العراق اليوم
يخوض العراقيون بمختلف توجهاتهم، وأطيافهم، وانتماءاتهم اليوم معركة مصيرية مع قوى الإرهاب المتمثل بتنظيم داعش.. ولعل عملية تحرير الموصل تمثل الذروة في المواجهة مع الإرهاب.. لذلك تعاضد العراقيون الشرفاء جميعاً، واتفقوا، وتضامنوا على دحر الإرهاب، وتحرير مدن العراق، لاسيما الموصل الحدباء، أم الربيعين. وكان للإعلام العراقي، والشعر والفن الملتزم دور مساند في هذه المعركة الشرسة، بل كان للفن دور كبير في شحذ همم المقاتلين الأبطال ورص صفوف الشعب العراقي خلف القوات المسلحة ، والحشد الشعبي المبارك، وقد تزاحم الفنانون كباراً وصغاراً، بل وحتى الكهول منهم، على استوديوهات التسجيل والتصوير لتقديم مايمكن تقديمه من الأناشيد والقصائد والأهازيج التي تمجد بطولات اخوتهم المقاتلين في خطوط المواجهة مع العدو، لكننا للأسف لم نجد الفنان العراقي الكبير، ونجم الأغنية العربية اللامع كاظم الساهر في صفوف هذا الموكب الوطني المشرف، لا سيما وأن لكاظم قدرة فنية، وحضوراً جماهيرياً هائلاً، وثقلاً فنياً كبيراً، لو تم استخدامه جيداً لصالح المعركة التحريرية، لأصبحت الكفة الإعلامية العراقية في الميزان العربي أثقل من كل إمكانيات العدو، الذي تدعمه محطات، ومراكز، وميزانيات خليجية وعربية ودولية فخمة.. لأن ما يقوله كاظم الساهر ليس كما يقوله غيره، وما يفعله كاظم الساهر بأغنياته وأناشيده من تأثير في عقول ونفوس الجماهير العربية لا يمكن أن يفعله غيره مهما كان، بل ولا يمكن أن يقارن به مطلقاً.. فالساهر محبوب عربياً، ومؤثر جماهيرياً، وحين يغني عن الجيش العراقي مثلاً، فإنه سيكسب الملايين من أبناء الشعب العربي لصالح الجيش، أما إذا أنشد للحشد الشعبي، فإنه سيغير آراء الملايين من العرب الذين نجحت وسائل الإعلام السعودية والقطرية في توجيههم نحو اتجاهات طائفية سلبية معادية للحشد الشعبي بشكل خاص، وللعراقيين بشكل عام..
إن كاظم الساهر (العراقي الذي لا غبار عليه)، والوطني الذي لا يزايد أحد عليه، مطالب اليوم اكثر من أي وقت آخر بتأكيد انتمائه الصميمي، وتجديد ثقة الشارع العراقي به.. بعد أن كثر الحديث السلبي عنه، خاصة في الأوساط الشعبية العراقية، بدءاً من امتناعه أو رفضه كما يشاع زيارة بغداد، وتخليه عن الغناء بلهجته العراقية، بل والإبتعاد عن التحدث أمام وسائل الإعلام العربية باللهجة العراقية.. فضلاً عن ما يقال بشأن حصوله على الجنسية القطرية، وحرجه أمام القطريين في الغناء ضد داعش، باعتبار أن تنظيم داعش هو (الأحب) لقلوب القطريين، ناهيك عن مجاملته لبعض الجهات الخليجية والعربية النافذة، لكن الحقيقة التي أقتنع بها قناعة تامة أن أبا وسام، وبعد تربعه على عرش الأغنية العربية بدون منافس، لم يعد بحاجة اليوم الى تقديم التنازلات، أو إبداء المجاملات، إرضاءً لهذه الجهة الإنتاجية التجارية، او تلك الجهة الإعلامية الخليجية المؤثرة، فقد بات الساهر علماً من أعلام الفن العربي، وصوتاً عالياً، وقيمةً فنية هي الأعلى بين الأصوات العربية الكبيرة .. لذا فإن عدم تفاعله مع قضايا شعبه بخاصة هذه الأيام -مهما كانت الأسباب –وصمته أزاء قضية تحرير مدينته، ومسقط رأسه الموصل أمرٌ غير مبرر مطلقاً، وما انزواؤه بعيداً عن واجهة الحدث الأهم في تاريخ شعبه والذهاب بصمته بعيداً عن مكانه الحقيقي في دعم أهله وأبناء وطنه، وهم يخوضون اليوم حرباً تحريرية ضد الأوغاد المحتلين، إلاَّ أمرٌ غريب لا يتناسب وما عُرف عنه من مواقف وطنية داعمة.. لا سيما (وگفاته) المشهودة في دعم زملائه، وأبناء شعبه بل وفي كل ما يخص بلاده بمختلف المناسبات.. وأخيراً فإن كاظم الساهر لا يحتاج الى من يحثه، أو يحرضه، فهو ابن العراق، وابن الموصل الحدباء التي سُبيت نساؤها على يد مجرمي العصر الدواعش. فما أحوجها الى وقفته، وما أحوجنا الى صوته المعبر المؤثر.. وانا واثق من أن لكل كلمة من أناشيد كاظم الساهر فعلاً يزيد على فعل الرصاصة، والقذيفة.. فهل سيبادر أبو وسام، ويهرع الى أقرب استوديو ليقول عبر ألحانه الرائعة: مرحباً نينوى.. انا موجود؟
الموصل تنتظر من الساهر عملاً غنائياً يلجم به الأعداء، ويخرس الحاقدين، والحاسدين، والشامتين!