بغداد- العراق اليوم: عرفنا أن لرئيس وزرائنا مواهب متعددة، وخبرات طويلة لا يختزلها cv مقتضب، ولا يمكن أن تكتب بعجالة، فالرجل الذي يدعي أو على الأقل يقبل ان يلقب بالدكتور، على الرغم من عدم اكماله الدراسة العليا في هذا المجال، والرجل الذي يرغب في أن يقال عنه المفكر الاقتصادي، والمنظر السياسي، والرياضي السابق، والاستوقراطي العتيد، وشيخ العشيرة القادم من ال بو هاون شمال الناصرية، والسياسي المتحول مرةً بعد أخرى، والى ..الخ من المواهب والصفات التي يسربها عن نفسه ويوصف بها شخصيته الباطنية، كما أنه القومي المتطرف حين انتمى مبكراً لصفوف حزب البعث عقب ثورة 58 المجيدة، وهو المشارك بقوة مع رفيقه اياد علاوي في صفوف مليشيا الحرس القومي الفاشية التي نكلت بالوطنيين العراقيين النزهاء عام 63 في اعقاب انقلاب شباط الأسود، وهو اليساري كما أدعى لفترة وجيزة، لم تدل الوقائع على صدقيتها مطلقاً، وهو الإسلامي الشيعي الذي اختار أكثر اقطاب المعارضة الاسلامية تطرفاً، نعني بذلك المجلس الاعلى للثورة الاسلامية الذي أصبح قطباً فيه، ربما لسببين، اولهما يتعلق بالمجلس الذي كان يديره مجموعة من الروحانيين ويفتقد للعناصر المتعلمة اكاديمياً آنذاك، والسبب الأخر يتعلق بعبد المهدي ذاته، الذي لم يجد متسعاً له في احزاب دينية عقائدية كحزب الدعوة الاسلامية حاضنة له، ولم يرغب الأخير في ضمه الى صفوفه، وهو ايضاً المحمل بعداءات قديمة، وحقد شخصي وراثي على الثورة المجيدة في تموز 58. اليوم يضيف لمعارفنا عبد المهدي موهبةً أخرى حين اكتشفنا أنه ممثل بارع ايضاً، تصوروا أن الرجل قادر على اجادة فن التمثيل الى درجة مذهلة، فعند ضريح ماوتسي تونغ الزعيم الشيوعي الصيني العظيم الذي جدد في الماركسية الليننية واضاف في حركتها طوراً ثالثاً من خلال سلسلة من التجارب النظرية والفتوح الفلسفية، واعادة موضوعة النظرية الماركسية في أشكال وأطر تستوعب الحركة التاريخية، وتحارب الجمود العقدي للنظرية، وربط الممارسة العملية والعلاقة بين المعرفة والعمل، بالإضافة إلى تصحيح الأفكار الخاطئة في فهم البعض لفلسفة الحزب الشيوعي مثل"الديموقراطية المتطرفة، والفردية والذاتية، وأضاف أسلوب تحليل الطبقات الاجتماعية في المجتمعات الريفية، وقضايا الأستراتيجية في الحرب الشعبية وحركات التحرر المسلحة، ومناهضة الأمبريالية، تقول الانباء أن رئيس وزرائنا انتحب باكياً عند هذا الضريح، ماسحاً دموعه بالراية الحمراء الخفاقة هناك، حيث يرقد أحد عظماء التأريخ الإنساني، في اشارةً من عبد المهدي الى أنه سليل الحركة الماوية أيضاً، وأنه تذكر ايام نضاله في صفوف الحركة الماوية الشيوعية!، مع أن التاريخ الطويل والحافل للحزب الشيوعي العراقي لا يسجل ولادة حركة ماوية من صفوفه، ولا يذكر تاريخ الماوية وجود أي تنظيم عراقي، بإستثناء حركة عزيز الحاج الإنشقاقية الفاشلة التي حاولت فيها ان تميل بعض الشيء الى فكرة الكفاح المسلح التي بشر فيها ماوتسي تونغ عبر انشاء الحاج لتنظيم القيادة المركزية الذي انهار بمجرد اعتقال زعيمه عزيز الحاج وظهوره على شاشة التلفاز الرسمي وهو يدلي بإعترافاته المهينة والمذلة !، فعلامَ يبكي أبو هاشم عند ضريح ماو يا ترى!، ولمن أراد ان يبعث برسالة ما، وهو امام وفد " عرمرم" من المسؤولين الذين اصطحبهم الى الصين في زيارته الأخيرة، فهل أراد عبد المهدي مثلاً اثبات حقيقة مشكوك في صحتها، عن انتسابه للماوية قديماً، وأضفاء بعداً فكرياً في تحولاته السياسية المثيرة للجدل، وتنقلاته الفكرية ما بين بعثي واسلامي شيعي، يمشي في مواكب المعزين، ويوزع الأطعمة مرتدياً وشاح "السادة الأخضر"!، وبينهما يريد عبد المهدي أن يقول أن " تحولاته ليست انتهازية سياسية إنما هو تحرك فكري تجريبي مستمر والدليل " أني كنت ماوياً في يوم ما، لأكتشف أن " الاسلام هو الحل"! وانقلب عليه أخيراً، ولسنا هنا في معرض الاعتراض على تحولاته، أو على اسلاميته، أن كانت فعلًا نظرية للخلق والأبداع والتطوير، فإسلاميو تركيا حققوا المعجزة، وحولوا تركيا من بلد غارق في الفساد والفوضى السياسية الى اقتصاد قوي، وقوى رادعة في العالم، وها هو اردوغان الاسلامي _ وان كنا نتحفظ عليه _ يفتخر بما أنجز، فبمن سيفتخر عبد المهدي "البعثي، الماوي، الاسلامي غدا؟!
*
اضافة التعليق