بغداد- العراق اليوم:
سؤال منطقي ومشروع، ذلك الذي يمكن ان يطلقه اي متابع او قارئ بسيط، او محلل، او وسائل اعلام محترفة، عن مدى الهجمة الاعلامية التي يتعرض لها بعض الوزراء دون غيرهم، ومدى حجم الاستهداف السياسي الذي يطالهم على خلفية قضايا لا تتعلق بالجوانب الفنية او المهنية او الوظيفية التي يمارسونها، لا من قريب ولا بعيد، اللهم سوى انها مجرد استهدافات يراد بها غير ظاهرها، او كما يعبر الامام علي عليه السلام بأنها كلمة حق يراد بها باطل، فالمتابعة والتصريح والانتقاد النيابي للوزراء حق مشروع ومكفول قانوناً، لكن ان يستخدم هذا الحق في غير موارده وان يذهب به اصحابه الى غير مقصده، فتلك برأينا هي المسألة. مناسبة هذا الحديث، هي استمرار نواب كتلة الحكمة النيابية، باعادة تشغيل ذات القوانة المشروخة ضد وزارة الاتصالات ووزيرها الدكتور نعيم الربيعي، حيث ان هذه الوزارة تعمل منذ تسنم الربيعي لدفتها بقوة واخلاص من اجل تنشيط واقع الاتصالات واعادة بناء قطاع دمرته سنوات من الادارة غير المختصة وملفات الفساد المتراكمة، وعقود غامضة وصفقات ما انزل الله بها من سلطان، ادت الى تخريب بنية الاتصالات التحتية، واجهزت على اي فكرة لبناء قطاع اتصالات وطني آمن، وشرعت مفاهيم الخصخصة، واهدرت فرص التنمية الذاتية لشركات الوزارة المملوكة للقطاع العام، وسط هذا الخراب الهائل يحاول الوزير الربيعي ان ينقذ ما يستطيع انقاذه، بل وان يعيد قراءة كل الملفات وتصحيح الانحرافات بعقلية الخبير المختص، والوزير التكنوقراط، ولكن هذا الامر لا يعجب نواب الحكمة ولا تيارهم، لذا لا يجدون من ملف او وسيلة للضغط على هذا الوزير سوى التلويح بملف المساءلة والعدالة، وكأنهم اكتشفوا سراً خطيراً او ملفاً يدين الرجل، فيما ان الحقيقة غير ذلك، وهذا الملف ملف قانوني بحت، وتحويله لاداة تسقيطية او محاولة ابتزاز مفضوحة؛ لن يأتي بجديد ما دامت سيرته الوظيفية معروفة وخط خدمته الوطنية واضح، كما ان الرجل شغل مناصب مهمة في اجهزة وطنية هامة بعد سقوط النظام البعثي الصدامي لا داعي لذكرها الان، للحق لا غيره نقول ان الوزير الربيعي انجز مهاماً حقيقية كبرى، رغم قصر الفترة التي مرت على استيزاره، فلماذا كل هذا الاستهداف لهذه الشخصية الكفوءة؟ لقد ذكرنا تصريح النائب عن الحكمة حسن فدعم أمس بكل لهاث نواب وسياسيي تيار الحكمة خلف وزير الاتصالات ومحاولات اسقاطه بكل الاثمان، دون ان يسألوا انفسهم عن عدد (الرفاق) البعثيين في قيادات تيار الحكمة، وكم من أبناء (الرفاق والرفيقات) المتنفذين اليوم في ذات التيار الذي ينتمون اليه، ولو عرضنا السؤال على النائب حسن فدعم صاحب التصريح الاخير ضد الوزير الربيعي، فهل سيصدق القول ويؤيد لنا بتواجد آلاف البعثيين واولادهم تحت راية هذا التيار المبارك، وفيهم من تولى مسؤوليات كبرى، وفيهم الناطق الرسمي بأسم الحكمة السيد ابو كلل نفسه، أم ان السيد النائب سيحتاج الى ان نذكر لها بالأسماء والوقائع الكثير من هؤلاء.. فلماذا إذاً يستهدفون الناس بتهم واهية وينسون انفسهم وتيارهم؟ ثم الا يقودنا هذا الاستهداف المتكرر والممنهج من هذه الكتلة دون غيرها الى تأكيد الاحاديث التي تدور هنا وهناك عن خشية" فرسان" التيار من فتح ملفات الفساد الهائلة التي يعتزم الربيعي فتحها في قطاع الاتصالات، وان هذه التصريحات هي جزء من الحرب الاستباقية التي تشن على الرجل لتخويفه واسكاته، لا سيما مع الحديث عن صلة تجارية بين تيار الحكمة وبين شركة كبرى تسيطر على ٦٠% من قطاع الاتصالات الخليوية في العراق؟ هل نفهم ان سياسة التلويح هي جزء من ستراتيجية الاخضاع التي تتقنها الكتل السياسية كلما احست بخطر يقترب من مصالحها التجارية ونفوذها المالي؟ اسئلة لا يجيب عليها سوى هذا الاستهداف الغريب لرجل لم يكمل نصف عام في الوزارة، ولا يزال يواجه الاتهامات من"فدعم" وجماعة فدعم دون هوادة، فيما يتغاضون عن مئات، بل الاف من البعثيين الذين صعدوا عبر تيار " السيد " نفسه الى ارفع المناصب وأخطر المسؤوليات، ولعل من حسن حظنا وسوء حظهم، ان هؤلاء " الرفاق" أحياء يرزقون، بل ان بعضهم مازال متربعاً على كرسي منصبه بفضل التيار، و " بركات " السيد دام ظله !.
*
اضافة التعليق