بغداد- العراق اليوم: كتب محرر (العراق اليوم): ايام وليالي متواصلة، والناس تواصل مسرتها نحو كربلاء المقدسة، من اقصى بقاع العراق، من رأس البيشة حيث الخليج واقصى جنوب الحزن الحسيني، ومن تخوم كردستان العراق حيث يندفع ملايين المحبين، من هناك يحملون عبق الشهادة، وعطر الورد، واضعين أرواحهم على اكفهم، يتسابقون نحو مدرسة التضحية والفداء التي اسسها، وكتب منهجها سيد الشهداء الصدقيين الامام الحسين بن علي بن ابي طالب. كل هذه الأيام الضاجة بالعشق، لا تزال تشهر للعالم بأسره اروع صور الجمال والسمو والسلام، حيث ينشر هولاء الطيبون، رسل السلام، الماشون على أقدامهم، عبير التضحية، مؤكدين انهم مشاريع دائمة في دروب الخير والرحمة والمغفرة، ليقولوا لكل العالم ان هذه المسيرة الخضراء انما هي عربون سلام دائم، وصرخة بوجه العسف والطغيان والاجرام وامتهان كرامة الإنسان، وليؤكدوا انهم رغم كل هذه السلمية العابقة من بينهم، وبين جموعهم الغفيرة، إنما هم أيضاً ثوار دائمون ضد الجور والباطل، وأئمة الفسق والفساد والتعدي. انها في الواقع مسيرة بشرية فريدة من نوعها، تعكس وعياً متقدماً لشعب حي، تتضامن معه شعوب اخرى، وتشترك معه في استهلام قيمه الروحية والأخلاقية امم اخرى، فعنوان مسيرة كربلاء المقدسة، وهذا الحشد الأربعيني المكتظ، هو عنوان جامع للإنسانية كلها، لا يفترق عن نضالها المتواصل في شتى بقاع الأرض، فأينما وجد أئمة الجور والظلم، وجدت امة الحسين حية نابضة متوثبة للانتفاض والانقاض على الإنحراف. انها ليست طقساً دينياً مغلقاً، بل هي مسيرة اسلامية بأبعاد إنسانية عظيمة، ستزداد وهجاً كلما اوغلت في عمق الزمن، وسيعرف الناس جميعاً مدى قوة الحياة في ضمير شعوب تنتمي للحسين فكرا وعقيدة.
*
اضافة التعليق