العراق اليوم - بغداد
أنضحكُ أم نبكي على حالنا، وقد صدق من قال: شرَّ البلية ما يضحك.
من يصدقنا لو قلنا أن نائبة في مجلس النواب العراقي، وتحديداً في لجنة الخدمات المختصة بهذا النشاط، تجهل جنسية شركة (سيركو) البريطانية التي تحمي أجواء العراق منذ ست سنوات، وهي ذات الشركة التي تمكنت من إعادة الطيران العالمي للمطارات العراقية، بعد أن منحت بأسمها، وثقلها، وعنوانها العالمي العريض، ثقة لشركات الطيران الكبيرة من أجل العودة الى الأجواء العراقية، وقد نجحت في ذلك فعلاً، لكن إحتلال داعش للموصل أعاق هذا النجاح، وأوقف هذه العودة.
والشركة هي واحدة من أكبر شركات الملاحة الجوية في جميع أنحاء العالم. فهي مسؤولة عن أكثر من 96,000 ميل للمجال الجوي والتعامل مع أكثر من 6 ملايين حركة للطيران في السنة، وتوظف أكثر من 700 متخصص في مراقبة الحركة الجوية في أكثر من 75 مطار في الولايات المتحدة والمملكة المتحدة والشرق الأوسط.
ولم تكن هذه النائبة وحدها من أثار موضوع شركة سريكو، بل أن نائبة أخرى إدعت بأن ثمة شبهات تحوم حول عقد الشركة مع وزارة النقل.
ومن أجل الوصول الى الحقيقة، أجرى موقع (العراق اليوم) مراجعة وبحثاً للموضوع برمته، فقام بعرض القضية على أكثر من جهة ساعياً الى الوصول الى الأدلة الموثقة، وليس الإدعاء، والقاء التهم فقط. فذهبنا الى جمع المعلومات الدقيقة والإحاطات الشاملة، حول تفاصيل عقد شركة (سيركو)، وهل أن هناك شبهات فساد حوله فعلاً، أم أن ما أعلنته لجنة الخدمات النيابية، والنائبتان عواطف نعمة وصباح التميمي كان محض إدعاء كاذب، لا أسانيد تؤيده ولا مصداقية فيه، وطبعاً فإن هدفنا من الدخول في هذه (المعمعة) هو إظهار الحقيقة وإحقاق الحق لا غير، كي لا تمر الإدعاءات، والأكاذيب علينا حاضراً ومستقبلاً، بينما نحن راضون، وقانعون، وصامتون، دون حراك.. لذلك توجهنا أولاً الى الزميل الصحفي داود حسين مدير تحرير وكالة اخبارية في العراق، الذي قال عن هذا الموضوع:
لا أعرف ما أقول لكم في هذا الصدد، ونحن لا نعرف الشبهات التي أكتشفتها النائبتان العضوان في لجنة الخدمات، ولا يمكن الوثوق بها، والتأكد منها قبل أن نصل الى موقع الخلل، ونراه بأم أعيننا - إن كان موجوداً فعلاً، فنضع إصبعنا عليه، وقبل أن نشخص الفساد الذي تدعي النائبتان المحترمتان وجوده في العقد المذكور.. فأنا وأنتم، وغيرنا من العراقيين المحروقة قلوبهم على بلدهم المنهوب نود أن نخوض في هذه القضية الوطنية بإخلاص وحيادية، فنحن لم ندخلها إلاَّ من باب الحرص على سمعة بلادنا والخوف على سلامة أجوائنا، رغم معرفتي بأن خلف هذه الضجة منافع خاصة، ومصالح شخصية، تسعى اليها أكثر من جهة، سواء أكانت في لجنة الخدمات بالبرلمان العراقي، أو في وزارة النقل، أو لدى بعض العناصر المتنفذة في (الكتلة) التي رشحت الوزير الجديد لوزارة النقل.. كما أن لوزير النقل كاظم فنجان الحمامي أيضاً مصلحة شخصية في عدم التجديد لهذه الشركة العالمية.. وليس هناك أسرع من تشويه سمعة الشركة، وسمعة من تعامل معها .. وإذا كان هذا الإدعاء صحيحاً كما يقولون، فليأتي لنا كل من لديه أدلة على صحة إدعائه وسنكون معه في ذات الموقف ، فندعمه بقوة، لكن المشكلة برأيي هي أن أصحاب هذا الإدعاء من الذين يعزفون على وتر الفساد ، والشبهات في العقد لايملكون غير الإدعاء التعبيري إذا صح التوصيف، وأنا في الحقيقة متابع لهذا الموضوع منذ فترة ، وقد لا تعلمون بأن نفس الموضوع قد أثير من قبل النائبة عواطف نعمة أيضاً، وقد كان المستهدف وقتها وزير النقل السابق باقر جبر الزبيدي ومعه أستهدفت أيضاً شركة سيركو، لكن الإتهام فشل لعدم توفر أي دليل على شبهات الفساد، أو المخالفات في عقد الشركة. وإلاَّ فأين هو الفساد الذي يتحدثون عنه في عقد سيركو؟
واليوم يعاد نفس السيناريو، لكن هذه المرة بإضافة نقطة جديدة الى نقطة (الفساد)، الا وهي: عدم معرفة جنسية شركة (سيركو)، والمشكلة كما يبدو عويصة، والأطراف الطامعة كثيرة، والطرق متقاطعة، و(كل واحد يجر النار الى قرصه) مهما كانت النتائج مدمرة. كن الحقيقة تضل ساطعة لاتغطيها غيوم الاتهامات والمصالح الشخصية الضيقة
في قضية هذا العقد، لم يكتف الوزير السابق باقر جبر الزبيدي بنفي أي خلل، أو مخالفة في بنوده فحسب، إنما كشف ايضاً في بيان تلقى (العراق اليوم) نسخة منه، عن رفعه دعوى قضائية ضد النائبة عواطف نعمة، بعد إشارتها في أكثر من مكان لوجود شبهات فساد في عقود كانت قد أبرمتها الوزارة مع شركة "سيركو"، وهو أمر مخالف للحقيقة كما يقول الزبيدي، وغير دقيق، بل ويفتقد لأبسط المعلومات الخاصة بالتعاقدات التي تبرمها الوزارات العراقية مع الشركات الأجنبية".
واضاف الزبيدي ان "العقد المبرم مع شركة سيركو لتنظيم عمل الأجواء العراقية كان قد تم منذ عام 2010 ثم جدد ثلاث مرات في حكومة المالكي الثانية.
واستطرد في حديثه ان "قطعة الارض (10 دونم) المؤجرة للشركة المذكورة هي جزء من العقد ذاته، ومؤجرة حسب قانون بيع وايجار الدولة، وقد تم تجديد العقد نفسه في حكومة العبادي، ولذات الضرورة خوفا من توقف كافة الرحلات الجوية في الاجواء العراقية بموجب قرار من مجلس الوزراء بالأجماع".
واكد الوزير الزبيدي انه "طلب من محاميه الشخصي رفع دعوى قضائية ضد المومى اليها بتهمة التعريض والتشهير".
وإستكمالاً للموضوع، أفاد أحد المسؤولين في الرقابة الجوية بوزارة النقل - طلب عدم ذكر إسمه - بأن إدعاء لجنة الخدمات والإعمار في مجلس النواب العراقي بمجهولية جنسية شركة سيركو، أمرٌ يثير الدهشة، خصوصاً سؤال النائبة عواطف وهي تستفسر بشكل تهكمي فتقول: (هل أن جنسية شركة سيركو إسرائيلية أم أمريكية، كما أن عائديتها غير معروفة أيضاً)!
وإذا كانت (نائبة) في البرلمان العراقي، وهي عضو في لجنة الخدمات (المختصة بالأمر)، لا تعرف جنسية شركة مشهورة وكبيرة مثل شركة سيركو العالمية، التي تعمل وتسيطر على أجواء العراق منذ ست سنوات، فعلى الدنيا السلام!
والمصيبة – والكلام لم يزل للمسؤول في وزارة النقل- أن شركة (سيركو) البريطانية، المكتوب عنوانها، وجنسيتها في المخاطبات، والإعلانات، والمواقع، والمعروفة حتى لدى المواطن البسيط، لا تعرفها عضو في مجلس النواب، فتقول: أهي إسرائيلية أم أمريكية)؟!
ان اشراف شركة سيركو على الاجواء العراقية هو ضمانة كبيرة وأمينة للأمن والسلام والثقة وبصدد وجود هذه الشركة تأتي شركات الطيران والوفود والمسؤولون الأجانب الى العراق وهم مطمئنون الى سلامة الاجواء العراقية ، وبعكسه فأن العلاقة بين شركات الطيران الاجنبية والاجواء العراقية ستكون سلبية جداً. وهذا امر يعرفه جميع المسؤولين في وزارة النقل وسلطة الطيران وكل من له علاقة بالموضوع .
انتهى تصريح المسؤول في وزارة النقل، والآن نود أن نطرح السؤال التالي، ونقول: كيف يمكن لعضو في البرلمان العراقي أن يدعي جهله لجنسية هذه الشركة العالمية، وكيف يمكن لنا أن نصدق ذلك الإدعاء؟ فإذا كانت النائبة تدري فتلك مصيبة وإن لم تدر فالمصيبة أعظم. وفي كل الأحوال، فإن الإتهام كما يبدو قصدي، وغير بريء بالمرة. وإلاَّ كيف قرأت النائبة عواطف نعمة موضوع تجديد العقد، وعرفت شبهات الفساد فيه، ولم تقرأ التوصيف الرسمي لقرار مجلس الوزراء، كما ورد بالنص: (قرر مجلس الوزراء تمديد العقد المبرم مع شركة سيركو البريطانية لتقديم خدمات مراقبة الحركة الجوية والتدريب عليها لمدة سنة واحدة، وبما لا يزيد عن التخصيص الوارد في قرار مجلس الوزراء رقم 388 لسنة 2015، بعد قيام وزارة النقل بإدخال التعديلات على العقد وتمديده لمدة سنة واحدة بما يحقق المصلحة العامة).
وقبل الختام نذكر بأن عضو لجنة الخدمات والإعمار النيابية عواطف نعمة اشارت الى وجود خروقات قانونية وشبهات فساد في عقد ابرمته وزارة النقل مع شركة “سيركو”، مشيرة الى أن هذه الشركة “مجهولة الجنسية”، وتسيطر حاليا على عمل الخطوط الجوية العراقية.