كثر الحديث عن الفرصة الأخيرة، فهل حقاً أن مصطفى الكاظمي يمثل الفرصة الأخيرة للنظام الحالي

بغداد- العراق اليوم:

يقفُ العراق الآن في مفترق طرق صعب، فأما أن " البلاد كما تقول الصحافة الامريكية والغربية سائرة بخطىً ثابتة الى الأنهيار التام، ولكن لا يعرف كيف سيكون شكل الإنهيار"، وأما أن يكون هناك ثمة منفذ، أو منقذ لأخراجها من أتون قد يغوص بها في عمق بحر لا قرار له.

هذا ببساطة الوضع في العراق هذه اللحظة، فأما أن يخسر الكل عراقهم، وأما ان يربح الجميع عراقاً مستقراً ومزدهراً، وأن يطوي صفحاته الصعبة مع اطلالة أول حكومة عراقية صرفة، واختيار شعبي واضح، انهى حالة الاحتكار السياسي من قبل القوى السياسية التي لم تنجح في إدارة دفة الحكم، رغم توافر الامكانات، وصدق الرغبات الشعبية الداعمة لها انذاك، لكنها اخفقت، ووصلت بالبلاد الى اللحظة الحرجة، اللحظة التي قد يتحلل بها العراق الى مكونات من قبل الدولة، وينتهي أمره الى الأبد، أو يتداركه ابناؤه المخلصون ويدفعوا بفلكه الى ضفة أمنة، وهذا ليس بعيداً عن العراقيين وولائهم لوطنهم الواضح الذي لا غبار عليه.

اليوم، يصل الحل الدستوري في عملية تشكيل الحكومة البديلة، لحكومة عبد المهدي التي اسقطتها الثورة الشعبية الى النهاية القصوى، فبتكليف مصطفى الكاظمي يكون رئيس الجمهورية قد استنفد الخيارات كافة، والحلول الدستورية المرسومة، وان أصرار القوى السياسة على التعطيل قد ينتهي الى حل مجلس النواب والدعوة الى انتخابات مبكرة، قد تبدو مستحيلة في ظل ظروف صحية ومالية وسياسية معقدة، مما يعني أن كل شيء سينهار دفعةً واحدة لا سمح الله.

من هنا، يقرأ الكثيرون تكليف الكاظمي بأنه الفرصة الأخيرة التي لو تم اضاعتها بسبب البحث عن المصالح والرغبات، فأن هذه القوى ستكون قد ضيعت العراق الى الأبد، وأن التفريط بجزء كبير من الحل، سيعني أعلاناً واضحاً لحرب ضد ارادة الشعب، بل وكسراً لها، في وقت لم ينفع الرصاص في كسر تلك الإرادة الشعبية.

ان تكليف الكاظمي للاضطلاع بهذه المهمة، وقبوله لها بمثل هذه الظروف الدقيقة، يحتم على القوى السياسية الفاعلة ان تتنكر لذواتها، وأن تدفع باتجاه اتمام مهمة الرجل، وأن تسانده في تجنيب البلاد مآلات الانقسام والتفكيك والاحتراب، وعليها كما تمخض عن الاجتماع الأخير الذي عقدته القوى الشيعية الرئيسية ان تثبت ما وعدت به الرئيس المكلف، بأنها ستتوقف عن المطالبات الحزبية، وتفوضه بمهمة اختيار كابينته الوزارية بحرية تامة، واختيار فريق عمله الوزاري وفقاً للمعايير التي يراها.

وأن صدقت هذه التعهدات، وبقيت النوايا بهذا الوضوح، فأن مهمة الكاظمي الانقاذية ستكون فاتحة خير للشعب العراقي المنتظر، والذي نأمل أن لا يصاب بخيبة أمل اخرى، لأن ردة فعله هذه المرة لن تكون معلومة الحجم ولا التأثير ولا الزمان أو المكان.

علق هنا