بغداد- العراق اليوم: من راقب الساعات الماضية جيداً، خصوصاً تلك التي حملت في بطنها للأسف، تلك الصدامات المسلحة الدامية، وذلك الاندفاع غير المبرر للعنف، سيجد أن القوات الأمنية، كانت تواجه ازمة حقيقية جداً، وكان الموقف صعباً حاسماً، أذ انك الآن أمام حالة يصعب تفكيكها، ويصعب التعامل معها، فأنت لا تقاتل عدواً كداعش أو القاعدة او تصد عدوان دولة ما، وبذات الوقت لا يمكنك السماح لمجموعات مسلحة مهما كان انتماؤها وقربها منك مادياً ومعنوياً ونفسيا، أن تحتل مواقع الدولة، وتسقط مؤسساتها بشكل واضح، وبين هذا وذاك، يجب عليك ان تتوازن، وأن لا تسقط في فخ الأفراط او التفريط. اذا ما فهمنا هذا الأمر، سنفهم عملية تحول الغضب الصدري ببعده السياسي الى مواجهات مؤسفة، إدانها رئيس التيار الصدري ذاته، كان تمفصلاً خطيراً، ومنعطفاً يُحسد من تجنب تحويله الى صيغة صدام مسلح عنيف، مع فصيل سياسي يؤمن بالدولة ومساهم فيها بقوة كالتيار الصدري، وسنفهم أن القادة، وخصوصاً الوزراء والقادة الأمنين، وبالخصوص وزير الداخلية الفريق أول ركن عثمان الغانمي، نجح بكل اقتدار وحنكة ومسؤولية من تجنب هذا التحول، ونجح في تحييد القوة المهاجمة دون صِدامات مسلحة معها، وأيضاً نجح في ضبط القوات الأمنية التي تعاملت باقصى حالة الانضباط والالتزام والمهنية، ولم تنجر الى فخ القتال المباشر مع المهاجمين من المحتجين الغاضبين، بل رأينا ان القوات المسلحة وخصوصاً قوات الشرطة الاتحادية والأفواج التي كانت بأمرة وزارة الداخلية، كانت مثالاً للانضباط ولم يسجل عليها اي موقف لاستخدام العنف، ولم تندفع الى الوقوع في شباك الاقتتال. نعم والحق يقال فقد نجحت الداخلية بوزيرها واجهزتها جميعاً، بالحفاظ على الأمن المجتمعي، وأمنت بشكل واضح المؤسسات الحيوية، ومنعت نهازي الفرص، والمتربصين بأمن وأستقرار العراق من استغلال هذا الخلاف السياسي، بل وتمكنت الداخلية على ايصال رسائل تهدئة الى المتظاهرين، حيث نجحت في تأمين حراكهم السلمي من المندسين والمخربين، وهذا عمل بطولي يحسب للداخلية ولرجالها الابطال. أننا امام عمل شجاع قامت به الداخلية التي منعت انزلاق البلاد الى العنف، وكانت قد مهدت الوضع الى المزيد من الهدوء والأمن، وهو ما تحقق خلال ساعات قليلة، بعد دعوة السيد الصدر الى الانسحاب، وتقديم شكره الى القوات الأمنية على ما لعبته من دور حاسم في عملية تأمين البلاد، والحفاظ على سلامة العباد. فشكراً للداخلية ولوزيرها المحنك، ولكل منتسبيها الابطال.
*
اضافة التعليق