بغداد- العراق اليوم:
لم يفعلها نظام سابق، ولا أي نظام سياسي يمتلك الحدود الدنيا من اللياقات الأدبية، والحس الوطني، في مهاجمة ابناء شعبه، وإتهامهم بتهم مخجلة، كما فعلها النظام الصدامي البعثي المنهار، في مطلع تسعينات القرن الماضي، حين شنت صحيفة " الثورة" سيئة الصيت، هجوماً لاذعاً على أبناء جنوب العراق، متهمةً اياهم، بأنهم بقايا الأسرى والسبايا الذين نقلهم محمد بن القاسم الثقفي من بلاد السند مع الجاموس في حملته الشهيرة التي امتدت من 90 الى 96 للهجرة، وحاولت المقالات التي حملت عنوان " لماذا حصل ما حصل" وهي سلسلة من الاساءات الممنهجة والقبيحة بحق ابناء الشعب العراقي الاصلاء، في البصرة وميسان وذي قار، والسبب كما يعرف الجميع هو الانتفاضة الشعبية الهادرة التي انطلقت من هذه المدن الشريفة بوجه النظام الديكاتوري في آذار عام 1991، فما كان من النظام سوى ردة الفعل السيئة هذه، قبل ان يبتدأها بحملة ابادة جماعية وتهجير لابناء هذه المدن، واستتبعها بكارثة تجفيف الأهوار التي هزت الضمير العالمي، ولعل من المفيد التذكير بمقاطع من هذه المقالات، التي اتهم عبد الجبار محسن (توفي لاحقاً) بتدبيجها، لكنه تبرأ منها، متهماً صدام ذاته بكتابتها، والاشراف على نشرها شخصياً، ومن هذه المقالات نستقطع مثلاً هذه العبارات من مقالة، ضمن هذه السلسلة بعنوان (التعصب الشيعي فساد إخلاق أهل الهور)، : “إن هذا الصنف من الناس بوجه عام، كان مركز إيواء ونقيضة غير شريفة لعناصر الشغب والخيانة التي اجتاحت جنوبي العراق ومن الفرات الأوسط في الأحداث الأخيرة، وإذا ما عرفنا كل هذا وغيره كثير، وعرفنا أن بعض هذا الصنف من الناس في أهوار العراق هم من أصول جاءت مع الجاموس الذي استورده القائد العربي محمد القاسم من الهند. وعرفنا أن من أبرز عاداتهم سرقة ممتلكات الخصم عندما يتخاصمون، وحرق دار القصب التابعة لمن يتقاضون منه أو يتنازعون معه، سهل علينا تفسير الكثير من ظواهر النهب والتدمير والحرق والقتل وانتهاك الأعراض التي أقدم عليها المجرمون المأجورون.” انتهى النص. ولعل الرد جاء سريعاً، حين انتفض الصحفي المغيب ضرغام هاشم الموصلي، انذاك بالرد على هذه الاساءات الممنهجة، ودفع الرجل ثمناَ باهظاً حين غيبه النظام، ازاء هبته الشريفة هذه، دفاعاً عن عرب العراق، وجمجمته، ومعناه، ومحتواه، فكيف، لا يتفجر المرء غيضًا، وهو يقرأ هذه الاساءات الفادحة بحق اهم مكونات العراق. اليوم، يأتي الرد من موقع عالمي شهير، حين نشر دراسة مفصلة عن اصول ابناء اهوار الجنوب، حيث نشر الموقع البريطاني ، تقريرا حول الشعوب الأصلية في العالم، وفيما لفت إلى أن نسبتهم تقدر نحو 5% من سكانه، أشار إلى أن سكان الأهوار (المعدان)، والآشوريين، هم من السكان الأصليين في العراق والشرق الأوسط. وذكر موقع الـبي بي سي، أنه في 23 ديسمبر/كانون أول عام 1994 اعتمدت الجمعية العامة للأمم المتحدة اليوم العالمي للشعوب الأصلية الذي يصادف 9 أغسطس/آب من كل عام، وهو تاريخ انعقاد أول اجتماع للفريق المعني بالسكان الأصليين التابع للجنة تعزيز وحماية حقوق الإنسان. وأضاف: وفي عام 1990 أعلنت الجمعية العامة للأمم المتحدة عام 1993 السنة الدولية للشعوب الأصلية، كما أعلنت في العام ذاته عن العقد الدولي للشعوب الأصلية في العالم وذلك بهدف تعزيز التعاون الدولي من أجل حل المشاكل التي يواجهها السكان الأصليون في مجالات عديدة مثل حقوق الإنسان والبيئة والتنمية والتعليم والصحة والتنمية الاقتصادية والاجتماعية. وأشار إلى أن موقع الأمم المتحدة الذي يُعرف بالشعوب الأصلية بـأنها شعوب تنحدر من السكان الأوائل في بلدان كثيرة، وتختلف ثقافاتهم وأديانهم وأنماط تنظيمهم الاجتماعي والاقتصادي اختلافا بارزا، ويعيش كثيرون منهم في أكثر من 70 بلدا تمتد من المناطق القطبية إلى الأمازون وأستراليا. ولفت الى ان عدد السكان الأصليين في العالم يقدر بنحو 370 مليون نسمة أي أقل من 5 في المائة من سكان العالم، ولكنهم يمثلون 15 في المائة من أفقر السكان، وهم يتحدثون بأغلب لغات العالم البالغ عددها 7 آلاف لغة، بحسب موقع الأمم المتحدة. وفيما نبه ألى أن هناك العديد من المجموعات التي تمثل السكان الأصليين في أنحاء العالم مثل الهنود الحمر في قارة أمريكا الشمالية وسكان أستراليا الأصليين، تسائل الموقع: لكن من هم السكان الأصليون لمنطقة الشرق الأوسط وشمال افريقيا؟، وأردف، أن مجموعة العمل الدولية لشؤون السكان الأصليين، وهي منظمة حقوقية عالمية تهتم بالدفاع عن حقوق الشعوب الأصلية، تقول إن هناك مجموعات عديدة تمثل السكان الأصليين في هذه المنطقة وأبرزها:
سكان الأهوار (المعدان)
يعيش المعدان في منطقة الأهوار في جنوب العراق ولكن تناقصت أعدادهم بدرجة كبيرة في العقود الأخيرة. وكان عدد كبير منهم قد تعرض للاضطهاد في عهد نظام صدام حسين. وتعرض موطنهم الاصلي ( الأهوار) إلى التجفيف خلال عهد صدام مما دمر مصدر عيشهم وبالتالي طريقة حياتهم الفريدة. كما أنهم ما يزالون حتى الآن يعانون من الأحكام المسبقة ولا توجد تشريعات لدعمهم وحمايتهم.
بدو النقب
وبدو النقب في إسرائيل مجموعة أخرى من الشعوب الأصلية ونصفهم يعيش في قرى لا تعترف بها الدولة ولا تقدم لها الخدمات في ما يقيم جزء منهم في مدن مخططة من قبل الحكومة.
الأشوريون
وهم من الشعوب الأصلية في هذه المنطقة ويعيشون في إيران والعراق وسوريا وتركيا وقد عانوا في السنوات الأخيرة جراء بسبب العنف والاضطرابات التي عاشها العراق في اعقاب الغزو الامريكي للعراق عام 2003. كان عدد الآشوريين في العراق قبل الغزو الأمريكي نحو مليون ونصف المليون وتراجع عددهم الى نحو ربع مليون شخص في الوقت الراهن. وتعاني هذه المجموعة من الاهمال والتمييز من قبل حكومات المنطقة. وتعرض الآشوريون إلى عمليات قتل واسعة النطاق خلال الحرب العالمية الاولى في تركيا الحالية ولم يبق منهم في شرقي تركيا سوى بضعة آلاف واجمالي عددهم حاليا في تركيا اقل من خمسين الفاً.
الأمازيغ
وهم السكان الأصليون في الجزائر وتونس بحسب مجموعة العمل الدولية لشؤون السكان الأصليين، وفي الجزائر تم الاعتراف بلغتهم تامازيغت في الدستور وكانت الجزائر قد تبنت الإعلان العالمي لحقوق السلكان الأصليين ولكن لأن الحكومة لم تعترف بوضعية السكان الأصليين للأمازيغ فلا يوجد إحصاء رسمي لعددهم. وكذلك الحال في تونس حيث تبنت الحكومة الإعلان العالمي لحقوق السكان الأصليين ولكن لم تعترف بوضعية السلكان الأصليين الأمازيغ وبالتالي لا يوجد إحصاء رسمي لعددهم ،ولكن تشير بعض التقديرات إلى أن نحو مليون شخص في تونس يتحدثون لغة التامازيغت.
*
اضافة التعليق