بغداد- العراق اليوم:
"موت طفلة يقطع مورد أسرة فقيرة"، عنوان لافت لقصة إنسانية حقيقية سردها كاتب تفتح الباب على كارثة إنسانية حلت في العراق.
الأب سكير والأم صابرة والأطفال بين حنان أمهم وقسوة أبيهم، هي صورة العائلة التي تجسدت كثيراً في أفلام السينما والمسلسلات التلفزيونية، لكنها حقيقة موجودة على أرض الواقع.
بطلة القصة رقية، الطفلة المصابة بشلل الأطفال، أنقذت أهلها من التشرد، وصارت عائلتها تتلقى مورداً من المال كل أسبوع قدره 400 دولار. ففي منتصف 2014، كانت رقية في الخامسة من عمرها، وتوفيت بعد عامين، لضعف مناعتها وإصابتها بنوبات قلبية مرات عدة. إذ نصح الطبيب والدتها بألا تعرضها للإجهاد، بعد أن علم أنها ووالدها يصحبانها كل يوم للتنزه.
الحقيقة إن حياة رقية مرّت بلا نزهات، فوالدها حوّلها إلى سلعة يؤجرها لشبكات التسول. كانت تصحبها إحدى السيدات للتسول يوميا، وعند الغروب تعيدها إلى أهلها. كان مرض رقية يشتد، وكلما زادت أوجاعها كان والدها يرفع سعر إيجارها، لأن رؤية الناس لطفل عاجز ومريض يحنّن قلوبهم، ما يعني أن المورد اليومي يكبر.
قصة أخرى بطلها حسن جاسم (48 عاماً) الذي تحول خلال خمسة أشهر إلى مشرد بعد أن كان يملك منزلاً صغيراً في أطراف بغداد. اضطر إلى بيعه وبيع سيارته ومصاغ زوجته، كما استدان المال من أقاربه، كي يسدد دية مقتل شخص في نزاع عشائري، كان جاسم طرفاً فيه مع إخوته. يقول جاسم : "الآن استأجرت منزلاَ، ولا عمل لي بعد أن بعت سيارة الأجرة، مصدر رزقي". وجاسم يعاني من مرض السكري وارتفاع ضغط الدم، ولا يقوى على العمل الشاق، ولم يكن أمامه سوى افتراش رصيف سوق شعبي وبيع السجائر.
النوم العميق للأطفال المستخدمين في التسول، منظر مألوف بين المتسولين في طرق العاصمة العراقية.
ويوضح رجل الأمن محمد العزاوي " أن "المخدر سبب النوم العميق للأطفال المستخدمين في التسول". مضيفا: "هؤلاء الأطفال مُستأجرون من ذويهم، يُخدرون بالشراب لكي يتحملوا الساعات الطويلة وقساوة الأجواء صيفاً أو شتاءً".
ويؤكد "من الصعب محاسبتهم. حاولنا ذلك، هناك من يقف خلفهم"، مشيراً إلى ما أسماها بـ"العصابات الحديثة" و"المافيات"، وموضحاً "هي جماعات تقف الأجهزة الأمنية مكتوفة الأيدي أمام انتهاكاتها". واعتبر أن "المتسولين مصدر دخل وفير، لذلك ينتشرون في كل مكان".