غيبوبة القطاع الصحي العراقي

بغداد- العراق اليوم:

القطاع الصحي العراقي الذي كان يُشار اليه بالبنان بدأ تدهوره منذ غزو الكويت، وبعد حصار ترافق مع فساد حكم صدام الذي خفّض تمويل الرعاية الصحية بنسبة 90% بين عامي 1993 و2003. وفاقم الأمر مغادرة كثير من الأطباء وأصحاب الاختصاص البلاد سعياً وراء حياة أفضل.

بعد 2003، لم يحسّن النظام السياسي الجديد واقع النظام الصحي. إذ شهد سيطرة أحزاب سياسية نافذة على المؤسسات العامة واستغلالها لمصالحها المالية. من بين هذه المؤسسات، بطبيعة الحال، القطاع الصحي الذي شهد استشراء للفساد وانتشاراً للرشوة والمحسوبية والسرقة. فرغم الأرقام الفلكية التي خُصصت للمنظومة الصحية، بقي التدهور السمة العامة التي طبعت هذا القطاع. المستشفيات التي بُنيت في القرن الماضي لا تزال هي نفسها، وتلك التي تم التخطيط لبنائها قبل 15 عاماً، في بغداد وغيرها من المحافظات، إلتهم الفساد وسوء الادارة مخصصاتها فلم تكتمل؛ الأدوية نادرة، والمستلزمات الطبية الحديثة أكثر ندرة، وبعض المرضى عليهم الانتظار أسابيع لإجراء عمليات قد يؤدي تأجيلها الى موتهم. ولعل أرقام البنك الدولي تعطي صورة واضحة عمّا نتحدث عنه. فرغم ارتفاع عدد سكان العراق من 7.28 مليون عام 1960 إلى 39 مليوناً عام 2019، تراجع عدد الأسرّة في المستشفيات بين عامي 1980 و2017، من 1.9 سرير لكل 1000 عراقي إلى 1.3 سرير فقط.

لعب الفساد دورًا رئيسيًا في هذا الانهيار، وغياب أي خطة لمكافحته يعني أن العشرات الذين قضوا في حريقي مستشفيي ابن الخطيب والحسين قد لا يكونون آخر ضحايا تداعي هذا القطاع، الذي أثقلت كاهله عقود من الصراعات والفساد وأدخلته في إعياء شديد، قبل أن تؤدي به جائحة كورونا إلى غيبوبة تامة.

مجدّداً... في هذا العدد، أرقامٌ صادمة لحقيقةٍ تسعى الطبقة السياسية إلى طمسها. مبالغُ أُنفقت على قطاع عام لو أنها وُضعت في أيدٍ أمينة لكانت جعلت من بلادنا صرحاً علميّاً وطبيّاً عالميّاً...

رابط #المجلة على تلغرام

https://t.me/theinfomag

علق هنا