بغداد- العراق اليوم:
بقلم احمد عبد السادة
الكثير من الناس يعرفون قطعاً بأن مجاهد أبو الهيل لم يحصل على الشهادة الإعدادية، ولكن القليل من الناس - وبالأخص معارفه وأبناء منطقته وبعض أصدقائه القدامى - يعرفون جيداً بأن مجاهد لم يحصل حتى على شهادة الدراسة المتوسطة!!، فمجاهد المولود في عام 1977 في قرية "مچري السادة" بناحية الفهود بمحافظة ذي قار، غادر العراق إلى إيران برفقة عائلته في عام 1992، وعمره لا يتعدى الـ15 عاماً، وكان حينها طالباً في الصف الثالث المتوسط، أي أنه لم يتمكن من إكمال دراسته المتوسطة ولم يحصل بالتالي على شهادة الثالث المتوسط، ومن هذه النقطة بالذات نعرف بأن مجاهد حاصل على شهادة الدراسة الإبتدائية فقط!!. أثناء تواجده في مدينة "قم" الإيرانية لم ينخرط مجاهد بالدراسة في المدارس الإيرانية الرسمية، وإنما اكتفى بالدراسة في حوزة "الإمام الهادي" وحوزة "السبطين" بمدينة "قم" حتى عام 2001، وهي دراسة غير رسمية ولا تمنح أي وثيقة تخرج رسمية. في عام 2001 استثمر مجاهد وجود منحة دراسية لطالبي اللجوء العراقيين في إيران عن طريق أحد الأحزاب العراقية المعارضة، فقام بتزوير شهادة إعدادية عراقية وتصديقها في مقر هذا الحزب في طهران من خلال الاستعانة ببعض معارفه، ليلتحق بعدها بالدراسة الجامعية في جامعة "قزوين" في عام 2002، ثم انتقل للدراسة في جامعة "أصفهان" في العام نفسه. عندما باشر مجاهد بالدراسة الجامعية (في العام الدراسي 2002-2003) في جامعة "قزوين" استنادا إلى شهادة إعدادية عراقية مزورة تفاجأ بعض الطلبة العراقيين بوجود مجاهد على مقاعد الدراسة في الجامعة لعلمهم بأنه لا يملك شهادة إعدادية، لكنه أشاع بأنه عبر الحدود الإيرانية العراقية باتجاه شمال العراق ودرس في إحدى مدارس أربيل وحصل منها على الشهادة الإعدادية!!، وهي قصة مفبركة ومضحكة وغير معقولة أبدا لأن كل معارف وأصدقاء مجاهد في "قم" يعرفون بأنه لم يغادر إيران إطلاقا منذ اللجوء إليها في عام 1992 وحتى سقوط نظام صدام الدكتاتوري في عام 2003. بعد سقوط نظام صدام عاد مجاهد مباشرةً إلى العراق قبل أن يكمل مرحلته الدراسية الأولى في جامعة أصفهان، وباشر بعد أشهر قليلة بعمله في وزارة الثقافة العراقية بصفة مدير مكتب وكيل وزارة الثقافة جابر الجابري، أي بمعنى أنه انقطع عن الدراسة في جامعة أصفهان وانشغل بعمله الجديد، لكن بعد سنتين فقط (وتحديداً في العام الدراسي 2005-2006) جلس مجاهد فجأة على مقاعد الدراسة في جامعة بغداد/كلية الآداب/قسم علم الاجتماع كطالب في المرحلة الثالثة!!، بعد أن زود الجامعة بشهادة إعدادية إيرانية مزورة، وهنا نتساءل: متى وأين أكمل مجاهد المرحلتين الأولى والثانية من دراسته الجامعية في ظل انشغاله بدوامه اليومي في وزارة الثقافة ببغداد؟!!!. تجدر الإشارة هنا إلى أن مجاهد لم يزود كلية الآداب بدرجات المرحلتين الدراسيتين اللتين يدعي بأنه قضاهما في جامعة أصفهان كما طلبت منه اللجنة التدقيقية التي شكلت في الكلية لهذا الغرض. بعد انكشاف مسألة شهادته الإعدادية الإيرانية المزورة، وبعد قيام كلية الآداب بمطالبته بجلب صحة صدور لهذه الشهادة المزورة، وبعد عجزه عن الإتيان بصحة صدور لهذه الشهادة التي حصل استنادا إليها على شهادة البكالوريوس والماجستير، قام مجاهد بتزوير شهادة إعدادية إيرانية أخرى مختلفة تماماً عن الأولى!! (الشهادتان المزورتان منشورتان أدناه)، وقدمها أيضاً لكلية الآداب، لكنه - في غمرة تخبطه ورغبته المحمومة بإخفاء تزويره - أغفل حقيقة مهمة وهي أنه حصل على البكالوريوس والماجستير بناءً على الشهادة الأولى وليست الثانية، ولذلك كان عليه أن يأتي بنسخة "مصدقة" من الشهادة الأولى إذا كان غير مزور فعلاً، لا أن يأتي بشهادة ثانية مختلفة ويفضح نفسه ويؤكد تزويره، وبالتالي فإن الشهادة الثانية باطلة تلقائياً ولا يمكن اعتمادها قانونياً، وخصوصاً في ظل وجود فروقات وتناقضات وإشكالات عديدة بين الأولى والثانية سأوردها في النقاط التالية: أولاً: الشهادة الأولى تشير إلى أن المدرسة الإعدادية التي درس بها مجاهد اسمها "معلم"، في حين تشير الشهادة الثانية إلى أن اسم المدرسة هو "ابن سينا"!!، وهو أمر يؤكد التزوير لأنه من المستحيل أن يدرس مجاهد في مدرستين إعداديتين مختلفتين في وقت واحد!!. ثانياً: رقم الطالب في الشهادة الأولى هو 4587219 ، في حين أن الرقم في الشهادة الثانية هو 5104587219 ، وهو أمر يتعارض مع طبيعة النظام التعليمي المعتمد في إيران منذ 20 سنة تقريباً، والذي يقتضي وجود رقم واحد وثابت وغير متغير للطالب. ثالثاً: معدل الدرجات في الشهادتين مختلف تماماً، ففي الأولى نرى أن المعدل هو 19/71 (المعدلات بالمدارس الإيرانية من 20 وليست من 100)، وهو معدل مرتفع لا يحصل عليه حتى الفطاحل في اللغة الفارسية!!، أما في الشهادة الثانية فالمعدل هو 17/37 . رابعاً: المنطقة التعليمية مختلفة في الشهادتين، ففي الأولى نرى أن المنطقة التعليمية هي الرابعة، أما في الثانية فإن المنطقة التعليمية هي الأولى!!. خامساً: الكارت الأخضر لمجاهد والخاص باللاجئين العراقيين في إيران يحمل اسم مجاهد أبو الهيل بدر الموسوي، في حين أن الشهادة الثانية تحمل اسم مجاهد أبو الهيل بدر الجابري!!، وهو أمر يناقض السياق المتبع في إيران والذي يعتمد على الاسم الموجود في الكارت الأخضر!!. سادساً: العبارة الموجودة أسفل الشهادة الثانية تنص ترجمتها على ما يلي: "هذه الوثيقة من نسخة واحدة فقط، ولا يصدر منها استنساخ ولا بدل (ضائع أو تالف) ولا نسخة ثانية مطلقاً". وهذه العبارة تؤكد بأن هذه الشهادة لا علاقة لها بالشهادة الأولى المزورة التي قدمها لكلية الآداب في عام 2004 والتي حصل من خلالها على البكالوريوس والماجستير، وإنما هي شهادة جديدة صدرت فقط قبل سنتين كما يشير تاريخ إصدارها، وذلك لأن القانون الإيراني يجيز منحها وإصدارها لمرة واحدة فقط ويمنع إصدارها لمرتين!!. سابعاً: الملحقية الثقافية في طهران أيدت فقط الشهادة الثانية وأهملت الأولى، وهذا يعني بأن الملحقية شريكة أيضاً بعملية التستر الكبيرة على تزوير مجاهد. إن مجاهد أبو الهيل لم يزور شهادة إعدادية واحدة فقط، وإنما قام بتزوير 3 شهادات إعدادية!!، وبالتالي فإن قضية تزويره الدراسي ترقى إلى مستوى الفضيحة الكبرى، بل ترقى إلى مستوى أكبر فضيحة تزوير دراسية بعد عام 2003، خاصةً إذا ما عرفنا بأن هناك رؤوساً سياسية وإدارية كبيرة متورطة في قضية التزوير هذه وفي عملية التستر عليها أيضاً!!.
محضر اللجنة التدقيقية في كلية الآداب بجامعة بغداد بخصوص شهادة مجاهد أبو الهيل المزورة
*
اضافة التعليق