بغداد- العراق اليوم: الحسنان توأم يقف كل من يراهما مشدوهاً لتطابقهما بحيث يبدو أنهما شخص واحد أمام مرآة. غير أن حكايتهما لا تُختصر بهذا التشابه المفرط ولا بتعمدهما ارتداء ملابس متطابقة هي الأخرى، بل تتعدى ذلك إلى عملهما الإعلاميّ الذي جعلهما مراسلين حربيين في معارك تحرير الموصل من تنظيم داعش، ثم في مشاركتهما الفاعلة في انتفاضة تشرين العراقية التي نقلها وقائعها لوسائل إعلام عملا بها تلك الفترة. حسن وحسين (27 عاماً) ولدا في محافظة واسط العراقية وأكملا دراستهما هناك، قبل أن تستهويهما حرفة الإعلام، ليعملا في وكالة محليةٍ للأنباء. وتزامنت الأيام الأولى لعملهما مع معارك تحرير المناطق التي كانت تسيطر عليها داعش فوجدا نفسيهما يتقدمان كتفاً إلى كتف مع المقاتلين ولا سلاح لهما إلا الهاتف لتوثيق تلك الأيام التاريخية. يتحدث حسين عن تجربتهما: "شاركنا في معارك ضارية ورافقنا القادة بحيث تعرفنا على دقائق هذه المعارك، وتوطدت علاقتنا مع أهالي الموصل الذين أحبونا لأننا نقلنا صورة حقيقة عنهم مغايرة لما كان يروجه الطائفيون آنذاك" ويضيف "كان هاجسنا الأساس الوقوف في وجه الدعوات المتكاثرة وقتها للانتقام من أهالي الموصل، لأننا عشنا مع هؤلاء الأهالي ورأينا الظلم الفادح الذي تعرضوا له، وأظن أننا أسهمنا بتغيير تلك الصورة النمطية التي كانت شائعة عنهم". بعد انتصار القوات الأمنية في تلك المعارك وتحرير الموصل كتبت الوكالة التي كانا يعملان بها تقريراً مؤثراً عن عملهما "التوأمان حسن وحسين نقلا للعراق كل تفصيل مهما كان صغير بهاتف ذكي واحد ذو عدسة واحدة هزم الجميع في عصر التكنولوجيا عبر صفحتنا ومجموعتنا وتطبيقنا وتعاملوا مع كافة الإعلام العراقي الذي طلب الحقيقة فقط حين عجز غيرهم بالدخول لساحة المعركة كما فعلا ، فقد أصيبوا وجرحوا ونزفوا ولم يستسلموا حتى يذاع بيان النصر غداً سيودع الحسنان موصلهم وصداقاتهم وسيعود العاشقان لنا وسنضع العلم العراقي على أكتافهما وسنستقبلهم كما نستقبل الأبطال وبأنتظار مغامرة جديدة مع الخوة النظيفة المشروع الصغير ذو الجهود الذاتية الذي يحلم أن يحتوي جميع العراقيين لنبذ الطائفية". ومع عودتهما إلى بغداد كانت بانتظارهما تجربة جديدة لا تقلّ أهمية وخطورة عن السابقة. كانت الاحتجاجات ضدّ الأحزاب المتحاصصة في حكومة العراق مستمرة وكان للحسنين دورهما في المشاركة الفاعلة فيها ودور آخر في تغطية وقائعها إعلامياً. سنة 2018 اشتركا في التظاهرات التي شهدتها محافظة البصرة، ثم حين بلغ الاحتجاج ذروته في تشرين 2019 كانا شاهدين على بسالة المتظاهرين وعلى الخطف والقتل والترويع التي تعرض لها الناشطون في ساحة التحرير. يقول حسين "طيلة 130 يوماً كنا جزءاً من هذه الثورة التي طالبنا فيها مع سائر شباب العراق بوطن يليق بتاريخ العراق كما يليق بأحلامنا" مضيفاً "نريد وطناً ذا سيادة وغير محكوم بالتدخلات الخارجية سواء من إيران أو أميركا. نريد دولة مدنية ليبرالية. نريد عراقاً حراً سيد نفسه يحكمه أبناؤه وخالياً من السلاح المنفلت، ودستوره وقوانينه تحمي حرية الاعتقاد ما لم يضر بالسلم الأهلي". أما حسن فتحدث عما يلاقيانه من تهديدات بسبب نشاطهما "نتعرض للتهديد بشكل يومي، وهو ما يتعرض له غالبية الناشطون". سألنا حسين إن كانت انتفاضة تشرين قد فشلت، فأجاب بالنفي "كنا نعرف منذ البداية أننا نمثل خطوة على طريق إنقاذ العراق من الفساد والمحاصصة والارتماء في حضن الأجنبيّ، فنحن وقود لمرحلة مستقبلية، لكننا واثقان أن العراق الحرّ المحتضن لأبنائه قادم برغم كل ما يعترض الطريق من مصاعب". الهاجس الأكبر للحسنين هو القلق الذي يسببه نشاطهما للعائلة ولأمهما بالذات، يقول حسين "أمنا اعتادتْ وجودنا في المخاطر لكنها في النهاية أمّ والقلق هو مهنة الأمهات". يختم الحسنان حديثهما "عشنا طفولة صعبة وعانينا من شظف العيش، طموحنا الأأكبر في أن نكون فاعلين ومؤثرين لنسهم في تسهيل حياة آخرين".
*
اضافة التعليق