بغداد- العراق اليوم:
قالت مصادر نفطية عراقية، أن البلاد تعتمد منذ عام 2003 والى اليوم على موردين أساسيين في توفير المنتجات النفطية الكافية لسد الحاجة المحلية الكبيرة من هذه الوقود، لاسيما بعد الطفرة غير المسبوقة التي شهدها قطاع النقل الخاص في العراق، ودخول ملايين المركبات ذات الانواع والإحجام المتعددة، واعتمادها على مادتي " البنزين والكاز" في تشغيل محركاتها، فضلاً عن الحاجة لتشغيل المعامل والقطارات والطائرات، وقطاعات العمل كافة، مما يعني أن الاقتصاد الوطني قائم على هذه المنتجات، لذا فأن العراق ازاء هذا التطور الاستهلاكي الذي شهده، يعتمد طريق الاستيراد كحل من حلين لتوفير المنتجات النفطية، وأيضاً ما تنتجه المصافي الوطنية على قلتها، وظروفها الداخلية التي تعاني منها. وبحسب المصادر، فأن " العراق يوفر القسم الأكبر من حاجته للبنزين والكاز من دولتين أساسيتين في المنطقة، تلعبان دوراً حاسماً في توفير حاجته، لكن مع تطور وإنتشار وباء " كورونا" الى كونه عالمياً، وتأثر هذه الدول به، فأن اغلاق الحدود مع العراق بات امراً وارداً، قد يتحقق في أية لحظة مع اجراءات الحكومات المعنية للحد من انتقال هذا الفيروس، وهذا يعني أن الخزين المحلي من هذه المشتقات الذي يكفي لمدة أسبوع واحد فقط-وهذه حقيقة وليست تقديراً او تهويلاً- مقبل على النفاد، وهذا سيفجر ازمة مضافة الى أزمة فايروس" كورونا" فضلاً عن أزمات الحكومة الأخرى، أولها الاحتجاجات الشعبية المنددة بسياسات الحكومة، وثانيها ما يتعرض له الوضع الأمني يومياً من خروقات متعددة. وأضافت " اذا ما خسرت البلاد هذا المورد الأول نتيجة لاستشراء وباء كورونا الخطير، فأنها ستعتمد على ما يوفره الانتاج المحلي، وهنا ستقع الكارثة بكل تأكيد، فالمعروف أن " شركة تسويق النفط العراقي" سومو" قد قامت بتوقيع عقود مشتركة مع شركات تابعة لوزارة النقل، لنقل مادتي النفط الأسود والنافتا اللتين تنتجان بشكل عرضي، وبكميات تصل من 600 الى 700 الف طن شهرياً من المصافي العراقية، بمعنى أن هذه الكميات تصل بالمعدل اليومي الى 30 الف طن من النفط الأسود، وقرابة الـ 10 آلاف من مادة النافتا يومياً ايضاً، وحين تتلكئ وتتعطل عمليات نقل هذين المنتوجين من المصافي العراقية المتعددة، فإنها ستتكدس في ذات المصافي، وهذا يعني بالضرورة توقف عمليات انتاج المشتقات فيها، وبالتالي اصابة هذه المصافي بالشلل التام، وهذا الذي يحدث اليوم للأسف الشديد. إ والتقصير هنا يعود لإدارة شركة سومو، التي قامت قبل فترة قصيرة - ولحسابات مادية شخصية خاصة- بإبرام عقود حامت حولها شبهات فساد ورشى كبيرة، مع شركتي النقل البحري والبري التابعتين لوزارة النقل، وهما شركتان غير مؤهلتين بالمرة للتعامل مع نقل النفط وبقية مشتقاتها، لأسباب عدة، من بينها عدم امتلاكها وسائل خاصة بنقل النفط، كالناقلات النفطية والسيارات الحوضية " التناكر " وغير ذلك، مما دفع بهاتين الشركتين الى التعامل بالشراكة مع شركات نقل أهلية خاصة، وهنا المشكلة، فالتعامل مع شركات اهلية غير مستقرة وغير رصينة مع إدارة فاشلة يعرض عملية النقل الى مخاطر كبيرة، وهذا الذي يحدث اليوم في مصافي النفط العراقية! لقد كانت عمليات النقل تتم سابقاً بواسطة شركة ناقلات النفط العراقية التابعة لوزارة النفط، بالمشاركة مع الشركة العربية لنقل النفط البحري - وهذه الشركة تعود ملكيتها لتسع دول عربية، وللعراق فيها حصة 13 بالمئة- وبسبب رصانة وامكانات الشركة العربية الكبيرة، مع جدية وحرص والتزام شركة ناقلات النفط العراقية، كانت عمليات نقل منتجات النفط الاسود والنفتا تجري بدقة وإنسيابية ويسر لا مثيل لها، لذا فقد كان من الطبيعي أن تجد المصافي العراقية تعمل بإنتظام، ودون أي توقف، حتى جاء الوزير ثامر الغضبان - الذي يفتقد للخبرة في مجالات التسويق والنقل، بل ويجهل تماماً ما يجب ان يكون عليه الأمر في هذا الميدان-، راح يستمع لنصائح دهاقنة إدارة شركة التسويق النفطي "سومو"، الفاشلة في كل شيء، فهذه الادارة وعلى الرغم عن عدم تخصصها بنقل النفط الاسود والنفتا، فإن لها أجندة وحسابات مادية وعلاقات " خاصة" ورشى، بات العاملون في مبنى وزارة النفط يشمون رائحتها، رغم المسافة التي تفصل بين البنايتين! لذلك -وطبعاً فإن للغضبان حصة في الصفقة - تم إلغاء العقد مع شركة الناقلات التابعة لوزارة النفط رغم تخصصها، وإبرام عقد ممتلئ بالشبهات مع شركة النقل البحري، وآخر مع شركة النقل البري، كانت نتيجته ملايين الدولارات في جيوب مدراء ادارة سومو، وجيب (المعالي) وتوقف شبه تام لعملية النقل الذي أدى بطبيعة الحال الى تكدس المنتوج، ومن ثم تعطل، وتوقف أغلب المصافي العراقية! ولعل السؤال الأهم: هو لماذا فعلت ادارة سومو ذلك، خاصة وإن عملها يتحدد بتسويق النفط الخام وليس غيره، منذ تأسيسها، وما مصلحتها من تعطيل عمل المصافي العراقية؟ والجواب يأتي من المصادر ذاتها بالقول: "لقد قامت إدارة سومو بهذا العمل المدبر لإيقاف المصافي العراقية، والذي يعني ايقاف انتاج المشتقات النفطية، وعدم توفيرها من الداخل، الأمر الذي يدفعها لزيادة استيرادها من الخارج كي تسد حاجة البلد من مادتي البنزين والكاز، مما سيزيد من حصتها في نيل الكومشينات، حيث كلما زادت كمية المنتوج المستورد، كلما زادت حصة الكومشين، وهذه بدبهة لاتحتاج توضيح". أما كيف ينال علاء الياسري ومحمد سعدون وبقية الجوق الموسيقي في ادارة سومو حصتهم من الكومشين، فالمصادر تشير الى " أن إدارة سومو أعطت عقود استيراد البنزين والكاز حصراً الى شركتين أحداهما اماراتية اسمها ( Vitol ), والثانية روسية مشهورة بفسادها، إسمها (Litsco), علماً بأن الاعلان الخاص بشركة سومو كان ينص على ان يتم التعاقد مع خمس شركات مجهزة لكل مادة من المواد التي يراد استيرادها، وليس مع شركتين فقط، ومن هنا بدأت عملية الرشى والحسابات المصرفية تتحرك للياسري وسعدون وعمهما الغضبان، من خلال تجاوز هذا الشرط المهم والضروري، أما قيمة الكومشين (المباشر) الذي تم الاتفاق عليه، فهو واحد ونصف في المائة، أي إنهم يحصلون بالضبط على مليون ونصف مليون دولار عن كل مائة مليون دولار استيراد ، ولكم ان تقدروا حجم الرشى الذي يحصل عليه الجماعة، اذا ما علمنا ان قيمة الاستيراد تصل الى مليارات الدولارات شهرياً من استيراد مادتي البنزين والكاز " ! واشارت المصادر، الى أن " رصداً آخراً أجرته لخسائر الدولة العراقية جراء التأخير في نقل المنتجات النفطية من المصافي العراقية، وتلكؤ تصديرها، حيث تقدر بـ 280 مليون دولار، فضلاً عن تسببه بإزمة توقف المصافي، مما يعني قرب وقوع أزمة وقود خانقة، مالم يتم اتخاذ اجراءات سريعة وشفافة لمعالجة المشكلة". وبينت المصادر، أن " هذا الامر واضح لدى قيادات وزارة النفط العراقية ولاسيما الوزير الحالي، وهي تدرك هذه المشكلة، ومن المتسبب به، لكنها تتغافل عنه ولا تفعل شيئاً لانقاذ الموقف الخطير". ووجهت المصادر تنبيهها وتحذيرها الى رئيس لجنة الطاقة النيابية، ورئيس لجنة النزاهة النيابية والجهاز القضائي برمته، للوقوف على هذه المشكلة ومعالجتها قبل وقوع الأزمة، إضافة الى ضرورة متابعة الحكومة القادمة وبالتعاون مع البرلمان لقرارات سحب اليد الصادرة بحق مدراء سومو، والتي رفض الوزير الغضبان تنفيذها! وختمت المصادر حديثها" بضرورة معالجة هذه المشكلة قبل ان يقع الفاس بالراس كما يقول المثل الشعبي.. اللهم إنا حذرنا، وأنذرنا، ولا عذر لمن أنذر ".
*
اضافة التعليق