بغداد- العراق اليوم:
عبدالزهرة محمد الهنداوي
دعوني اكشف لكم سرّا ، فإلى وقت قريب وعندما اسمع احدهم يردد كلمة "بوبجي" كنت اعتقد انه يقصد "گولچي" بمعنى "حارس المرمى" !!.. وكنت اعلل ذلك ، اما انني لم اسمع الكلمة جيدا ، أو ان الشخص لديه مشكلة في النطق !! .. ولكن فجأةً اكتشفت عمق جهلي في قصة "البوبجي" هذه ، وذلك عندما اردت ان اركن سيارتي في احدى الساحات ، وبقيت انتظر الشاب المسؤول ان يرفع العارضة لكي ادخل ، إلا انه بدا منهمكا مع هاتفه لدرجة انه كان يحاول اختراق الجهاز والخروج من الجهة الاخرى !! ، ولم تنفع معه "الهورنات" التي يطلقها اصحاب السيارات الذين اصطفوا خلفي ، فما كان مني الا ان اترجل لاستطلع الامر ، وقفت على رأسه فوجدته يمارس لعبة الكترونية في جهاز الهاتف ، المهم انه انتبه له بعد كلام ، قلت له "شبيك" اي ماذا دهاك ؟!! ردَّ عليّ منزعجا ، انها لعبة "البوبجي" وان تركتها الان سيقتلونيي !! .. قلت له "الگولچي" لايُقتل ، بل هو اكثر اللاعبين اماناً !! ضحك الشاب حتى كاد يستلقي على قفاه من شد الضحك !!..، ثم فتح لي العارضة وهو ينظر اليّ نظرة اشفاق !! وبصراحة ان ضحكة ذلك الشاب ونظرته اليّ لم تفارق مخيلتي ، فرحتُ اسأل الاصدقاء والمقربين عن "البوبجي" فاكتشفت انني (نايم ورجلية في الشمس) ، ف"البوبجي" لعبة الكترونية انتشرت بين مختلف شرائح المجتمع انتشار النار في الهشيم ، وهي واحدة من اخطر الالعاب التي تؤدي الى تنمية العنف في نفوس الشباب لانها تقوم اساساً على عملية قتل الاخرين الذين يصل عددهم الى ١٠٠ شخص ، والفائز فيها هو الذي يتمكن من قتل ٩٩ شخصا ليبقى هو وحده حيّا !! ، وهنا رُبَّ قائل يقول ، انها لعبة افتراضية ، وهي ليس سوى تسلية يمارسها الشباب لقضاء الوقت !! .. نعم ، قد يصحّ مثل هذا الكلام لو ان الواقع كان بعيدا عن هذا العالم الافتراضي .. ولكن الامر مختلف جدا ، فمضاعفات وتداعيات هذه اللعبة باتت تمثل خطرا داهما ينبغي ايقاف انتشاره ، وخطرها يشبه الى حد كبير جيشاً مدججاً بمختلف الاسلحة التقليدية وغير التقليدية ، يغزو بلدا ويعيث فيه قتلا ونهبا وتشريدا ولن يبقي من اهله باقية !!.. فعندما نتتبع الاخبار ونقرأ الواقع نجد ان لعبة "البوجي" التي اصبح عمرها اقل من سنتين ، باتت اللعبة رقم (١) في العراق ، والكثيرون انهمكوا فيها حتى نسوا مهامهم وواجباتهم !!.. وينقل لنا اصدقاؤنا ان ممرضاً في احد مشافي العاصمة بغداد رفض انقاذ حياة طفل يرقد في احدى الردهات ، فالممرض كان يلعب"البوبجي" ، وعندما يطلب منه والد الطفل مساعدة ابنه ، يجيبه ، وهل ترضى ان اموت ؟!!!.. وهناك الكثير من القصص المرّوعة التي نسمعها بسبب الادمان على هذه اللعبة الخطيرة ، التي اثّرت على الحياة الاسرية ، وتسببت في تراجع مستوى الاداء لدى الكثيرين من موظفي الدولة ، وانخفاض المستوى التعليمي عند طلبة الجامعات والاعدادية وحتى المتوسطة وربما الابتدائية ايضا .. ومثل هذه التداعيات ، ان لم يتم ايقافها ، فانني اتوقع حدوث انهيار شامل امام جنود "البوبجي" المدججين باسلحة التخريب .. يجب ان يصار الى اجراءات رادعة ، لاسيما في مؤسسات الدولة المدنية والامنية ، والجامعات ، من خلال حظر اللعبة ، ان كان ذلك ممكنا ، او على الاقل محاسبة ممارسيها خلال اوقات الدوام ، وكذلك حتى القطاع الخاص ، هو الاخر ينبغي عليه مراقبة العاملين لديه ، ومنعهم من ممارسة هذه اللعبة اللعينة ، اما اذا كان ربّ العمل "بوبجيا" فشيمة العاملين " البوبجة" بالتأكيد !!! والامر لايقتصر على مؤسسات الدولة وحسب ، انما مطلوب من الكتّاب وقادة الرأي ووسائل الاعلام المختلفة ، ورجال الدين ، إيلاء هذه الظاهرة اهتماما خاصاً من خلال التوجيه والتحذير من مغبة نتائجها الوخيمة .. وإلا ، سيُخرّب جنود"البوبجي" كل شيء .. ولات حين مندم ..!!
*
اضافة التعليق