بغداد- العراق اليوم: حسنا فعل السيد رئيس الوزراء مصطفى الكاظمي بتشكيله لجنة عليا لمكافحة الفساد وإسناد رئاستها الى ضابط محترف، وايضا إشراك اجهزة وجهات ذات بعد معلوماتي واستخباري وقضائي وقانوني، حيث أن هذه الخطوة المهمة يجب أن تترتب عليها الان معالجات استراتيجية في مجال مكافحة الفساد والسرقات والنهب المنظم لموارد الدولة من قبل كبار الفاسدين. ويمكن أن تؤدي هذه اللجنة التي منحها الأمر الديواني الذي أصدره رئيس الوزراء مصطفى الكاظمي دوراً مهماً في الحد من عمليات الفساد والافساد، مع اننا نضع علامة تعجب عن معنى وجود هيئة النزاهة وديوان الرقابة المالية بعد ذلك، وهما مؤسستان يفترض أن تعالجا قضايا مثل هذه ويعمل فيهما عشرات آلاف من الموظفين والمحققين والقضاة. لكن المفاجأة الكبرى في هذا التوجه الحكومي هو الزج بجهاز مكافحة الإرهاب المحترف في مكافحة التنظيمات الإرهابية الدولية في ادوار بوليسية شرطوية وتحجيم دور هذه المؤسسة لتتحول إلى جهاز تنفيذي صغير تابع للجنة تكافح حالات فساد في الغالب شخصية، حيث ان الفساد يقوم به أشخاص بمفردهم، يتمتعون بنفوذ قانوني في اجهزة ومؤسسات الدولة ويستخدمون شبكة العلاقات الواسعة لديهم. فلماذا يزج بجهاز مثل هذا الجهاز في مثل هذه الأنشطة ذات الطابع البسيط، ولماذا يتم استخدام رمزية الجهاز الذي هزم داعش والقاعدة وكل التنظيمات الإرهابية في مهام خارج اختصاصه القانوني الذي تشكل من أجله، حتى في عملية المنافذ الحدودية، فقد كنا نتمنى على الكاظمي أن لا يحشر الجهاز في مثل هذا النشاط، وكان عليه أن يستخدم غير الحهاز لاسيما وهناك عشرات التشكيلات الشرطوية والأمنية المتخصصة في مثل هذه الانشطة؛ والسؤال: إذا كانت هذه التشكيلات لا تحظى بثقة الدولة فلماذا يتم ابقاؤها ويتم استهلاك أموال الشعب في الإنفاق عليها، وهل ياترى عجزت كل القوى الأمنية بعدها وعدديها من مسك منفذ، أو تنفيذ مذكرة قبض على فاسد ليتم تكليف جهاز مكافحة الإرهاب بحجمه ورصيده الكبير في قضايا ذات طابع جنائي بسيط!. المراقبون يرون أن الأمر يتعدى هذه الجزئية ويتجه إلى محاولة استخدام رمزية الجهاز في أهداف ذات طابع تنافسي أو تخويف المنافسين السياسين أو الخصوم بهذا الجهاز، وتحويله إلى مؤسسة بيد الحاكم مباشرة، مما قد يفقد الجهاز رمزيته الكبيرة، ويحوله إلى مجرد جهاز أمن يطارد هذا ويعتقل ذاك، وينفذ مهام ليست من اختصاصه، وقد ينتهي الأمر إلى استخدامه في أنشطة بعيدة أيضا حتى عن المعلن الان. هي رسالة القائد العام للقوات المسلحة ولرئيس الجهاز ان يبعدوا هذه المؤسسة الوطنية الحساسة عن التورط بالتحول إلى جهاز شرطي، أو مؤسسة تنفذ توجهات ليست من اختصاصها الصريح وتنشغل بالصراعات الجانبية؛ وتترك اختصاصها الصريح المحدد لمعالجة الإرهاب المنظم الذي يستهدف الدولة العراقية. لسنا ضد مكافحة الفساد والجريمة المنظمة، بل نتطلع إلى أن يأخذ القانون مساره فيها، وأن تستعاد أموال الشعب التي استولى عليها حيتان الفساد، لكن خوفنا من ان ينزلق الجهاز إلى صدامات داخلية؛ لاسيما مع محاولة استخدامه كورقة ضغط سياسي واضح، أو الدفع به ليصطدم مع الحشد الشعبي او غيره من الجهات التي قد تندفع لتفسير اي تحركات على أنها جزء من الحملة عليها.
*
اضافة التعليق