قصة حلم في الـ 86 من عمره.. (العراق اليوم) يقلب صفحات حزب هو (أقوى من الموت وأعلى من المشانق)

بغداد- العراق اليوم:

هذه ستة وثمانون عاماً مرت بالتمامِ والكمال، على الولادة العسيرة، هذه ثمانية عقود ونيف، على مسيرة نهر من العطاء والدم الطهور، هذه عقود طوال على حلم عراقي صرف، ولدَ في صدور فتيةً آمنوا بالعراق، وبالأنسان قبله، ومضوا الى اعواد المشانق يتسابقون، منشدين نشيد الشعوب التائقة للحرية والتحرر، والخروج من ربقة الاستعمار ونير الجاهلية والجهل، يهتفُ شيوعيو العراق بلا خوف من طاغية، ولا تردد من حبل غليظ يقصم الرقاب، ولا تراجع تحت سوط جلاد متوحش، يهتفون بكل حماسة وعزم: (أسال الشعب ماذا يريد... وطن حر وشعب سعيد).

أنها واحدة واحدة من حكايات بلاد ما بين النهرين وأسطورة من أساطير البقاء العراقي الذي لا يقتلعه طوفان ولا تكسره ريح صرصر، ولا تمحوه عواصف عاتية، ولا تعلو على صوته أصوات الغربان الناعقة، أنها حكاية حزب عتيد وعنيد، مضى ويمضي في طريقه الباحث عن تحرر الإنسان وسيادته، صيانة الإنسان وكرامته، حفظ الإنسان وأنسانيته، حزبُ لم تلده أروقة الاستوقراطيات، ولا بطر البرجوازيين الباحثين عن فناءات لتمضية الوقت، ولم يولد في أروقة البروج العاجية، حيث تتطلع النخبة (الشريفة) لتمثيل نفسها عبره، أبداً، أنها خلاصة نضال شعب سحقته قرون من الاستعمار والقهر والإذلال والنهب، وحركت مشاعره الملتهبة، صرخات الوجع والفقر المدقع والجور  والجوع والاستتباع والاقطاع الذي تركه الاستعمار الانجليزي خنجراً في صدور ابناء الريف العراقي المبتلى.

نعم من هذه العذابات، جاء الحزب الشيوعي العراقي استجابةً خالصة للهم الوطني وميثاقاً للشرف العراقي الذي استحال الى تنظيم نضالي قلما تعرض تنظيم على وجه البسيطة لمخاضات مثله، أو نكسات مثلما تعرض، منذ أولى خلايا الحزب، كانت المحنة، والى يومنا يعيش الحزب محنته الكبرى، ويناضل ويناور، ويتحالف ويبني، ويهدم ويفكك، ويعيد ويبتكر، ويصنع ويبدع، ولا يزال مؤمناً بقيمة عليا فقط، دونها تسقط كل القيم، وتحتها ينصهر الجميع، فهو حزب للفقراء ومسلوبي الحقوق والإرادة، حزبُ عماده العمال والكسبة، ورأسماله (وأن كان لا يؤمن بأي يشكل من الرأسمالية)، هو النضال الخالص من إجل قضايا الإنسان المقهور والمهدور في عالم توحشت فيه الإيدلوجيات الرأسمالية، وسلبت انسانية الإنسان تحت شعارات براقة، وأنحطت فيه (الديمقراطيات البرجوازية) لتتحول الى مواخير دولية تارةً، أو مصانع للإسلحة الجرثومية تارةً اخرى، أو مقابر لنفايات الدول النووية المارقة.

أن قصة الحزب الشيوعي العراقي لا يمكن أن تختزل بسطور، ولا بكتاب، قصة حرب (أقوى من الموت وأعلى من أعواد المشانق)، لكننا سنمر عبر سلسلة من الحلقات اليومية على استذكار هذا الحزب الطليعي، وسنكتب عن حضوره الوطني، ومأثره المجيدة، لنعيد التذكير بتجربة وطنية شاملة، في وقت عز فيه الصوت الوطني، واغتربت فيه الذات العراقية اغتراباً لم تعهده من قبل هذا الذي يحدث ابداً... نعدكم بأننا سنضيء على محطات الحزب بكل جرأة ومصداقية ..فأنتظرونا...

علق هنا