الاقمار الصناعية، بقعا سوداء فوق ساحة المعركة في الموصل، لكن الخبراء قالوا ان التكتيك الذي يستخدمه الارهابيون تاثيره محدود رغم انه يحجب الرؤيا عن الطائرات المسيرة.
وقال الكولونيل المتقاعد من القوات الخاصة الاميركية، ديفيد ويتي ان الحرائق تكون مؤثرة في الغالب في "عرقلة مؤقتة على الارض".
واضاف ان "الدخان يحد بشكل كبير من الدعم الجوي بواسطة طائرات مروحية هجومية لكنه اقل بالنسبة للطائرات المزودة نظام تحديد المواقع المستهدفة".