بغداد- العراق اليوم: خطوة اضافية يتخذها رئيس الوزراء مصطفى الكاظمي ضمن سلسلة من الخطوات التي يحرص عليها لانقاذ روح بغداد التراثية والاثارية، فهذا الرجل الذي اسهم قبل أعوام عدة على حفظ ذاكرة العراق واجياله، من خلال حرصه على حفظ الأرشيف الوطني من الضياع واسهامه الفاعل في توثيق تلك الذاكرة بحلوها ومرها، ها هو يعود اليوم ليمارس دوره من موقعه كمسؤول تنفيذي اول في الدولة، ليحافظ على جزء من الإرث الثقافي والحضاري لبغداد، من خلال قراره الوطني بمنع هدم مجمع العقيدة التراثية (الراهبات) وتحويله لمجمع استثماري. هذه الخطوة التي لو تمت لكانت محت من ذاكرة التاريخ واحدة من اعرق واقدم مؤسسات التعليم والتربية الرفيعة التي عرفتها بغداد، حيث تأسست هذه المدرسة كصرح تربوي في العام ١٩٢٥، حين كانت بغداد تتلمس طريق النور، وتسير في دروب المعرفة، وتستعيد ألقها الذاوي قرونا طوال. فكانت مدرسة العقيدة المسيحية شعلة من العطاء ومدرسة لانقاذ المرأة العراقية من براثن الجهل والتخلف والظلام الذي قبعت فيه، وكانت منارة للعلم الجديد والحياة المتدفقة من كل أبواب عصر النهضة العراقية الواعدة آنذاك. لذا فإن حفظ هذه البناية التراثية وانقاذها من معاول الهدم الجشعة، ووضع يد الدولة عليها لحمايتها من اي اعتداء آثم عليها، كونها خرجت من كونها ملكية خاصة إلى كونها صرح عام وارث لشعب يرفض أن تجرف ذاكرته مهما كانت الدواعي أو الأسباب. ان موقف رئيس الوزراء مصطفى الكاظمي في إصداره قراره الشجاع بمنع هدم هذا الصرح الشامخ سيكون بوابة للولوج إلى عهد حفظ التراث الوطني، وصيانة الذاكرة المادية وغير المادية من غول التخريب والعبث. لذا فقد ثمنت الأوساط الثقافية والفكرية وشرائح المجتمع المدني هذه الخطوة، معبرة عن غبطتها بهذه الالتفاتة الوطنية، فضلاً عن الثناء الذي نالته الخطوة من قبل المجتمع المسيحي العراقي الذي يعيش محاولات مجهولة لغرض تهجيره عن وطنه، وردم مساحات التواصل بينه وبين أرضه وذاكرته واجياله، ولعل الخطوة عكست اهتماما حكوميا رفيعا بالارث الإنساني والثقافي المسيحي في البلاد، وتوجها صادقا للحفاظ على روح التنوع الخلاق في المجتمع العراقي.
*
اضافة التعليق