بغداد- العراق اليوم: توقف طنين الطلقات وقذائف المورتر والقنابل في بلدة برطلة بشمال العراق الجمعة ليحل محله للحظات الجمعة صوت لم يسمع هناك منذ أكثر من عامين: رنين أجراس الكنائس.
وعاد هدوء حذر إلى هذه المنطقة المسيحية التاريخية في أعقاب استعادتها من تنظيم داعش، الخميس مع تقدم القوات العراقية صوب الموصل آخر معقل رئيسي للجماعة في العراق.
وبعد أن كانت يوما ما موطنا لآلاف المسيحيين الاشوريين خلت برطلة من سكانها في أغسطس آب 2014 عندما استولت عليها الجماعة الارهابية في اطار موجة هجمات خاطفة عبر مساحات واسعة من العراق وسوريا المجاورة، حين وجه داعش إنذارا إلى المسيحيين: إدفعوا الجزية أو تحولوا إلى الاسلام أو فلتموتوا بالسيف. وفر معظمهم بمن فيهم جميع سكان برطلة باتجاه المنطقة الكردية المتمتعة بحكم ذاتي.
وسيمر بعض الوقت قبل أن يتمكن الناس من العودة إلى البلدة التي شهدت قتالا شديدا يوم الخميس بين مقاتلي التنظيم وقوات من جهاز مكافحة الارهاب الذي يقود هجوم الموصل إلى جانب قوات الجيش والشرطة والحشد الشعبي.
وفي الطريق غربا إلى برطلة تتناثر بقايا المعركة: فوارغ الطلقات وعبوات ناسفة بدائية الصنع جرى إبطال مفعولها وشظايا من سيارات ملغومة وتفجيرات على جانبي الطريق.
وقال قادة عسكريون ميدانيون عراقيون إن الارهابيين أرسلوا أكثر من 12 مركبة ملغومة بعبوات ناسفة بدائية لمهاجمة القوات الحكومية في غضون ساعات قليلة يوم الخميس لكنهم تركوا عبوات ناسفة اخرى كثيرة مزروعة في أرجاء شوارع ومباني البلدة.
وعكفت قوات جهاز مكافحة الارهاب اليوم على إغلاق انفاق حفرها الارهابيون وإزالة الالغام رغم أن بعضها مازال باقيا في طرق ثانوية ومنازل.
وقال اللواء الركن معن سعدي القائد الميداني للمعركة وقد لف علما عراقيا حول كتفيه "برطلة آمنة ومأمونة الآن. إنها تحت سيطرتنا الكاملة."
وأبلغ الصحفيين اثناء زيارة قصيرة لكنيسة مار متى للسريان الارثوذكس إن مقاتلي داعش -الذين استهدفوا في وقت سابق اليوم قوات جهاز مكافحة الارهاب بنيران قناصة- تم القضاء عليهم تماما.
وأضاف أن أكثر من 80 ارهابيا قتلوا في المعركة وأن عددا قليلا يرجح انهم فروا إلى عمق الاراضي التي تحت سيطرة داعش.
ومنيت القوات العراقية بخسائر بشرية قليلة في المعركة رغم أن مسؤولين عسكريين رفضوا اعطاء أرقام محددة. وأبلغ قائد كتيبة رويترز أن فردين من قوات جهاز مكافحة الارهاب قتلا.
ويبدو أن الجماعة أزالت صلبانا من أعلى منارة الكنيسة وبرج الجرس وطمست معالم تمثال لشخصية دينية.
وعمت الفوضى ارجاء الكنيسة المبنية من الاجحار: القاذورات على الارض والمقاعد الخشبية مخلوعة وكتب التراتيل متناثرة.
وفي مقابر مجاورة نصب الارهابيون صاروخا مصوبا باتجاه الشرق إلى الموقع السابق للقوات العراقية على خط الجبهة.
ولحقت أضرار بأجزاء من مبنى إداري متاخم حيث تحطمت النوافذ وانقلبت المكاتب رأسا على عقب وأحرقت بعض الغرف.
ورسم مقاتلو دتعش علمهم الاسود على أحد الجدران وحاول جندي من قوات جهاز مكافحة الارهاب إزالته بكشطه بحجر.
وعلى الأرض توجد حفنة من مسابيح الصلاة المسيحية.
وفي غرفة أخرى لمقاتلي داعش توجد سبورة يظهر عليها نظام غذائي وتدريبات للياقة البدية ودروس في التعاليم الاسلامية واستعمال الاسلحة وتكتيكات عسكرية.
وعلى لافتة أخرى تظهر قائمة بالنقاط الضعيفة في جسم الانسان بدءا بالعينين والانف.
وقال الفريق الركن طالب شغاتي رئيس قيادة العمليات المشتركة التي تشن حرب العراق على داعش "هذه الكنيسة الاثرية التي دنسها الارهابيون جرى تحريرها اليوم."