بغداد- العراق اليوم:
بقلم أياد السماوي
من الذي سيحمي الدستور من المتجاوزين على بنوده وأحكامه ؟؟ وما هو حكم المؤسسات التي لا تلتزم بتنفيذ أحكام هذا الدستور ؟ وأيّ إصلاح هذا الذي يراد له أن يمضي من خلال التجاوز على أحكام الدستور ورفض قرارات المحكمة الاتحادية ؟ وكيف تكون هذه المحكمة نزيهة ومستقلّة ولا ترضخ للضغوطات السياسية وبعد بضعة أشهر تصبح غير نزيهة وغير مستقلّة ومنحازة للثلث المعطّل ؟ ولماذا هذا الإصرار على عدم الرضوخ والالتزام بقرارات المحكمة الاتحادية العليا ؟ وما هي تبعات هذا التمرّد على قرارات المحكمة الاتحادية وعلى مستقبل النظام القائم ؟ أسئلة ينبغي أن نسلّط الضوء عليها في هذا الظرف الحرج جدا والخطير جدا والذي ينذر بزوال النظام القائم ..
لا شّك أنّ الشعب العراقي الذي خرج للتصويت على الدستور والمرجعية الدينية العليا التي دعت هذا الشعب للتصويت عليه هما الكفيلان بحماية هذا الدستور وحماية النظام السياسي القائم , وإذا كانت المحكمة الاتحادية العليا هي الجهة الدستورية الحصريّة الوحيدة بموجب الدستور المختّصة في الرقابة على دستورية القوانين والأنظمة النافذة , وتفسير نصوص الدستور , والفصل في المنازعات التي تحصل بين الحكومة الاتحادية وحكومات الأقاليم والمحافظات والبلديات والإدارات المحليّة والفصل في القضايا التي تنشأ عن تطبيق القوانين الاتحادية والقرارات والأنظمة والتعليمات والإجراءات الصادرة عن السلطة الاتحادية , والمصادقة على النتائج النهائية للانتخابات العامة لعضوية مجلس النواب , فإنّ هذا الدستور قد جعل من قرارات المحكمة الاتحادية العليا باتّة وملزمة للسلطات كافة .. وإذا كان الشعب هو مصدر السلطات كافة , فإنّ الدستور هو من حدّد اختصاصات وصلاحيات كلّ سلطة من هذه السلطات , والتزام كافة المؤسسات الاتحادية والإقليمية بأحكام الدستور هو الذي يعطي الشرعيّة لهذه المؤسسات , وفي حالة عدم التزام هذه المؤسسات بأحكام الدستور فإنّها تفقد شرعيتها ..
ومما يؤسف له أنّ بلدنا ونظامنا السياسي القائم يمرّ اليوم بأخطر ردّة وتمرّد على الدستور منذ التصويت عليه عام 2005 وحتى هذه اللحظة , هذه الردّة تتمّثل بالتمرّد وعدم الامتثال لقرارات المحكمة الاتحادية العليا ورفضها من قبل حكومة إقليم كردستان , وعدم الاعتراف بشرعية ودستورية هذه المحكمة , ومما زاد في خطورة هذا الموقف وتعقيده هو انضمام الكتلة الصدرية بزعامة مقتدى الصدر إلى جوقة المتمّردين على الدستور وقرارات المحكمة الاتحادية العليا واتهامها بالانحياز إلى الثلث المعطّل , والإيعاز لنواب الكتلة الصدرية لإعادة طرح مقترح قانون الأمن الغذائي الطارئ والإصرار على عرضه على مجلس النواب قبل عرضه على الحكومة ومناقشته في مجلس الوزراء , خلافا للدستور ولقرارات المحكمة الاتحادية السابقة واللاحقة التي أوجبت عرض مقترحات القوانين على مجلس الوزراء لمناقشته وصياغته كمشروع قانون باعتبار أنّ مجلس الوزراء هو الجهة الحصرية بتقديم مشروعات القوانين بموجب المادة (80) من الدستور .. إنّ التمرّد على أحكام الدستور وقرارات المحكمة الاتحادية العليا الذي يقوده تحالف ( إنقاذ وطن ) هو بداية النهاية للنظام السياسي القائم وتقسيم العراق إلى دويلات وكانتونات متناحرة ومتقاتلة , ولا شّك أنّ تحالف ( إنقاذ وطن ) لا يملك هذه الجرأة على عدم الامتثال لأحكام الدستور وعدم الانصياع لقرارات المحكمة الاتحادية , لولا الضوء الأخضر من زعيم التيار الصدر مقتدى الصدر على عدم الامتثال والاحتكام للدستور ورفض قرارات المحكمة الاتحادية .. وما لم يهبّ الشعب العراقي الذي صوّت على الدستور ومن ورائه المرجعية الدينية العليا لإنقاذ البلد من هذه الردّة وهذا التمرّد على الدستور , فإنّ العراق ماض نحو الانهيار والتقسيم والاقتتال ..
*
اضافة التعليق