بغداد- العراق اليوم: لم يمضِ رئيس الوزراء العراقي مصطفى الكاظمي يومه كما في سائر الأيام، مع أن أيامه في موقع الرئاسة كلها حافلة بالملفات والمهام، لكنه حتما يوم استثنائي، حيث وجه الكاظمي باستقبال عددِ من عوائل شهداء التظاهرات الشعبية الذين سقطوا في هبة تشرين (اكتوبر) وما تلاها، لاسيما في بغداد والناصرية، لتكون الرسالة الأوضح من الكاظمي التي أراد ان يقول من خلالها، أن هذا الملف من أولوياتي، وأني لن أحيد عن استكمال تعهدي بفتح تحقيق شفاف ومهني وعادل، ينصف الضحايا ويعد ميزان العدالة الى نصابه، ولن أتردد في كشف الحقيقة الكاملة. الكاظمي، هنا يرد عملياً على التقارير الدولية، وقبلها المطالبات الشعبية الواسعة، ولاسيما من ذوي الشهداء والمغدورين أنفسهم، بأن يجري تحقيقاً ميدانياً وشفافاً، وأن تستجيب اجهزة ومؤسسات الدولة الرسمية والقضائية للنداءات بمعرفة من تسبب بسقوط هذا الكم الكبير من الشهداء والضحايا والجرحى، وأن يحال المتسببون بهذه المأسي للقضاء لينالوا جزاء فعلتهم. رئيس مجلس الوزراء مصطفى الكاظمي يبدو أنه عازم على البدء من أعقد وأصعب بل وأشكل الملفات، ولا يريد أن يمضي في مهمته قُدماً على حساب ملفات تظل عالقة في ذمته، ولربما يكون التأسيس الخاطئ كما حدث مع من سبقه، فالرجل يتجه الآن ببوصلته الى مبدأين أساسيين، هما الحقيقة أولاً، فدونما كشف جدي للحقيقة، وبيان التفاصيل الدقيقة والمؤثرة فيما جرى، سيبقى الغموض سيد الموقف، وسيكون الجميع في شك وقلق وعدم اطمئنان، ولن يقود بأي حال نحو تحقيق المبدأ الأخر، الا وهو العدالة، فدون حقيقة كاملة، لا عدالة كاملة تقنع المتضرر، وتنصف الضحايا، وتعيد البسمة للمكلومات والثواكل، وهذا ما لا يريده الرئيس بأي حال، وقد وضع امامهن في لقائه بهن عهداً، أن الحقيقة ستسبق العدالة، وأن العدالة ستعلو مهما طال الزمن، ومهما صعبت المهام والملمات. عوائل الشهداء والجرحى وكل من تابع اللقاء، اطمئن الى أن رجلًا واضح المنهج، عراقي التوجه، انساني النزعة، يجلس الآن على دكة الحكم، ويريد أن يقيم العدل في دولة ظلت العدالة فيها للأسف الشديد موضع شك وجدال وتنازع. اليوم اطمأنت عوائل الشهداء وأسر الجرحى، وبدأت بعض جراحها بالالتئام التدريجي، وسيكون وجود الكاظمي بلسماً لها في القريب العاجل، حين نرى موازين العدل ترتفع، وتنتصب وتنصف الضحايا.
*
اضافة التعليق