ذي قار تستعد لقدوم بابا الفاتيكان.. هل تنهي الزيارة عقودا من الإهمال؟

بغداد- العراق اليوم:

منذ أيام والاستعدادات تجري على قدم وساق في محافظة ذي قار، تحضيرا لزيارة بابا الفاتيكان فرنسيس الذي أعلن عن جدول زيارته العراق في آذار المقبل، وستشمل الزيارة مناطق عدة بينها مدينة أور الأثرية مسقط رأس النبي إبراهيم، في ذي قار.

وشكلت الإدارة المحلية في المحافظة لجنة خاصة بالتحضير للزيارة، بينما وضع محافظ ذي قار ومسؤولو الدوائر البلدية خطة لتأهيل الأماكن القريبة على مدينة أور لإظهارها بشكل جيد عند زيارة البابا للمدينة.

وفي الأسبوع الماضي، نظمت حكومة ذي قار المحلية زيارة وجولة ميدانية في مدينة أور الأثرية بحضور الدوائر الخدمية والأمنية للاطلاع على الاحتياجات اللازمة لإعداد خطة ملائمة لاحتضان الحدث التاريخي.

وقبيل هذه الإجراءات، أجرى وفد أمني خاص من الفاتيكان زيارة خاطفة في 11 تشرين الثاني 2020، إلى المدينة للاطلاع على واقعها ووضعها الأمني وخاصة مدينة أور التي زاروها مع بيت النبي إبراهيم ثم غادروا سريعاً بعد لقائهم بمسؤولين محليين وأمنيين.

ونهاية العام الماضي، زار وفد سري من الفاتيكان مكون من 10 أشخاص تقريباً المدينة ذاتها وأجروا جولة في عدة أماكن ومواقع مهمة بذي قار، وبقوا هناك يوماً واحداً ثم غادروا الناصرية دون إبداء أي ملاحظات حول المدينة واستعداداتها.

أهمية زيارة بابا الفاتيكان

يقول الكاتب والمترجم لأغلب البعثات التنقييبة التي تزور العراق، ليث سهر، إن "زيارة البابا الى مدينة أور الاثرية مهمة جدا في هذا الوقت، وستكون نتائجها مهمة وفعالة فهي ستسلط الضوء على القيم الانسانية والتاريخية والحضارية لمدينة أور الاثرية وحضورها الكبير في التاريخ الانساني بشكل عام وتاريخ الاديان الابراهيمية بشكل خاص".

ويضيف سهر أن "هذه الزيارة قد تشكل منعطفا مهما في مد يد العون للعراق في الحفاظ على أرثه الخالد، خصوصا وأن مدينة اور لازالت تعاني من الاهمال، كما أن الزيارة ستسهم بفتح باب الحوار الحضاري مرة اخرى بعدما فقد العراق الكثير من تنوعه بسبب الهجرة الكبيرة لمواطنيه المسيحيين والأقليات الأخرى، ولعل هذه الزيارة تساهم في الحفاظ على ما تبقى من تنوع بشرع في البلاد".

من جانبه، يعتقد الباحث الاثاري ومدير متحف الناصرية الحضاري عامر عبدالرزاق، أن "زيارة بابا الفاتيكان الى مدينة أور الأثرية سيكون لها أثر كبير وفعال، منها تنشيط السياحة في العراق بشكل عام ومحافظة ذي قار بشكل خاص، سيما وأنه سيزور محافظات أخرى من العراق".

ويوضح عبدالرزاق أن "للزيارة أثرا دينيا أيضا، ما سيضفي مسحة روحية تدفع الملايين إلى زيارة هذه البقعة المقدسة من مدينة أور مع اقبال السواح عليها، خاصة وأن هذه المنطقة شهدت ولادة النبي إبراهيم".

ويتابع، أن "جوهر زيارة البابا للعراق كان لأجل أور، حيث يبدأ منها ما يسمى بالحج الأكبر، وبالتحديد من موطن النبي إبراهيم إلى كنيسة القيامة في فلسطين".

استعدادات أمنية

وتقع مدينة أور الأثرية غرب الناصرية مركز محافظة ذي قار، بمسافة لا تتجاوز 20 كلم، ويوجد في داخل المدينة القديمة المقبرة الملكية والمحكمة القديمة وأقدم قوس عدالة في التاريخ، وبمسافة 500 متر يوجد بيت النبي إبراهيم بحسب المختصين في مجال الآثار.

وبالقرب من هذه المواقع جميعاً، تقع قاعدة الإمام علي الجوية ومطار الناصرية والكلية الرابعة التي تتمركز فيها قيادة عمليات سومر وكذلك سجن الناصرية المركزي "الحوت".

وتخضع هذه المواقع العسكرية لحماية مشددة بدرجة قصوى على على مدار الساعة وهي متأهبة بشكل متواصل وهناك أكثر من خط عسكري موجود قرب مدينة أور الأثرية، يوفر حماية لسجن الحوت الذي يضم الاف الارهابيين، الأمر الذي يجعل المواقع الآثارية القريبة محمية بدرجة خاصة ومؤمنة بالكامل.

وبحسب مصادر أمنية مطلعة، فإن زيارة البابا لن تكون عبر الطرق البرية، بل ستكون محطة هبوطه عبر قاعدة الإمام علي أو مطار الناصرية  لينطلق من هناك إلى مدينة أور الأثرية.

ويقول مصدر أمني إن "الحديث عن الاستعدادات الأمنية لزيارة البابا لا يزال مبكرا حتى الآن، وقد كانت هناك لقاءات أمنية مع ممثلين عن البابا للحديث عن النقاط الأمنية بالمحافظة بشكل عام والتأكد من أن الأمور تسير بشكل جيد لوضع التأكيد النهائي على زيارة البابا لمدينة أور".

ويضيف "حتى الآن لا يوجد تأكيد لزيارة البابا إلى مدينة أور الأثرية، ولم تصلنا أي برقيات أمنية لأخذ احتياطات خاصة بهذا الشأن، لكن الأيام المقبلة ستكشف لنا المهام والأعمال التي ننطلق من خلالها في حال تأكدت الزيارة".

وكانت الخارجية العراقية، قد أعلنت بشكل رسمي الاثنين الماضي (7 كانون الاول 2020)، أن بابا الفاتيكان فرنسيس سيزور البلاد للمرة الأولى، في آذار المقبل.

وأوضحت الوزارة، في بيان، أن "البابا فرنسيس بابا الكنيسة الكاثوليكية، سيقوم بزيارة العراق خلال الفترة من 5 إلى 8 مارس آذار 2021"، مضيفةً أن "الزيارة تعبر عن رسالة سلام إلى العراق والمنطقة بأجمعها، وتؤكد وحدة الموقف الإنساني في مجابهة التطرف والصراعات، وتعزز التنوع والتسامح والتعايش".

وتعتبر الزيارة الأولى للبابا فرنسيس إلى العراق، منذ أن ترأس الكنيسة الكاثوليكية في مارس آذار 2013.

ويقدر عدد المسيحيين في العراق بحوالي 450 ألف شخص، وفقا لتقديرات غير رسمية، بعدما كان عددهم يناهز 1.8 مليون نسمة قبل الإطاحة بالنظام السابق عام 2003

 

 

علق هنا