قائد عسكري عراقي يرسم بريشته الخبيرة صورة للحرب الايرانية الامريكية القادمة

بغداد- العراق اليوم:

  حرب الجحيم ...

بقلم الفريق الركن /احمد عبادي الساعدي

هنالك مثل متداول بين الاوساط يقول ان التاريخ يعيد نفسه.. نعم يعيد نفسه على من لم يقرأ التاريخ بشكل جيد ويستخلص منه الدروس والعبر..

منطقة الشرق الاوسط منذ القرن الماضي ميدان للصراعات والحروب الدموية سواء بين شعوبها او الاحتلال الخارجي ولطالما هنالك كيان مسخ يسمى الكيان الصهيوني لن تستقر ابداً منطقتنا وستبقى ساخنة باحداثها، واهداف اسرائيل لاتنتهي بحلمهم الصهيوني من الفرات الى النيل  بل تريد ابتلاع العالم باسره، وهذا التوسع، والعدوانية للعالم منبثقة من ايديولوجية الصهاينة  المريضة..  

ان منطقتنا مقبلة على حرب لو اندلعت ستكون حرب جحيم، ونيرانها لن تستثني بلداً ابداً ، وستكون ساحة الصراع اغلب بلدان المنطقة ابتداء من فلسطين وسوريا والعراق ولبنان وايران وافغانستان وباكستان واليمن ودول الخليج العربي باكملها، وهنا سنتطرق الى شكل الحرب المحتملة بين اطراف الصراع الامريكي - الاسرائيلي - الايراني برؤية عسكرية  استراتيجية، ورؤيتنا مبنية على اساس الافتراض لبيان صورة عن شكل الحرب بين اطراف الصراع وتاثيراتها على منطقة الشرق الاوسط برمتها..

1- شكل الحرب سيكون معقداً للغاية، حيث ستشمل دولاً عديدة وبمساحات واسعة النطاق وتاخذ انواعاً متعددة، منها نظامية واخرى غير نظامية، ولن تكون حربا خاطفة مثل ما يروج لها الاسرائيليون، بل ستكون حرباً طويلة الامد، وفي جبهات متعددة وهذا ماصرح به الجنرال قاسم سليماني عندما قال "هم من يبدأ الحرب ولكن نحن من يقرر نهايتها وستلقي هذه الحرب بظلالها على الاقتصاد العالمي وتسبب ازمة بالنفط مع ارتفاع بالاسعار "..

2- كيف تكون الحرب ؟.

ستكون الحرب بثلاث خيارات:

 الخيار الأول.. ان تقوم اسرائيل باشعال شرارة الحرب ويكون الصراع " اسرائيلي ايراني"، وامريكا تؤمن كل مستلزمات الحرب والمساعدات للجيش الاسرائيلي.

 الخيار الثاني.. تقوم امريكا بشكل مباشر بالحرب وبمساعدة اسرائيل والدول الحليفة بالمنطقة مثل دول الخليج وغيرها.

 الخيار الثالث.. كلاهما يقومان بتنفيذ الحرب بشكل مشترك، وسيكون مسرح العمليات العسكرية الاسرائيلية، لبنان وسوريا، أما مسرح العمليات العسكرية لامريكا، فسيكون ايران بشكل كامل مع مساعدة بعض حلفاء امريكا بالمنطقة.

3- الغاية من الحرب ..

اذا كان الامريكان يفكرون باسقاط النظام الايراني فهذا امر مستبعد لاسباب عديدة منها عسكرية واخرى سياسية..

السبب العسكري.. تحتاج امريكا الى قوات برية تجتاح ايران ونحن نعتقد ان اي هجوم بري سيكتب له الفشل لكون جغرافية ايران لاتساعد القوات الامريكية ولن يكون تحركها بسهولة وستقع خسائر فادحة بالقوات الامريكية وهذا ما لايرغب به القادة الامريكان ولا  الشعب الامريكي، فهو غير مستعد لحرب فيتنامية اخرى او لمثل تجربة الحرب في العراق، ولن يذهبوا قطعاً الى مستنقع الموت والجحيم.. اذن علينا استبعاد ذلك الخيار خاصة وان الشعب الايراني شعب مقاتل وعنيد في قتاله، مع وجود حالة الالتفاف حول الحكومة وان صح الوصف، فشعب ايران يحب وطنه، والتضحية والاستشهاد دفاعاً عن بلادهم جزء من ثقافة العامة.

ان ما يفكر فيه الامريكان وغايتهم من الحرب حسب اعتقادنا، هو تطويع النظام الايراني وفرض ارادتهم بالقوة، ولكن سيحصل ذلك باعلى ثمن..  وبالخسائر لكلا طرفين الصراع"

4- ماهي الاهداف العسكرية التي يتوخاها الامريكان بالحرب؟.. والجواب: ستشمل المفاعل النووي ومحطات الكهرباء، والسدود، وخزانات الماء، والمقرات الحكومية ومعسكرات الجيش الايرانية، وكذلك الحرس الثوري، والموانئ، وعقد المواصلات، ومحطات المياه الثقيلة، وقواعد جوية ومطارات" "والمقرات السياسية" واماكن الشخصيات المهمة"ومصافي النفط وابار النفط ومنصات التصدير" وخطوط نقل النفط" واي اهداف اخرى لها التاثير على سير العمليات العسكرية والاقتصادية ومحطات التلفزيون والاذعات ومقرات الوسائل الاعلامية.

 

5- مجرى العمليات العسكرية المحتملة..

تبحث اسرائيل وامريكا عن شرارة الحرب لتخلق الاسباب والظروف لها من اجل اقناع الراي العام والعالمي وخارج التخويل الاممي كما فعلت بالعراق..

أ- هجوم اسرائيلي على المنشأت النووية الايرانية .. تقوم الطائرات الاسرائيلية بالغارات الجوية على المفاعل النووي الايراني مع ضربات صاروخية لاهداف محددة تستوعب الضربة الاولى، ويبدأ رد الفعل بقيام الحرس الثوري في سوريا بتوجيه ضربات صاروخية نحو اهداف اسرائيلية منتخبة، ويقوم الجيش السوري بتقديم الدعم والاسناد له مع عناصر من حزب الله ويتزامن ذلك مع الهجوم الجوي والصاروخي وهجوم الكتروني يستهدف المنظومات الالكترونية والرادارات بهدف الكشف الجوي، لتستمر هذه الحرب بين الطرفين دون تدخل من قبل امريكا بشكل مباشر وتبدأ النداءات السلمية تنطلق من الامم المتحدة والدول الاخرى بتقديم الدعوة للسلام والتفاوض دون جدوى، لكون شرارة الحرب اشتعلت والارادات صلبة في بداية الحرب والخيارات مفتوحة ونتوقع ان تتوسع دائرة الحرب بشكل تدريجي لتشمل قواطع اخرى، لكنها تبقى ضمن نطاق الحرب الجوية والصاروخية ودفاعات جوية وحرب الكترونية مع عمليات بسيط بالبحرية.

ب- تقوم اسرائيل وبدعم من امريكا بهجوم جوي وصاروخي بمحورين الاول اتجاه حزب الله ومنشأته العسكرية، والمحور الثاني باتجاه المنشاءات النووية الايرانية..

هنا ساحة المعركة لربما نتصورها فقط ضمن مسرح عمليات لبنان وايران ولكن تطورها سيكون سريعا جدا، ومن المؤكد سيقوم حزب الله بهجوم بري واحتلال بعض القصبات شمال اسرائيل مما يضطر الاسرائيليون بإقامة المعركة البرية مع حزب الله ومقاتلي الحزب الذين هم مدربون بشكل جيد وتجهيزاتهم عالية المستوى والعامل المهم لديهم الاستعداد المعنوي والعقائدي وهذه الصفة تضفي ميزة قوة الى مقاتلي حزب الله، مما يجعل المقاتلين يحققون اهدافهم باقل الخسائر واسرع وقت وخصمهم لن يتمتع بالروح القتالية العقائدية ولكن  من الممكن ان يكون متفوقا عليهم بالاليات العسكرية ولكنها لن تحسم معركة ابداً بتلك الدبابات والاليات طالما كان الجانب المعنوي مترديا.. هكذا عرفنا الجنود الاسرائيليين دائما.

اما الجبهة الايرانية فستقوم بالرد على الاهداف الاسرائيلية ولربما يتدخل المقاتلون الحوثيون بالقيام ببعض الفعاليات العسكرية بمضيق باب المندب والتعرض للبواخر والقطع البحرية الاسرائيلية ..

ج-اسرائيل وامريكا كلاهما ضد ايران .. تشن اسرائيل عدوانها على الاهداف العسكرية ضمن قاطع لبنان وسوريا .. وامريكا تشن غاراتها على ايران وهنا تصبح دائرة الحرب واسعة جداً وتشمل العراق واليمن والخليج العربي ولبنان وسوريا وتصبح المعارك براً وبحراً وجواً  ولربما تاخذ الحرب مسار اكثر تدميرا لمنطقة الشرق الاوسط مع احتمال تدخل روسيا لحماية سورية حفاظاً على مصالحها.

6- من المؤكد ان بعض الدول العربية ستشارك بالحرب ضد ايران سواء عبر تقديم التسهيلات العسكرية او الدعم المالي او استخدام الفضاء والممرات الجوية وحتى المشاركة باسراب من الطائرات، وهذا الموقف سيعقد الظروف ويساعد على توسيع دائرة الصراع ولن يساهم ابدا في ايجاد اليات وحلول سلمية تضمن استقرار المنطقة..

7-  الحرب في منطقة الشرق الاوسط ستكون مدمرة وتترك اثارها لعقود من الزمن القادم وليس هنالك بالحرب منتصر طالما ذلك النصر مطرزا بدماء الابرياء وتجويع الشعب وتشريده لذا نعتقد ان تغليب العقل والمنطق على لغة قرقعة الصواريخ والطائرات وتدمير المدن والانسان هو الذي سيسود الواقع.  ان الدبلوماسية والحلول السياسية هي الاقرب لحفظ المنجزات ولكن اذا فرضت الحرب من قبل الاطراف الاخرى فسيصبح الدفاع عن النفس من اقدس العبادات والشهادة في سبيل كرامة الاوطان، واشرف وانبل نهاية لكل انسان وامة.

  ندعو الله جل وعلا ان يمن على الامة الاسلامية بالامان والسلام ويحفظ دماءهم من كيد الاعداء..

علق هنا