بغداد- العراق اليوم: هناك مثل شعبي عراقي شهير، يمكن أن يختزل ما يحدث الآن في ملف الفياض الذي حير الألباب، وأسال الكثير من الحبرِ ، وشغل الأوساط السياسية في العراق وخارجه، المثل يقول: " فلان يفصل قاط على زرار"، بمعنى أن الترضيات والتسوية تضطرك الى أن تستحدث شيئاً غير متوقع وغير منطقي، لكنك مضطر، ومن أضطر غير باغ !! في ملف الفياض الذي لا يزال عقدة المنشار في حكومة عبد المهدي، لا يزال تحالف البناء الذي أنتمى له فالح الفياض بعد انسحابه من قائمة النصر التي أسسها حيدر العبادي، محكوماً بعقدة الرجل الذي يريد من " البناء"مكافأته ومجازاته على خدماته التي قدمها، من خلال تقويض ائتلاف العبادي وقطع الطريق امامه للظفر بمنصب رئاسة الحكومة مجددًا، لذا يجد الفياض نفسه اليوم في موقع الذي قدم خدمة يجب ان يكافئ عليها بمنصب وزاري كبير يليق بحجم ما قدمه من خذلان للعبادي !! هذه العقدة الحاكمة، هي التي تدفع تحالف البناء بقواه الحشدية وغير الحشدية الى هذا التمسك، فيما أن الطرف الأخر، ونعني تحالف الاصلاح الذي يقوده الصدر والحكيم ومعهم العبادي، مصرون من جانبهم على حرمان الفياض من " قبض" ثمن اتعابه الناتجة عن حرمانهم من حرية الحركة السياسية، والاستيلاء على الجمل بما حمل، فوضعوا "فيتو" امام الفياض الطامح لوزارة الداخلية فتوقفت عجلة حكومة عبد المهدي عن الدوران، فيما لا يملك الرجل - أي رئيس الوزراء- سوى قضم الايام وانتظار انفراج عقدة الفياض التي اصبحت تقض مضجعه، وانتهت لتتحول الى ملف دولي، دخلت ايران وسوريا ولبنان والسعودية على خط تسويته، وفي ظل التجاذب الحاد بين المحاور، أبقت كل الأطراف أمر وزارة الداخلية معلقاً لصفقة كبرى قد تنتهي باغلاق الملف بتسوية، يمكن الحاق الفياض بها، ويبدو أن المعلومات الواردة من بيروت مؤخراً تسير بهذا الاتجاه، وتحاول ان تضع حلاً مرضيًا للطرفين السياسين المتخاصمين بسبب الفياض، ولكن أي حل هذا الذي يأتي على حساب الدولة العراقية، والمواطن العراقي الذي أصبح أخر هموم القوى السياسية. فالحل المقترح من عبد المهدي، والمدعوم -أي المقترح -من اطراف داخلية وخارجية، يقضي باستحداث وزارة في حكومة عبد المهدي ذات الـ 23 وزارة، تحمل اسم وزارة الامن الوطني، بحيث تفصل على مقاس فالح الفياض، وترفع عدد الوزارات الى 24 وزارة، باستحداث وزارة مقابل السماح بتمرير وزير أخر للداخلية العراقية العالقة في حقيبة الفياض بلا سبب منطقي، ولا علة موجبة لهذا الاستخفاف بوزارة معطلة تمس حياة 38 مليون عراقي، فتبقى بلا وزير، وتعلق كافة اعمالها، وتشل حركتها في ظل ظرف أمني دقيق وحساس كهذا الذي يمر به العراق. بصراحة لا يمكن التعليق بأكثر أن ما يحدث في ملف الفياض والداخلية، وحلول الاستحداث هذه، الا بالقول أنها مهزلة حقيقية، وواحدة من بدع عملية سياسية عرجاء، لا تزال تعمل بنظام ترضية الخواطر، وتعطل حياة الناس لعيون شخوص، لم يعرف لهم العراقيون قوى خارقة، ولا مهارات امنية علمية وتجريبية عظيمة، ولا مقاماً رفيعاً لا يمكن تخيل حياتهم بدونه، فإلى متى سيستمر هذا الأمر، وكيف يمكن للقوى السياسية أن تقتنع ان ما تفعله لن يؤدي الى ثورة شعبية عارمة تجاه هذا الاستهزاء العلني بعقول العراقيين ومشاعرهم ودمائهم!! أن هذا الاستحداث الوزاري أن حدث، فسيكون أخر رصاصة بصدر حكومة عبد المهدي التي ولدت ميتة سريرياً، وها هي محاولات انعاشها تجري ولكن من أين ؟، للأسف من رئة ميتة متوقفة هذه المرة !!
*
اضافة التعليق