بغداد- العراق اليوم: بقلم : جمال الطالقاني
هل يعي من له اطلاع بطريق الحريرالذي تحلم الصين المرشحة كقوة اولى في العالم هو ليس طريق فحسب , بل انه عبارة عن مدن صناعية وتجارية متكاملة في خارطة هذا الطريق ومحطاته , والذي يعتبر العراق واحدا من اهم تلك المحطات المهمة إن لم يكن اهمها ..
ان ميناء كوادر ما انوجد إلا وميناء الفاو النسخة المكملة له , والامارات تعد الخاسر الأكبر من انشاء ميناء جوادر وقد حاولت إيقاف المشروع بكل الطرق كما تفعل بالخفاء حيال ميناء الفاو فوجودهما يهدد موانىء دبي وخروجها عن الخدمة بعد اعوام معدودة من اكتمالهما , وما لموانئ دبي وتأثيرها السلبي على بقية الموانئ في خليج عمان وعدن وبحر العرب وصولا إلى قناة السويس، وسعي الامارات الدائم لسحب البساط من تحت أي ميناء ممكن أن يكون له أي فعالية في حركة الملاحة البحرية وقد رأينا دور الإمارات التخريبي في ميناء عدن في اليمن وميناء عصب في اريتريا وميناء بربرة في الصومال، فضلا عن استقطاب جميع السفن التي يمكن أن تحصل على خدمات الوقود وغيرها من ميناء العين السخنة في قناة السويس علما أن هذا الميناء أقرب وأوفر من ميناء جبل علي الامارتي لجميع السفن القادمة من الهند والصين .. ومن لم يثق بهذاالقول , عليه الذهاب للبحث في الكوكل والاطلاع على ما نشر من تقارير تتعلق بهذا الحدث , وما ملايين الدولارات التي انفقت على قسم من المتظاهرين المبرمجين والمهيئين لهذا الحدث واستغلاله , كي يتم اسقاط عادل عبد المهدي وحكومته على اثر زيارته للصين وفتح معبر البوكمال وهي القشة التي كسرت بل فلشت ظهرالبعير وما جرى على اثرها من سيناريوهات معلومة للجميع …!!!
كذلك سقوط رئيس الوزراء الپاكستاني نواز شريف الذي يعد من أقوى الداعمين لهذا المشروع والذي انهار نظامه بسبب عقده الاستثماري مع الصين المتعلق بميناء كوادر ولاستكمال طريق الحرير, وما سقوط رئيس الوزراء العراقي عادل عبد المهدي إلا استكمالا لسقوط شريف الرئيس الباكستاني ومن يرى غير ذلك فأما انه غبي مع سبق الاصرار والترصد .. واما انه يتغابى ويتغافل الواقع الدولي العالمي ومصالح الدول العظمى وتوابعها …!!!
المعروف ومن خلال استقصئياتي المهنية بتقاريرها المتنوعة ان الصين تعتبر ميناء الفاو الكبيرالعراقي هو رئة مشروع الحريرالصيني ومصممة على عدم التغيير في الخارطة الصينية تجاه العراق , وجميع الدول تتقاتل من اجل وجود لها في طريق الحرير ومنها دولة الكويت متمثلة بميناء مبارك الذي لا يمر مشروع الحرير بأرضها ومياهها ..
وقد يسأل سائل لماذا كل هذا التأخيروالتلكؤ في انشاء ميناء الفاو وبسبب من ومن هو المسبب ..!!
وعلى سبيل المثال ان ايطاليا احدى دول محور الحرير الذي يعتبر اكبر مشروع استثماري في تأريخ البشرية قد قدمت عرض للحكومة العراقية في عام ٢٠٠٣ بعد احتلال العراق , أن تنشأ وتستثمر ميناء الفاو الكبير ولمدة عشرين عام ومن المفترض كان المشروع يعمل بشكل متكامل بكل جزئياته وتفاصيله بعد ثلاث سنوات من الان .. اقصد هنا واؤكد منذ عشرين عاما .. إلا ان الحكومة العراقية رفضت العرض الايطالي في حينها لانها كانت مسلوبة الارادة والقرار بسبب الاحتلال الامريكي وتدخله في جميع القرارات المفصلية المستقبلية … لان الحاكم الفعلي حينها ولا يزال ( الامريكان ) .. هم المعرقلين الفعليين والوحيدين للمشاريع الاستراتيجية في العراق ..!!
عندما نتكلم عن ميناء الفاو الذي يعتبر واحدا من اهم (10) موانىء في العالم بطول (150) كم لسانه و(50) كم حوض الميناء ويتضمن (320) رصيف كما مخطط له ولنا ان نتخيل حجم التجارة الداخلة للعراق , كما ان الصين قد رصدت (٤٠٠) مليار دولار لاستثمارها في البنى التحتية لمشروع الحرير داخل العراق رغم ان المبلغ الكلي لانشاء الميناء لا يتجاوز ال (٦) مليار دولار وباقي المبلغ يدخل في تفاصيل البنى التحتية وانشائها … والتي تتضمن بناء قطارات كهربائية فائقة السرعة بالاضافة الى مدن صناعية متكاملة وصناعات تحويلية على طول الطريق الذي يحتاج لموارد بشرية تستقطب الايادي العاطلة التي تعاني من ملفها الحكومة الحالية وكذلك الحكومات المتعاقبة السابقة , بالاضافة الى ان مشروع الحرير المخطط له يحتاج الى مدن سياحية والى منشاءات تكميلية يتضمنها هذا المشروع العملاق .. وان المبلغ المتوقع لحجم البضاعة التي تمر عبر هذا الطريق الاستراتيجي ب (٣) ترليون دولار بمعنى (٣) ثلاثة الاف مليار دولار ولنا ان نتصور كم من المخازن نحتاج وكم من الايادي العاملة نحتاج ولو تم ذلك فأن المشروع سوف يشغل جميع ابناء العراق وقد لا يسدون الحاجة لهذا المشروع العملاق , واين النفط من كل هذا مقارنة ..!!
للاسف هناك ثقافة في الشارع العراقي نتيجة سوء الفهم من ناحية .. نتيجة الاستهداف السيء من قبل اطراف دولية وحتى مجاورة لا تريد للعراق النهوض بموارد قد تجعل العراق في مقدمة الدول اقتصادياً موهمين الرأي العام بأن العراق سيصبح ممراً للبضائع الصينية والحال هو عكس ما يشاع لان بتواجدنا كأحد الاطراف المهمين لمشروع الحرير “الحلم” سيكون لنا بنى تحتية تحلم بها جميع الدول والجوارخاصة , ونحن نستغرب من هذا التثقيف الاستهدافي للمشروع وسكوت النخب الاقتصادية والثقافية في البلد وهذا يسحبنا الى المؤسسات التعليمة ومنها الجامعات واساتذتها المختصين بالجانب الاقتصادي وكذلك الاعلام الوطني الحر الغير مسيس , ودورهم في التوعية الوطنية الصحيحة ليجابهوا الهجمة الشرسة التي لا يراد من خلالها العراق بأن ينهض ويترك موضوع الطاقة ( النفط) كمورد وحيد واساسي لادامة اقتصاده ..!!
واني استغرب من شكوى وتصريحات معظم المسؤولين العراقيين الذين يتحدثون ويدعون بدون دراية كاملة لهذا المشروع الضخم الذي يحتاج الى (١٢) سكة حديد تتوجه من البصرة الى منفذ بغداد ومنها الى سورية ماعدى الطرق السريعة والانفاق والگباري وما يحتاج لها من مدن صناعية وغيرها من مكملات المشروع كما اسلفنا .. وتعليلهم وشكواهم بأن العراق غير قادر مالياً على كل هذا رغم ان الصين هي من تتكفل بهذه التكاليف كما يتضمن الطلب الصيني ..!!
من هنا وكي نفند جميع تلك التصريحات السلبية ادعوا جميع العراقيين للبحث وبأدق التفاصيل عن مشروع الحرير ومردوداته وتفاصيله … كي نسقط ثقافة استهداف هذا المشروع “الحلم” للعراق وكي لاتفوتنا الفرصة … فالتكالب العربي متمثلاً بالسعودية والامارات بأستثناء الكويت التي يرتبط مصيرها بالعراق وبالذات في مشروع الحريرالذي لا يمر بها الطريق .
هنا اتساءل ما جدوى تخصيص مبلغ (١٨) مليار دولار لمد خط انابيب نفطية ولبناء ميناء في الاردن الغرض منه تصدير النفط عبر هذه الانابيب منذ حوالي ٨ سنوات وهذا الميناء في الاردن وبالمقابل اعطاء نفط خام مجاناً للاردن او بأسعار مخفظة ورسوم على الانابيب الممتدة داخل الاراضي الاردنية بالاضافة الى ما سيستقطب هذا المشروع من تشغيل ايادي عاملة اردنية …!!! وميناء الفاو يكلف (٦) ملياردولار لانستطيع تنفيذ انشائه وبتخبط واضح ..!!
فعليه علينا ان ننتفض جميعاً وبهمه عراقية معروفة من اجل مشروع الفاو وطريق الحرير ومن ضمنه القناة الجافة فأكمال ميناء الفاو وحده لا فائدة منه بدون القناة الجافة واكمال ربطها كما مصمم لها وفق الرؤيا الصينية … وبدون ذلك لا امل للعراق مستقبلاً بعد نضوب النفط لاسيما ان الاتجاه الدولي سائر نحو استخدام الطاقة النظيفة البديلة للنفط …
فهل يعي الجميع ما ينادي به كل مخلص , فأمريكا لا تستطيع لا هي ولا غيرها من ايقاف عجلة نهوض الشعوب لو انتفضت ضدها , ولنا في ذلك مثالا , كفيتنام وباكستان وحتى الكويت حينما تعاملت مع الصين وتمردت عليها .. فأمريكا لاهم لها سوى تحقيق مصالحها في العراق من اجل ابتزاز الصين لتمرير اجنداتها , وعلينا ان نعمل وهنا اخاطب كل وطني شريف مخلص لتربة هذا الوطن المبتلى بويلات امريكا وما شاكلها ومنهم شبابنا الواعي بالذات …
نحن عندما ننادي ونطالب وبجدية على انهاء التسلط الامريكي المصلحي من اجل مستقبل بلدنا واجيالنا … انما نطالب من اجل وطن سلبت اراداته ونهبت ثرواته وماتزال .. وعلى الحكومة ان تتخذ الخطوات الشجاعة والجريئة بغية اللحاق بالركب العالمي كي لا نضيع الفرصة من ايدينا وكي لا يجزء الوطن ونصبح اضحوكة لمن يريد بنا الشر ..
اقول لمعظم سياسيينا ان التأريخ سيسجل مواقفكم الوطنية وسوف لا يرحم المتخاذلين ومن الله التوفيق والهداية .. فمن غير المعقول شباب الدول الاخرى, تبعث للبلدان المتطورة والمتقدمة كي تواصل تعليمها , من اجل الحصول على اعلى الشهادات والخبرات العلمية .. ونحن نبعث أبناءنا وفلذات اكبادنا الى مقبرة وادي السلام وغيرها ..!!
عليه يجب ان تتحول المظاهرات باتجاه دعم انشاء هذا المشروع الاستراتيجي المهم وان يتم الاتفاق على تفعيل بناء هذا المشروع الذي سوف يقضي على الفساد والبطالة والفقر وهي من اولى اوليات واهداف المتظاهرين .. لما سيدر على العراق من مليارات دولارية تساهم في تأمين مستقبل شعبه فيما لو يتم اتمام هذا المشروع مستقبلا ..
نعم أن إتفاقية الصين هي ضربة قاضية للفاسدين لأنها بناء مقابل النفط … وهذا الأمر لا يتحقق إلآ بالضغط على الحكومة وامريكا المهيمنة عليها عن طريق الشارع الذي يعاني الكثير … وبخلاف الاتفاقية مع الصين فلن تقوم لميناء الفاو الكبير قائمه لان الاتفاق مع الشركة الكورية يحتاج الى اموال والحكومة مفلسه وبوضع مالي لايحسد عليه .. بينما الاتفاق الصيني هو اتفاق بناء بالاجل لعشرات السنين مقابل كمية محسوبة وبسيطة من النفط ( الذي سوف يصبح بلا فائدة بعد عهد من الزمن , وبوادره واضحة مابين تقلبات اسعاره وبدائل استخدامه التي لاحت بالافق خلال هذه الفترة ) .. بالاضافة لذلك ستقوم الصين باعمار البنى التحتية للعراق في كل المجالات .. ليكن صوتنا واحد نعم نعم لميناء الفاو الكبير .. ونعم نعم للاتفاقيه الصينية .. ولنترك ارتجالات المتفلسفون واستهدافاتهم المدفوعة الثمن من قبل دول لا تريد للعراق الخير.
ولنا ان نعيد حساباتنا على اثر ما جرى يوم امس خلال المناظرة التفزيونية عن صفقات الفساد التي كشف عنها ” الرئيس الامريكي ترامب الذي اتهم فيها شقيق وابن منافسه على كرسي الرئاسة جون بايدن ” وكيف اصبحوا في رأس العراق من اصحاب الملايين …!!!
اييييه ألك الله ياعراق الابتلاءات والمحن .. ولنا وقفة اخرى …
*
اضافة التعليق