بغداد- العراق اليوم:
من يتعهد بتحقيق المحال لاتعقدوا عليه الآمال!..
د . حميد عبدالله
ربما تتهمونني بالعجالة او التعجل وانا اتحدث بشيء من اليأس والاحباط عن رئيس الوزراء المكلف محمد توفيق علاوي، ذلك لأن الرجل لم يتبين خيره من شره، ولا صدقه من كذبه ، ولا حزمه من ارتخائه ، ولا صلابته من هشاشته .
ما دفعني للكتابة المبكرة عن رجل لم يجرب بعد هو حزمة التعهدات التي طوق بها نفسه رغم علمه وعلمنا إن تحقيق الكثير منها يدخل في باب المحال.
ملاحظتي الاولى على علاوي انه قبل ان يكون نتاج توافق زئبقي هش بين مقتدى الصدر وهادي العامري ، ورضي بمنصب مهما ترسخ فإنه يظل في مهب التوازنات، و الأمزجة ،والمصالح ، والمحاصصات ،والكيد ،والتقاسم ، والاغتنام!
ربما راهن على مصاهرته على مقتدى الصدر معتقدا أن وشائج المصاهرة قد تكون أمتن وأقوى من المشتركات الحزبية والمذهبية ناهيكم عن الوطنية التي ما زالت غائبة او مغيبة حتى اشعار آخر .
عاطفة القرابة دفعت الصدر لاسناد علاوي في أيامه الاولى ،والاندفاع معه وخلفه الى حد ان الصدر سوق رئيس الحكومة الجديد على أنه (مرشح الشعب) لاعتقاده أنه هو الشعب والشعب هو ، وانطلاقا من هذا (التصور) اتخذ قراره بتفكيك التظاهرات، ودفع أنصاره لاحتلال المطعم التركي بقوة السطوة والنفوذ والسلاح .
لسان حال الصدر وهو يدخل في مواجهة مكشوفة ومفضوحة مع المتظاهرين يقول( علاوي منا آل الصدر فحذار من اسقاطه او تسقيطه) ، وفاته ان الذين صنعوا المعجزات ، وصمدوا تحت وابل الرصاص الحي والقنابل والقنص والخطف والتغييب لايمكن أن تهزمهم (مصاهرة عائلية) يريد اصحابها ان يختزلوا العراق بهم ، ويختصروا الشعب بعائلاتهم!
متى تنتهي ايام العسل بين العامري والصدر؟ لا احد يعلم …لكن بنهايتها سيكون محمد علاوي قد فقد احد ساقيه، وعندها سيضطر للبحث عن عكازات تسنده كما حدث مع عبد المهدي المنتفجي في آخر أيامه التي سبقت الاستقالة!
مشكلة علاوي انه نصف اسلامي ، نصف صدري ، نصف ايراني، نصف علماني ، وأخطر شيئ في السياسة والحياة هو (نصف الدفئ ونصف الموقف) كما يقول مظفر النواب !
في خطاب التنصيب كبل رئيس الوزراء الجديد نفسه بتعهدات الإيفاء ببعضها يدخل في خانة المحال ،وعدم الايفاء يدخله في خانة الفشل ، ومن يتعهد بتحقيق المحال لن يكون محطا لتحقيق الآمال. تعهد بحصر السلاح بيد الدولة ، ولهذا التعهد وجه آخر هو نزع سلاح المليشيات فهل يستطيع فعلا ان يقنع الفصائل المسلحة بالتخلي عن اسلحتها ؟!.
نزع سلاح المليشيات له طريقان لاثالث لهما: طريق ناعم وطريق خشن، الطريق الناعم يمر عبر الحوار والاستمالة وصولا الى التوسل ، والطريق الخشن يمر عبر الضغط والزجر والأمر وصولا الى لمواجهة ، وكِلا الطريقين شائك ويصعب على رئيس وزراء أعزل أن يمضي بهما حتى النهاية !
التعهد الآخر هو الكشف عن قتلة المتظاهرين واحالتهم الى القضاء لينالوا جزاءهم العادل على حد تعبيره!
الذين قتلوا المتظاهرين ليسوا عناصر في عصابات جنائية يمكن لرئيس الحكومة أن يحشد قواته للقبض عليهم ، ولا هم قطاع طرق ليتمكن من وضعهم وراء القضبان، انه يعرفهم جيدا ، ويعرف تماما انهم ادوات لتنفيذ اوامر من جهات ترى ان اتساع رقعة التظاهرات قد تتسبب بزلزال تصعب السيطرة على إرتداداته ، وهذا الزلزال قد ينتهي بتغيير المشهد ، وتغيير المشهد يعني قلب الامور عاليها سافلها ، والاخير يعني ان من اعتاشوا على أدسم الغنائم سيحرمون منها وهذا دونه انهر من الدم!
هو يعلم كل ذلك ، ويعلم ايضا ان العراقيين يدركون ان تعهداته غير قابلة للتحقيق ، وانه ان خطا خطوة باتجاه تحقيقها فإنه سيكون في بطن الحوت، والحوت الذي ابتلع العراق قادر على ابتلاع الف علاوي
*
اضافة التعليق