بغداد- العراق اليوم: بقلم أياد السماوي بعد التقرير الذي تقدّمت به الممثل الخاص للأمين العام للأمم المتحدّة في العراق جينين بلاسخارت أمام مجلس الأمن الدّولي يوم أمس الثلاثاء الثالث من ديسمبر , حول الأوضاع الجارية في العراق بعد اندلاع موجة التظاهرات في مطلع أكتوبر الماضي .. أصبح شبح الوصاية الدّولية وعودة العراق تحت طائلة البند السابع لميثاق الأمم المتحدّة يخيّم على العراق من جديد .. خصوصا أنّ كلّ ما جاء في تقرير بلاسخارت موّثق بالصوت والصورة ولا مجال لإنكاره من قبل السلطات العراقية .. فالتقرير ولأول مرّة بعد سقوط نظام البعث الفاشي , حمّل الحكومة العراقية مسؤولية خروج الأحداث عن السيطرة منذ الليلة الأولى للتظاهرات من خلال لجوء السلطات العراقية إلى استخدام القوّة المفرطة ... كما أشار التقرير إلى أنّ سقوط هذه الأعداد الكبيرة من القتلى والجرحى , وممارسة العنف بشكل مفرط , والإخلاف في الوعود .. عوامل أدّت جميعها إلى حدوث أزمة ثقة بين المتظاهرين والحكومة , كما انتقد التقرير التحقيق الذي أجرته الحكومة العراقية بعد اندلاع أعمال العنف وسقوط هذا العدد المرعب من القتلى والجرحى , باعتباره غير مكتملا ولم يتطرّق إلى من قام بتحطيم القنوات الإعلامية , ومن الذي يطلق النار على المتظاهرين السلميين , ومن الذي يختطف النشطاء المدنيين , ومن هم الرجال الملثمون والقناصة المجهولون والجهات المسلّحة الأخرى .. واعتبر التقرير حزم إصلاحات الحكومة غير واقعية أو ضئيلة جدا وجائت في وقت متأخر جدا .. ومن جهتها طالبت الممثل الخاص للأمين العام للأمم المتحدّة بلاسخارت المجتمع الدّولي أن يحاسب الجناة محاسبة كاملة .. والأخطر من كلّ هذا أنّ التقرير قد أكدّ أنّ إطلاق النار بالذخيرة الحيّة لم يتوّقف , وأنّ الأسلحة غير المميتة مثل قنابل الغاز المسّيل للدموع لا زالت تستخدم بطريقة غير سليمة مما تسبب في إصابات مرّوعة أو للوفاة , كذلك لا تزال هنالك حالات اعتقال واحتجاز تتم بشكل غير قانوني , وحالات اختطاف وترويع , وكمثال على ذلك الأحداث التي جرت مؤخرا في الناصرية والنجف .. ولهذه الأسباب مجتمعة طالبت بلاسخارت المجتمع الدّولي بأهمية ضمان الحقوق الأساسية وعلى رأسها الحق في الحياة , ليس ذلك فحسب بل الحق أيضا في التجمع السلمي وحرية التعبير والتأكيد على الأهمية القصوى لتحقيق المسائلة التامة والعدالة على جميع المستويات .. كم تضمن التقرير أمورا غاية في الاهمية تتعلّق بالوضع في العراق والإجراءات الحكومية القاصرة في معالجة الفساد , ومطالبة الشعب العراقي بانتخابات حرّة ونزيهة من خلال قانون عادل للانتخابات وإدارة مستقلة لهذه الانتخابات , وأمورا أخرى يطيل ذكرها .. إنّ التقرير الذي قدّمته الممثل الخاص للأمين العام للأمم المتحدّة جينين بلاسخارت , قد وضع الحكومة العراقية برّمتها أمام تهمة قتل المتظاهرين السلميين وارتكاب جرائم فضيعة بحق الشعب العراقي , وهذا من شأنه أن يجعل شبح الوصاية الدولية على العراق قائما من جديد , وعودة العراق تحت طائلة البند السابع لميثاق الأمم المتحدّة بذريعة حماية الشعب العراقي من القتل .. إنّ مناقشة مجلس الأمن الدّولي للوضع المتأزم في العراق , هو جرس إنذار للسلطات العراقية كافة بتنفيذ مطالب المتظاهرين في انتخابات مبكرّة حرّة ونزيهة , والكف عن التسويف لهذه المطالب .. فلا مجال بعد هذا التقرير إلا بتشريع قانون الانتخابات الفردي وقانون الإدارة الانتخابية المستقلّة , وتشكيل حكومة مؤقتة تترأسها شخصية سياسية من عراقي الداخل يشهد لها الشعب بالنزاهة والكفاءة والخبرة , تقوم بإنجاز مطالب الشعب بالانتخابات الحرّة والنزيهة , وتبعد البلد من شبح الوصاية الدولية الذي بات يخيّم على العراق من جديد ... في 04 / 12 / 2019
*
اضافة التعليق