بغداد- العراق اليوم:
بالتزامن مع توجه مجلس النواب العراقي الى الغاء مكاتب المفتشين العامين في الوزارات والمؤسسات، ورغم اعتراضنا على هذا القرار لما ينطوي على مخاطر ومشاكل جمة، الا ان تنفيذ هذا القرار يعني الغاء منصب مفتش وزارة الداخلية الذي اسند مؤخرا الى المحامي جمال الاسدي، المستشار السابق لنائب رئيس الجمهورية عادل عبد المهدي والذي استفاد - أي عبد المهدي - من توليه لمنصب وزير الداخلية وكالة، لإعادة تنصيب المقربين منه والذين عملوا في مواقع المسؤولية معه حينما تولى المناصب السابقة، فكان جمال الاسدي صاحب الحظ الاوفر بهذه التعيينات المجانية، لكونه يرتبط بعلاقة قرابة او صداقة حميمة مع عائلة عبد المهدي، كما انه عمل سابقاً مستشارا للمجلس الاعلى، ومقرباً من دوائر القرار السياسي فيه حينما كان عبد المهدي عضواً فاعلاً في تشكيلاته، قبل ان ينزوي ويتوارى تمهيدا للظفر بمنصب رئاسة الحكومة. فالاسدي الذي لم يكن قانونياً يشار له بالبنان ولا ذا خبرة حقوقية طويلة لكن ما أهله لكل هذا هو العلاقات القرائبية والنفعية والمصالح المتبادلة؛ ليكون في واجهة القرار السياسي والقانوني دون وجه حق او استحقاق، وقد يبدو ان الحديث عن الاستحقاق مجرد حديث فارغ في ظل شيوع مفهوم الزبائنية الحزبية والزج بمن لاعلاقة لهم في المناصب والمواقع ذات المسؤوليات الكبرى. لكن اليوم ثمة موضوعاً يشغل بال الاسدي يتعلق بإحتمال الغاء مكاتب المفتشين العامين فعلاً، حيث يذهب تفكير الاسدي الى مكرمة اخرى يتأملها من صاحب الفضل عليه، وهي الترشيح رئيسا لهيئة النزاهة في العراق، بمعنى ان الرجل يدور على المناصب حيث شاء وشاء داعموه النافذون، فيما يركن الالاف من القضاة والحقوقيين واصحاب الخبرة والكفاءة لصالح محام مغمور قليل الخبرة الوظيفية، كثير الحديث عن منجزات مصطنعة في الغالب. والسؤال الاهم هل ان اعادة التدوير وتولية رجل واحد لمناصب متعددة في مختلف الحكومات، تعني ان رئيس الوزراء لا يرى اي كفاءات قادرة سوى الحلقة المحيطة به، ام ان في الامر ابعاداً اخرى لا نعرفها، ثم ان تسمية رجل قانوني بسيط بموقع امني خطير، وفي هذا المستوى المهني المتقدم يثير الف علامة استفهام وتعجب يجب ان تناقش باستفاضة في اطار الاصلاح السياسي المزعوم. بقيت مسألة مهمة يتوجب طرحها، وهي ان مناصب المفتشين العامين، مناصب مهنية قانونية فنية صرفة، ولا يسمح - وقد أكد عبد المهدي بنفسه ذلك - للحزبية، والتمثيل الحزبي بالوصول لهذه المواقع! وأذا كان هذا المقاس قانوناً يطبق في اختيار وتعيين جميع المفتشين العامين، فكيف اصبح جمال الاسدي مفتشاً عاماً وهو رجل حزبي ينتمي حزبياً الى تنظيم الحكمة، الذي يتزعمه السيد عمار الحكيم، وقد اعلن السيد عمار بنفسه ذلك، حين قدم وبصوت عال في يوم اعلان تاسيس الحكمة اعضاء هذا التنظيم السياسي ذاكراً جمال الاسدي بالإسم كعضو قيادي في تشكيل الحكمة. ومن لا يصدق ذلك، فليمضي بنفسه الى فيديوهات يوم اعلان تأسيس الحكمة، ليسمع السيد عمار وهو يذكر الاسدي بالاسم والحضور؟ على السيد عبد المهدي ان يصحح هذا الخطأ، ويتوقف عن المضي في هذا التجاوز، وأن ينسى والا الابد قصة مصرف الزوية، بكل اشخاصها وادواتها، و "مطمطمي" صفحتها السوداء .. خاصة وان جمال الاسدي يعتبر لوحده صفحة سوداء، فما بالك، بالعميد آزاد، ومن كان على شاكلة كاكه آراد ؟
*
اضافة التعليق