بغداد- العراق اليوم: نستعيرُ من ميمية الشاعر الفطحل، الراثي لآل البيت، السيد جعفر الحلي بيتاً من قصيدته العصماء تلك، ليكون لسان حال مقالنا، ومفتتح بياننا، و آلة حوارنا، حيث يقول الحلي متحسراً، ومتأسفاً، ومستغرباً: ويقــدم الأمـوي وهو مؤخر ويؤخر الـعلوي وهو مقدم ولعمرنا فإن هذا هو الحال، وتلك هي المأساة التي تصدمُ كل حر في عراق ما بعد 2003، حيثُ قرّب" أمويو" هذا الزمان، وأبُعد "علويو" المهاجر والمنافي، ومن عاشوا في مطامير الزنازين المظلمة، ومن تعرض ابناؤهم وعوائلهم الى المشانق والسجون الباردة، دفاعاً عن قيم الحياة الحرة، ودفاعاً عن معنى ان يكون هناك عراق تسوده المساوة، وينعم أهله بشيء من الحرية والكرامة. نعم، فقد نجح للأسف البعثيون ومن بقي منهم مدافعاً عن الدكتاتور حتى الرمق الأخير، من التسلق ثانيةً، والعودة الى مقاليد السلطة ثانية، فجلسوا في افخم المكاتب، وتسنموا أعظم المناصب، وأقصوا (عينك عينك) من كان يجاهد ويناضل ويدفع الثمن، دون حتى رأفة أو احترام لذلك النضال، ولتلك الارادة الحرة التي انطلق منها في سبيل ان يبقى انساناً محتفظاً بكرامته. لقد رأينا وشهدنا صعود وتسلق اولئك المجرمين، وأبعاد خبرات وكفاءات وطاقات وطنية شجاعة دون ان تلفت لها القوى السياسية المخلصة على الأقل، أو تنظر لهذا الغبن والحيف الذي حاق هذه الأسماء دون مبرر، ولعل في مقدمتهم الفريق الركن نجيب الصالحي، هذا الرجل المناضل والبطل، الذي انشق عن النظام الدكتاتوري في اوج بطشه، واعلن موقفه في وقت عزت فيه الموقف، وندر فيه الرجال الا ثلة وطنية اتخذت من الاردن وسوريا وايران - لقربها من العراق جغرافياً - ملاذاً لتقول كلمة الرفض هادرةً بوجه صدام والصداميين، فعرفنا صحافيين وكتاباً وضباطاً وشخصيات مهمة معارضة كانت لها صولات وجولات جريئة ضد البعث وحكمه الفاشي. بهولاء نزعت ورقة التوت عن عورة النظام الصدامي بعد أن فضحوا بكل جرأة وشجاعة جرائمه التي لا تعد ولا تحصى، لكنهم ابعدوا واقصوا ايما اقصاء بعد 2003، فهل يعقل ان عقلاً عسكرياً اكاديمياً مخضرماً مثل الفريق الصالحي لا تستفيد منه الدولة في بناء جيش وطني احترافي مهني معزز بعقيدة راسخة، فيها الولاء للوطن وحسب. هل يعقل ان لا تستذكر القوى السياسية التي حكمت كيف تصدى هذا الرجل ببأس وشجاعة لذلك النظام الذي كانت مخابراته المجرمة، لا تتهاون ولا تتساهل ابداً في ملف الضباط المناوئين والمنشقين، ولا ترحمهم أو ترحم عوائلهم أو حتى اقاربهم حتى الدرجة الرابعة، وحين نقول الرابعة فأننا نعي ذلك ونؤكده!. هل يعقل ان القوى السياسية الحاكمة اليوم قد وجدت من هو اكفأ أو اكثر اخلاصاً من الصالحي او عرفان الحيالي او عناد الدليمي أو نعيم الكعود، أو غيرهم من الضباط الشجعان، المحكومين بالإعدام من قبل محاكم صدام الإجرامية، لتقدمهم عليهم في المواقع والمناصب الحكومية والعسكرية؟ لا والف لا، لكنا رأينا وللأسف، من كان يقف راقصاً امام البعث متغنياً بأمجاده يُقدم للمناصب، ويوضع في اماكن ليست له، ويتولى مهام ليست من اختصاصه، وهذا هو العيب والخلل الذي لم تدركه القوى السياسية، والذي ندفع ثمنه كل يوم. انها دعوة صادقة لكل القوى المخلصة ان تعيد النظر في خياراتها، وان تستعيد هذه الطاقات، ومنها الفريق الصالحي في اي تشكيل وزاري او حكومي جديد، وان يأخذ المناضلون حقهم واستحقاقهم الشخصي والعائلي، وهو أيضاً حق الوطن واستحقاقه بكل تأكيد.
*
اضافة التعليق