اسياسيل ..الثقب الأسود في العراق : أرهاب ونفوذ اجنبي وغسيل أموال

بغداد- العراق اليوم:

هذا هو الملف الأخر، من ملف شركات الهاتف النقال العاملة في العراق، ملفُ لا يقلُ خطورة عن ملفات ساخنة اخرى، لا يزال العراق يئن منها، لكن الأخطر فيه أنه ملف يمس العصب الأقتصادي للعراق، ويمس كذلك العصب الأمني، بمعنى أننا أزاء قضية تمس جوهر الأمن القومي للبلاد، في ظل تكاسل الجهات ذات العلاقة عن تأميم هذه الشركات لصالح الدولة، وسكوتها عن بقاء ملف الإتصالات خارج نطاق السيطرة، وخضوعه للرقابة الأمنية، وهو أمر نادر الحصول في أكثر الدول ديمقراطيةً، فكل الدول تعد ملف الاتصالات من الملفات السيادية، لذا فهي لا تطمئن لأي شركة محلية في إدارته بالكامل، فكيف يسمح العراق ان تدس دول منافسة، بل ومعادية، أنفها في ملف خطير كهذا. اليوم، ورغم مواصلتنا كشف فساد شركة (زين) في حلقات لن تتوقف. نفتح في دات الوقت ملف شركة  أسياسيل، شركة الاتصالات التي تعود مليكتها من طرف خفي الى قيادات نافذة في الاتحاد الوطني الكردستاني، وبالسر الى قطر، حيث تتحكم هذه "الدويلة" بالنسبة الأكبر من أسهم الشركة، والكل يعرف ما هي ومن هي قطر، وما نوع طموحها وتدخلها في العراق، لنعرف عن أي كارثة نتحدث.

قطر .. أسياسيل واجهة للتجسس وتنفيذ مأرب أخرى!

يكشف نائب رئيس الجمهورية السابق، والسياسي العراقي النافذ عن دور تخريبي قطري مدمر في العراق، ولهذا النفوذ أدوات اقتصادية معلومة، ومن هذه الأدوات، هي شركة الاتصالات هذه، حيث تمتلك  قطر من خلال شركة أريدو حصة 65% من شركة آسيا سيل للاتصالات (المسجلة كشركة عراقية)، تقوم الشركة بالتنصت على السياسيين والتنفيذيين العراقيين لأغراض معلوماتية، وللضغط عليهم لضمان إزالة ما يعترض تواجد الشركة القطرية في العراق وعملها المخابراتي وهو ما حدث -على سبيل المثال لا الحصر- مع رئيس مجلس النواب العراقي سليم الجبوري، والذي تدخل لإنقاذ الشركة، وعدد من النواب الذين اشتراهم قاسم زغير الراوي، بعد أن تمكن بعض المسؤولين الشرفاء في هيئة الإعلام والاتصالات من الحجز على أموال الشركة في أكثر من مصرف عراقي لحين سداد الضرائب المتأخرة عليها لصالح الدولة والتي تزيد عن 250 مليون دولار أمريكي.

واجهة لغسيل الأموال!

تقوم شركة آسيا حوالة، والتي يمتلكها زرنك فاروق مصطفى رسول، كردي -وأهم أذرعه وزير الكهرباء قاسم الفهداوي -المنتمي للحزب الإسلامي وهو من مالكي مجموعة فاروق الطبية في السليمانية- بعمليات غسيل أموال وصفقات فساد ضمن كيانات أهمها مجموعة فاروق الطبية في السليمانية وفنادق الملينيوم الثلاثة في السليمانية ومعامل الإسمنت ومعمل تدوير النفايات ومعمل الزجاج الجديد، وتعمل هذه الكيانات بالتعاون والتنسيق مع أحد قيادات حزب الاتحاد الوطني الكردستاني -نتحفظ على ذكر اسمه مؤقتا- وباستخدام مطار السليمانية لإيصال الأموال، حيث تقوم هذه الكيانات بعمليات غسيل أموال وصفقات الفساد وقد شملت صفقة عقدها وزير الكهرباء قاسم الفهداوي مع زرنك في بيته في مجمع الوزراء، تضمن إحالة رسوم الجباية ودفع فواتير الكهرباء والرواتب وغيرها عن طريق الهاتف، مقابل نسبة من عمولة التحويل والعملية الالكترونية التي تتم من خلال مراكز البيع المباشر للشركة الأم ”آسيا سيل“. كما كشف مدير قسم التحقيقات في "آسايش" (قوات أمن) السليمانية العقيد اسكندر في تصريح لإذاعة "صوت أميركا"، عن اختفاء مبلغ 980 مليون دولار من مدينة السليمانية، تحت عناوين "الحوالات والبورصة والخدمات الالكترونية" من قبل شركات غير مرخصة، وقد ذهبت الأموال إلى حدود محافظة نينوى لمساعدة إرهابيي داعش.

تأمين الشبكة لعناصر داعش!

من الأمور الغريبة والمثيرة للشك، أن الشركة لم توقف خدماتها المقدمة ابان سيطرة داعش على محافظات نينوى وصلاح الدين والانبار، مما اثار الكثير من اللغط حول استفادة داعش من خدمات الشبكة في التواصل فيما بينهم، فيما أن الجيش العراقي والقوات المحررة لم تكن بحاجة الى خدمات هذه الشبكة، نظراً لوجود شبكة اتصالات مؤمنة بالكامل للعمليات وعصية على الاختراق، فما الذي دفع بالشبكة لابقاء تغطيتها في تلك المناطق، هذا الأمر اثار عدد من النواب الذي كشفوا عن احالة ملف قضية شركة اسياسيل للقضاء بسبب كثرة مخالفاتها في مجال تقديم الخدمات للمواطنين المشتركين لديها, بينما طالب اخرون بفتح تحقيق حول قضية استمرار خدمة الاتصالات للشركة في المناطق التي كانت تحت سيطرة داعش الإرهابي ,محمّلين  لجنة النزاهة التقصير وعدم القيام بواجباتها القانونية والادارية التي نص عليها التشريع الدستوري للقيام بالتحقيقات اللازمة التي تقتضيها الملفات للمخالفات المالية لشركات الاتصالات ومنها شركة اسياسيل. وقالت النائب عن التحالف الوطني نهلة الهبابي  إن “ملف  شركة اسياسيل احيل الى لجنة النزاهة للقيام بجميع الاجراءات القانونية والادارية والقضائية بحق القائمين على الشركة لكونها اثبتت الكثير من المخالفات  في طريقة تقديم خدماتها  للمستخدم” . واتهمت الهبابي لجنة النزاهة بعدم القيام بواجباتها القانونية والادارية  والتي نص عليها التشريع الدستوري للقيام بالتحقيقات اللازمة  التي تقتضيها الملفات المفتوحة ، والتي يتم رصد وثائق تؤكد قضايا مالية تدخل في ابواب الفساد ، مشيرة الى ان تأجيل البت واجراء التحقيقات بحق الشركة يخرج من دائرة عمل البرلمان وان عدم محاسبة من يثبت عليه ملف الفساد او على اي شركة  هي مشكلة في عمل المحكمة الاتحادية ” . وتابعت “يجب ان تقوم لجنة الخدمات والمحكمة الاتحادية بعملهما في رصد واصدار الاوامر بحق مخالفات الشركة ، مشيرة الى ان مقاتلي البيشمركة يمتلكون خطوطا مجانية وقد تنحاز شركة اسيا سيل في تقديم خدماتها الى منطقة الاقليم بشكل أفضل من الخدمات المقدمة في بقية المحافظات التي تعاني بطئاً في تحميل بيانات الانترنيت على الرغم من المبالغ العالية التي تؤخذ مقابل تلك الخدمات . وقال عضو اللجنة القانونية صادق اللبان  ان “على السلطات الخاصة وهيئة الاتصالات والاعلام فتح تحقيق خاص لمعرفة أسباب بث خدمة الاتصالات في المناطق التي كانت تحت سيطرة داعش وحقيقة ارتباط الشركة بالإرهاب. وأضاف ان “دولة قطر كانت وما زالت تمارس ادوارًا سلبية ضد العراق وساعدت على دعم الإرهاب في المنطقة ولا شك ان أي مصلحة لقطر في العراق تأتي لدعم الإرهاب وحواضنه. وتابع اللبان قوله اذا ما ثبت تورط شركة اسيا سيل في دعم تنظيم داعش في العراق فسوف نطالب بطردها فورا ومصادرة كل املاكها وغلق مقارها ومعاقبة كل من تعاون مع الشركة. مجلس محافظة بغداد دخل على الخط، واعلن من جانبه إن “لجنة النزاهة البرلمانية فتحت ملف مخالفات شركة  آسياسيل للاتصالات بسبب المخالفات الكثيرة التي سجلت على الخدمات المقدمة من قبل الشركة والشكاوى المقدمة من قبل مستخدمي الشبكة ” . وأضاف أن “اغلاق الملفات المفتوحة لشركة اسياسيل للاتصالات وعدم عرضها من قبل النزاهة للتحقيقات والمساءلة القانونية تم من خلال بعض الشخصيات السياسية  داخل الحكومة لكونها المستفيدة من اسهم داخل الشركة ، مبيناً ان “الكثير من شركات الاتصالات مرتبطة بعدد من الشخصيات السياسية المتنفذة داخل الحكومة ” . هذا هو الجزء الأول من سلسلة فضائح ومخلفات هذه الشركة، ونعد القارئ الكريم بمواصلة فتح هذا الملف وبمصادر موثوقة، الفاتاً للرأي العام والحكومي الى خطورة ابقاء هذا الملف سائباً بهذه الطريقة مما يجر على العراق الويلات..فأنتظرونا...

علق هنا