ثقافةُ [الأَربعِين] في ساحةِ التَّحرير

بغداد- العراق اليوم:

 نـــــــــــزار حيدر

   ١/ من عاشوراء تعلَّموا التَّضحية والشَّهادة في سبيلِ الحقِّ والحريَّة والكرامةِ الإِنسانيَّة، فلبَّوا نداء المرجع الأَعلى عندما أَصدر فتوى الجِهاد الكِفائي لصدِّ الهجمة الإِرهابيَّة التكفيريَّة، والتي إِنتهت إِلى فندٍ وجمعهم إِلى بددٍ.

   ٢/ ومن مسيرات الأَربعين الحُسيني تعلَّموا دروساً عظيمةً لم تقدِّمها لهم أَرقى المدارس والمعاهد والجامعات، حتَّى باتت اليَوم ثقافة الأَربعين حاضرةً في ساحةِ التَّحرير وفي كلِّ السَّاحات التي يتظاهر فيها الأَحرار.

   وبينَ عاشوراء والأَربعين نورٌ يمتدُّ ليُنير طريقَ الأَحرار، ولذلكَ فالذين لبَّوا نداء الفتوى هم أَنفُسهُم يُلبُّون الآن نداء [الضَّربِ بيدٍ من حديدٍ] على رؤُوسِ حيتانِ الفسادِ كـ [العجلِ السَّمينِ] وزملاءهُ.

   ومِن ثقافة الأَربعين التي تجلَّت في ساحة التَّحرير؛

   أ/ المليونيَّة، فكما أَنَّ مسيرات الأَربعين كانت مليونيَّة، أَبهرت العالَم برمَّتهِ، فتظاهراتهم كذلك مليونيَّة ستغيِّر وجه العراق الجديد لصالحِ الشَّعب بعد أَن اختطفتهُ [العصابة الحاكِمة] لصالحِها ولصالحِ مُحازبيهم وذيولهِم وأَبواقهِم ولصالحِ مَن يصفِّق لهم ويبرِّر لهم.

   ب/ الشموليَّة من دونِ تمييزٍ أَو إِنحيازٍ، فكما أَنَّ مسيراتهُم في الأَربعين إِحتضنت كلَّ الاحرار، نساءً ورجالاً وفتياناً وأَطفالاً ورُضَّعاً، ها هي إِنتفاضتهُم تحتضن الكلّ بلا تمييز، وسيلتحق بها المُتردِّدون والخائفُون والمُشكِّكون والمُضلَّلون والمسكونُونَ بثقافةِ المُؤامرة والذين يقفُون الآن على التلِّ، إِن عاجلاً أَم آجلاً، فهذهِ طبيعةُ الأَشياء، فالذين يعلِّقونَ الجرس دائماً فئةٌ قليلةٌ، هي الواثِقة والشُّجاعة والمُبادِرة، من الذين يُطلِق عليهِم الفاسدُونَ وأَبواقهم المأجورة مُصطلح {أَرَاذِلُنَا بَادِيَ الرَّأْيِ} ثمَّ تلتحق بهِم الملايين.

   ج/ التَّعاون والإِيثار، فلم ننس تلكَ الصُّور الإِنسانيَّة التي سجَّلتها وبثَّتها ملايين كاميرات الهَواتف النَّقَّالة على طولِ الطرق المُمتدَّة إِلى كربلاء المُقدَّسة حيث مرقد السِّبط الشَّهيد (ع) طِوال أَيَّام الأَربعين الحُسيني.

   ويتكرَّر المشهد في ساحةِ التَّحرير، بصُور التَّعاون والإِيثار وتوزيع الطَّعام بالمجَّان ومُساعدة المُتظاهرين بعضهُم للبعضِ الآخر، وإِنفاق الميسورين من أَجلِ ديمُومةِ الإِنتفاضة المُباركة.

   د/ كذلك حضرَ الإِعلام الزَّينبي في ساحةِ التَّحرير، إِذ أَطلق الشَّباب الغُيارى العدد الأَوَّل من صحيفة [تكتك] لتكونَ لسانَ حالهِم، وكلُّنا أَملٌ في أَن تلتزم بمعايير الإِعلام الوطني الذي يُعبِّر عن حُبِّ الوطن وحِماية المواطن ومطاليبهِ الدُّستوريَّة السلميَّة من الإِستغلال والتَّضليل والخِداع الذي تمارسهُ [العِصابة الحاكِمة] وأَبواقها والمُندسِّين الذين تدفع لهم.

   ٣/ أَمَّا الصُّوَر الشَّاذة التي قد نُشاهدها في بعضِ السَّاحات، وعلى رأسها ساحة التَّحرير في عاصمتنا الحبيبة بغداد، فهي لا تعدو كَونها واحدةً من إِثنَين؛

   أ/ فإِمَّا أَن تكونَ تعبيراً لا إِرادياً عن حالة البهجة والسَّعادة التي يعيشها المُتظاهر والمُتظاهرة وهُما يُشاركان في واحدةٍ من أَرقى إِنتفاضات العراقيِّين ضدَّ الفساد والفشل والنُّفوذ الخارجي.

   والمرجو  المُؤَكَّد هو أَن لا تتكرَّر مثل هذهِ الحالات الشَّاذَّة.

   المتظاهرُون ليسُوا ملائكة أَو أَنبياء!.

   ب/ أَو أَن تكون مدفُوعة الثَّمن من ميليشيات أَحزاب السُّلطة الفاسِدة والفاشِلة، وهي الأَعمِّ الأَغلب.

   فكُلُّنا نتذكَّر فضيحة صالات القِمار والملاهي والمُخدِّرات في بغداد قبل أَشهر والتي تبيَّن فيما بعد أَنَّها تابعة مُباشرةً أَو عن طريقِ وُسطاء إِلى ميليشيات أَحزاب السُّلطة لتمويلِ نفسها بوارداتها الضَّخمة التي تتجاوز الملايين شهريّاً.

   اليَوم، هُم أَنفسهُم، ميليشيات أَحزاب السُّلطة، أَوعزُوا لـ [لموظَّفين] في هذهِ الصَّالات، لينزلُوا إِلى ساحات التَّظاهر ليمارسُوا بعضاً من الرَّذيلة التي يُمارسونها في صالاتهِم، وأَمام عدسات هواتِف [حجِّي فلان وحجِّي عِلَّان] لتشويهِ صورة الإِنتفاضة والمُتظاهرين.

   هي تشبه قصَّة مسيرة [الجِمال (البِعران)] التي أَمر الرَّئيس المخلُوع حُسني مبارك بتسيِّيرها في مَيدان التَّحرير وسط العاصِمة القاهرة.

   وخيراً فعلَ المُتظاهرُون عندما حمَلُوا لافتاتٍ تدعو إِلى الإِلتزام بالآداب العامَّة والعِفَّة لفضحِ العناصر المدسُوسة التي تزجُّ بها ميليشيات أَحزاب السُّلطة.

   ٤/ وأَخيراً، ينبغي أَن يتأَكَّد الجميع بأَنَّ كلَّ المظاهر السيِّئة والسلبيَّة مصدرها ميليشيات أَحزاب السُّلطة، لتشويهِ سُمعة الإِنتفاضة والطَّعن بطهارتِها وصِدقيَّتها، فلا ينبغي المُشاركة في نشرِها، لأَنَّ ذلكَ بمثابةِ الدِّفاع عن [العِصابة الحاكِمة] التي أَفسدت ففشلت فدمَّرت البِلاد وأَضاعت الأَمل والمُستقبل.

   على الجميعِ المُساهمة بنشرِ كلِّ ما يفضح [العِصابة الحاكِمة] حتَّى لا تفلت هذهِ المرَّة من غضبِ الشَّارع لا سمحَ الله، وإِلَّا فستدخل البِلاد في نفقٍ مُظلمٍ لا يعلمُ إِلَّا الله تعالى ماذا ستكُونُ نهايتهُ.

   ٤ تشرِينُ الثَّاني ٢٠١٩

                            لِلتَّواصُل؛

‏E-mail: nazarhaidar1@hotmail. com

‏Face Book: Nazar Haidar

‏Twitter: @NazarHaidar2

‏Skype: nazarhaidar1

‏Telegram; https://t.me/NHIRAQ

‏WhatsApp & Viber& Telegram: + 1(804) 837-3920

علق هنا