بغداد- العراق اليوم:
أحمد عبد السادة
بسلميته الشهيرة والأسطورية حقق المهاتما غاندي ما لم يستطع الكثيرون أن يحققوه بالعنف، فقد تمكن - بسلميته فقط - من تحرير الهند من الاحتلال البريطاني وإعلان استقلالها. من خلال مبدأ السلمية أو "اللاعنف" أربك غاندي كل الترسانة العسكرية والأمنية للاحتلال البريطاني، وأسقط وأحبط كل الحجج والذرائع التي يمكن أن يستخدمها البريطانيون لقمع وقتل الهنود المطالبين بالتحرر والاستقلال وإنهاء الاحتلال، الأمر الذي دفع البريطانيين بالنهاية إلى الاستسلام والانسحاب من الهند. لم تحقق "سلمية" غاندي استقلال الهند فقط، وإنما حققت أيضاً خطوات كبيرة في طريق التعايش الاجتماعي بين الهندوس والمسلمين أثناء الصراع الدموي بينهما، إذ كان غاندي يعتصم - وهو الهندوسي - في بيت المسلم الذي تم قتله من قبل الهندوس حتى يأتي مواطن هندوسي ليقوم بتبني أحد أطفال القتيل المسلم، وكان يفعل الشيء ذاته مع عوائل القتلى الهندوس. أقول هذا الكلام للإشارة إلى التأثير الهائل للاحتجاج حين يكون "سلمياً"، ومن هذا المنطلق أقول لأخوتي المتظاهرين السلميين في ساحة التحرير وفي كل ساحات الاحتجاج: حافظوا على سلميتكم دائماً واستمروا بضغطكم الشعبي السلمي لمحاكمة الذين قتلوا المتظاهرين ومحاسبة الفاسدين واسترجاع حقوقكم وتعديل الدستور وتغيير النظام وتصحيح مسار العملية السياسية، وفوتوا الفرصة على من يريد "تسييس" تظاهراتكم وتغيير مساراتها، ولا تصغوا للمشبوهين الذين يؤججون الأوضاع ويطلقون الشائعات لتحريضكم ضد اخوتكم في الجيش والحشد والقوات الأمنية، ولا تسمحوا لبعض المندسين والمندفعين بتشويه سلميتكم وامنعوهم من تحريض الشباب على عبور الجسور والتصادم مع القوات الأمنية، واكتفوا بساحة التحرير وبباقي الساحات كأماكن لاعتصامكم السلمي حتى تحقيق مطاليبكم المحقة، فلا يوجد شيء أغلى من دم الإنسان. أتمنى من أخوتي المتظاهرين السلميين أن يسقطوا كل حجج وذرائع السلطة بقمعهم من خلال تمسكهم بالاحتجاج السلمي حصراً والالتزام به، ومن خلال الاستفادة من الدروس السلمية العظيمة التي قدمها "أبو الهند" المهاتما غاندي. نحتاج كثيراً إلى روح غاندي الكبيرة في احتجاجاتنا هذه.
*
اضافة التعليق