بغداد - العراق اليوم :
يرى مراقبون ومختصون، ان قطاع النقل في العراق الذي يعد شرياناً اساسياً في عملية البناء والتنمية والتقدم، متخلف للغاية، بل ويعتبر من ابرز معوقات عملية التنمية التي تنشدها الدولة العراقية. فهذا القطاع (أي النقل)، لا يزال كما الكثير من القطاعات الحكومية الأخرى، يعاني بحسب الخبراء، من فقدان كفاءة الاداء، والترهل الوظيفي، وتفشي الفساد في مفاصلهِ، وصولاً الى تولي زمام أمره اشخاصٌ، اقل ما يقال عنهم، أنهم غير جديرين بموقع فخم وكبير ومهم، مثل موقع وزير في وزارة النقل. وللأمانة، فإن بعض وزراء النقل السابقين مثل هادي العامري وباقر صولاغ قد نجحا بعض الشيء في إدارة هذه الوزارة (ونقول بعض الشيء ليس أكثر)،رغم أن العامري وباقر صولاغ يفتقدان للكثير من المواصفات الفنية المطلوبة لإشغال موقع وزير النقل، لكنهما عوضا تلك النواقفص الفنية بشخصيتيهما المقبولة، والديناميكية التي تتفاعل مع الحالات، والمتغيرات حسب ظروفها وأوضاعها المخنلفة، فضلاً عن إتزانهما، وجديتهما، وقد شفع لهم تاريخهم السياسي، وحضورهم الواضح في الساحة الوطنية والجهادية الحالية، لا سيما العامري الذي يحظى بإحترام وإعتزاز شعبي واسع، وبقبول أقليمي لا يمكن إنكاره. لذا فإن العامري وصولاغ يبتعدان بُعد الأرض عن السماء حين يقاس الأمر بالإستحقاقات الوزارية، مقارنة بزميلهما كاظم فنجان الحمامي. الذي يفتقد لمزايا العقل، والحضور الشخصي، والكياسة، والكارزما، والمنطق.. وبإختصار فإن كاظم فنجان قد بطش بمنصب الوزير، وأهانه، وأذله حتى أوصله خلال أشهر معدودة، الى الحضيض.. فمنصب وزير النقل كما يعلم الجميع يحتاج لشخص يملك الكثير من التنوير والمهارة المميزة والتخصص النوعي والوعي الحضاري.
والسؤال الآن: لماذا يحتاج وزيرالنقل الى الوعي الحضاري؟ والجواب: لأن العلاقة بين منصب وزير النقل، والمتعاملين معه، لا تتم مع أية جهة، ولا مع أية مؤسسة، إنما تتم في أغلب الأحيان مع شركات، وشخصيات وموظفين من نوع خاص. لذلك تجد (الوظيفة البسيطة) في شركات، ومؤسسات الطيران مثلاً، تحتاج الى مؤهلات، وثقافة، ومواصفات لا تتوفر في جميع الأشخاص، فما بالك بوظيفة وزير، وزير يقود مؤسسات الطيران، والسكك، والموانئ، والنقل البري، وغير ذلك من المؤسسات الحيوية والفعالة في البناء والتنمية والتقدم. لقد أردنا من كل هذا أن نقول، أن وزارة النقل، وكذلك وزارة النفط، ووزارة الصحة، ووزارة التخطيط، تحتاج لوزراء من نوع خاص. وزراء يملكون كفاءات خاصة، ومزايا خاصة، ومهارات وخبرات وشهادات فنية راقية، وليس الى مرشد بحري، أو مضمد متقاعد؟! فكلنا يعرف جيداً أن سائق القطار ليس مثل سائق السيارة، وأن (العربنجي) لا يمكن أن يقود طائرة.. فكيف تسلم طائرة الابوينغ الجديدة 737 الى عربنجي؟ والمصيبة أن فنجان ليس ( عربنجي) فحسب، إنما هو مجنون رسمي، ويعاني من نوبات " هلوسة"، ويشهد في ذلك كل من عرفه؟ والمصيبة الأعظم أن هذا المجنون يفتقد الى المستشار الخبير والنزيه لينصحه في ما يفعل، وما لا يفعل.. وهذا ما يحدث في مواقع الكثير من الوزارات في العراق وخارج العراق، لكن مستشار فنجان المدعو ظافر زوري الجبوري، وهو رجل يفهم في آلية العمل فنياً، وله خبرة طيبة في هذا الميدان، ويمكن أن يكون لفنجان عوناً، وسنداً، لكن فاقد الشيء لا يعطيه، لأن الجبوري ( بزنس مان) يعني بالعربي الفصيح (تاجر)، ويملك شركة شحن جوي، وله علاقات تجارية مع جهات أجنبية، وقد كان موقع (العراق اليوم) قد نشر من قبل بعض الوثائق عن علاقات الجبوري المشبوهة بتلك الجهات.. وعلى هذا الأساس فإن النزاهة ستصبح في وزارة النقل حلماً مستحيلاً.. إذ كيف يكون المستشار مخلصاً، ونزيهاً، إذا كان في نفس الوقت (تاجراً)، يضع يداً في (خرج التجارة)، والأخرى في (خرج) الحكومة، التي يعمل مستشاراً لأحد وزرائها؟! وهنا يقول الخبير المعروف في شؤون النقل البري علي عبد المطلب في حديثه مع العراق اليوم، ان " وزارة النقل تعد من بين اكثر الوزارات العراقية التي تحتاج الى عملية اصلاح عميقة تطال بنيتها الادارية العليا وصولاً الى المفاصل الدقيقة، الا ان هذا لم يحدث، بل تمت مضاعفة تراجعها خلال الفترة الماضية اكثرمن أي وقت مضى" ويشير الى ان " الوزارة تعاني الان من فقدان بوصلة توجيه العمل فيها، فمثلاً اسطول النقل البري العملاق الذي كان العراق يمتاز به على دول الشرق الاوسط برمتها، جرت عملية تفكيكه بشكل تدريجي وصولاً الى انهياره بالكامل في عهد فنجان الذي لا يعرف أي شيء عن هذا الاسطول، فيما تولت جهات داخل الوزارة وخارجها عملية تفكيك هذا الاسطول لغرض التعاقد مع شركات القطاع الخاص من اجل عمولات مليارية"! فيما يشير الخبير عبد الجبار الجبوري، في مقالة منشورة له، الى ان وزارة النقل تساهم في تكبيد العراق خسائر بملايين الدولارات، جراء عدم قيامها بالمنافسة في القطاع السككي، وخصوصاً في مجال نقل البضائع والسلع، حيث لم تجرِ الوزارة أي تحديث على هذا القطاع الحيوي الذي يجب ان يكون مورداً هاماً للوزارة لا ان يتحول الى قطاع خاسر كما هو الحال في ظل ادارة فنجان . فيما يقول المراقب للشؤون المحلية عبد الرحيم الشويلي، في حديث لـ " العراق اليوم "، ان " وزارة النقل تتربع على عرش اكثر الوزارات العراقية فساداً الان، والسبب يعود الى ضعف الوزير الحالي كاظم فنجان، والاستعانة بمستشارين فاسدين في الغالب ". الشويلي يضرب مثلاً، باستعانة الوزير كاظم فنجان بمستشار، لديه شركات خاصة في قطاع النقل، يدعى ظافر زوري الجبوري، والذي يتحكم الان بالوزير والوزارة، ويمرر ما يشاء من عقود والتزمات مالية لصالحه الخاص، بعلم وتواطؤ الوزير الحمامي، الذي يجد نفسه الان عاجزاً عن ايقاف تغول هذا المستشار الذي باتت له اليد الطولى في التحكم بالوزارة ككل. هذا الحديث، له ما يؤكده على ارض الواقع، وله ما يسنده من الأمثلة التي تيدهش القراء، لكننا سنكتفي بما عرضناه في هذا التحقيق.. وسنزيد عرض المزيد مستقبلاً، إن وجدنا فائدة في ذلك ..