مسؤول كبير في وزارة النفط يسأل : هل خبرة وكفاءة فلاح العامري في النفط أم في الباذنجان ؟!

بغداد- العراق اليوم:

ثمة مفارقة مضحكة مبكية في عراق اليوم، تتمثل بوجود مفاهيم والقاب واستعارات خارج دلالاتها اللفظية، وثمة تسطيح رهيب لكل شيء حد التفاهة، ولم يعد هنالك خط فاصل بين الحقيقي والدعي، كما لم تعد هناك حدود تفرز بين الكفاءة من عدمها، والخبرة من غيرها، فهذا التداخل العجيب في ميادين الحياة، ضيع الحقيقة على المتابع، والبس الجميع لبوساً ليس على مقاساتهم، فصارت الالقاب مثل (دكتور، خبير، مستشار، كفاءة ، اكاديمي، شيخ، ناشط...الخ) تباع وتشترى بشروى نقير ، او حتى دون ذلك، فأصبحنا امام ظاهرة واسعة اسمها جيوش من المدعين الذين يملؤون بطن الدولة ويعتاشون على ريعها.

حتى غدا اطلاق احد هذه الالقاب مثاراً للسخرية والتندر بين الناس، فحين يتلاطف (سواق الكيات) في احد الكراجات بينهم، يطلقون على الأقل فيهم وعياً بالخبير، ويصفون افشلهم واكسلهم بالدكتور، وهكذا دواليك، في اشارة الى ان الكثيرين ممن يحوزون هذه الالقاب الرنانة هم في الواقع ليسوا مدعين لا غير، مع احترامنا وتقديرنا الكبير لأهل الخبرة الحقيقية، واصحاب التعليم العالي الحقيقي، غير المزيف.

لكن المشكلة ان الدولة العراقية اليوم مبتلاة بشكل جدي بمرض اسمه جيوش المستشارين والخبراء الذين في الغالب هم تنابلة لا عمل لهم ولا وظيفة، سوى مرافقة هذا المسؤول، وتقديم فروض الولاء والطاعة لذاك، فضلاً عن ابرام الصفقات والعقود التي فيها ما فيها من السرقات والنهب للمال العام.

وهناك واحد من هولاء المستشارين الزائفين، كان قد اعيد للعمل في وزارة النفط بصفة مستشار، او خبير لا ندري، رغم كونه قد احيل للتقاعد لأكثر من تسعة اشهر، بعد ان بقي مديراً عاماً لشركة سومو طوال ١٣ عاماً، متحكماً فيها وبمفاصلها، وقد أعيد استثناء ًمن جميع الضوابط !

 فهذا (المعاد) واسمه فلاح العامري كان قد تحدث لوسائل الاعلام بعد ساعات من انتهاء اجتماع منظمة اوبك الاخير في فينا، وتماماً بعد ان اتخذ الاعضاء قراراً جماعياً بتخفيض نسبة التصدير ، الامر الذي اسهم برفع اسعار  النفط حالاً، حسب مبدأ العرض والطلب في اسواق النفط، وليس بسبب عبقرية وكفاءة وخبرة فلاح العامري، الذي تشدق وتباهى وادعى في حديثه الموثق ذاك، بان الفضل في تحقيق هذا المنجز يعود له، و(للجهود العظيمة، والحركة المكوكية الفاعلة) التي قام بها وزيره ثامر الغضبان!

ان هذا الكذب المفضوح، سواء في التباهي، والادعاء الشخصي الزائف، أو بالتملق والتزلف لوزيره الغضبان، أمر  مكشوف لدى الجميع، بحيث اصبح حديث العامري عن بطولاته، وجهود وزيره في اجتماع اوبك، محل سخرية وتندر العاملين في وزارة النفط العراقية، مما دفع احد المسؤولين الكبار فيها، الى ان يعلق على موضوع تباهي فلاح العامري بخبرته وكفاءته، بالقول:

(في حقيقة الامر ان فلاح العامري، ليس متخصصاً في علوم النفط، ولا خبيراً في شؤونه، ولايملك ادنى خبرة او كفاءة، فالرجل كان يعمل لفترة طويلة موظفاً عادياً في شركة التأمين الوطنية، وهي شركة بسبطة جداً لا يحتاج فيها المرء الى مواهب فذة او عبقريات عظيمة للعمل موظفاً فيها، فهي مثل اية دائرة حكومية عراقية، يقبل فيها اصحاب الشهادات المتوسطة والثانوية والجامعية، كما انها بعيدة كل البعد عن تخصصات النفط ونظرياته وعلومه الصعبة، لذا -والقول لم يزل للمسؤول النفطي الكبير ، الذي رفض الاشارة لإسمه- بان الحديث عن الارتفاع في اسعار النفط دون الحديث عن عامل التخفيض في الانتاج هو حديث باطل تماماً.

فالعلاقة بين سوق الطلب والعرض وتأثيرها على الاسعار، أمر بات يعرفه حتى الاشخاص البسطاء، وليس اصحاب التخصص فحسب !

ويكمل المسؤول الوزاري حديثه قائلاً:

والمثير في الامر،  ان هذا المستشار، وفي اول اطلالة له مع وزير النفط الحالي، بشر العراقيين بانه استطاع بمشورة ذكية منه من رفع سعر برميل النفط العراقي ٥ دولارات قابلة للزيادة، مثنياً على الوزير الجديد وعلى قدراته الاستثنائية في هذا الانجاز التاريخي ( أي قدرات المستشار العامري نفسه)!.

لكن هذا الانجاز لم يصمد لسويعات فقط ليعود النفط الى اقل من سعره قبل (الاستشارة التاريخية) ب ٧٥ سنت للبرميل، في مفارقة كلفت الدولة العراقية عشرات الملايين من الدولارات في غضون ايام،، فكيف كانت الاستشارة، وكيف انعكست، وكيف بنيت ان كانت هناك استشارة علمية فعلاً، او هي مجرد ادعاءات وابراز عضلات، رغم ان الزمن قد تكفل بكشفها بعد اطلاقها سريعا. الامر الذي يدعو للتساؤول عما اذا كانت مثل هذه الاستشارات صادرة عن خبير في شؤون النفط، او خبير في شؤون الباذنجان، الذي يقال ان سعره سيرتفع في قابل الايام، بينما يجهل مستشارنا سعر النفط الذي يقول انه احد اعمدته!.

وفي الختام وجه هذا المسؤول النفطي الكبير سؤالاً مفتوحاً عبر (العراق اليوم) قال فيه:

كيف تلغى جميع القرارات التي اصدرها العبادي وحكومته بعد الانتخابات، واثناء مايسمى بحكومة التصريف، بينما لم يلغ قرار العبادي الخاص بإعادة فلاح العامري الى الخدمة، على الرغم من ان هذا القرار صدر اثناء حكومة التصريف؟

سؤاله بريء جداً.. اليس كذلك !

علق هنا